مَا سَلِمُوا مِنَ الْحَسَدِ حَتَّى عِنْدَ قِرَاءَةِ الْحَسَد

14 يوليو 2025 17:26

هوية بريس – عبد المجيد أيت عبو

قال العلامة يحيى الشَّاوِي المغربي المتوفى سنة 1096هـ في كتابه: المحاكمة بين المفسرين (بين أبي حيان والزمخشري وابن عطية) في تفسيره لسورة الفلق:

“ومن غريب ما وقع بالجامع الأزهر أنَّ بعض المقرَّبِين خَتَمَ، والعادةُ حضورُ العلماء لخَتْمِ القاري، ويبحثون في ألفاظ القرآن معنًى وإعرابا على حسب الطاقة. فسأل أحدُ النجباءِ الأفاضلِ: لِمَ قَيَّد الحاسِدَ ولمْ يقيِّدِ النَّفَاثات؟ وهذا وإن كان سؤالا قديما، وهو من وقع الخاطر على الخاطر؛ فأجبته: بأن الاستعاذة من النافثات مطلقا وقت نفْثِها وغيرِه، بخلاف الحاسِد، فإنه إن اتصف قلبُه بالحسد لأجل نعمة من لم يعمل بمقتضى الحسد فلا ضرر فيه، فلا يُستعاذ منه إلا وقتَ الحسد، كما لا يستعاذ من الوصف مُطلقا؛ لأن نفي الحَسَد في قوة طلب موجِبهِ وهو النِّعمةُ على المحسود، فالطالبُ نفيَ الحاسِدِ مُعَرَّضٌ لنفي النعمة عن نفسه؛ أي الطالب. وأشرت إلى أنه جواب للمتقدمين.

فلما سَمِعَها أناسٌ كابروا وجادلوا في ردها، فأشار إليهم السَّائل أنكم حيث لم تستحسنوه فهاتوا غيره. فتَصَدَّر شِدقٌ منهم بفتح أصداغه وتقلص شفته وإعلاء صوته وإعرابه ألفاظَه المعبَّر بها، وأبرَقَ وحرَّك وأزبد وأنتج مخضَه أن قال: لو زاد في النفاثات وهذا جَمْع؛ لم يلِقْ أن يقول: إذا نفثَ، كما قال: إذا حسد. فلأجل ذلك لم يزد في النفاثات.

فتأملوا في هذا الهَذَيَان الذي يُذكر في أسرار القرآن، وهل العربيُّ الذي من غَيرِ العربِ العَرْباء يَعْجَزُ عن أن يقول: إذا نفَثْنَ، أو يُفْرِدَ النافث ويذكره ويقول: إذا نفثَ ويريد الجنس… وما ذكرتُه إلا لتِعَلْم أنهم مَا سَلِمُوا مِنَ الْحَسَدِ حَتَّى عِنْدَ قِرَاءَةِ الْحَسَد. اللهم إنا نعوذ بك من شر أنفسنا ومن شر كل ذي شر”.

قد تكون صورة ‏نص‏

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
20°
19°
السبت
19°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة