د. الودغيري يكتب: العملية محسوبة

10 سبتمبر 2021 21:51
دروس مستفادة من حرب غزة الأخيرة

هوية بريس – د.عبد العلي الودغيري

مع الأخذ بعين الاعتبار تلك الأسباب التي ذكرناها في تفسير ما وقع لحزب العدالة في انتخابات 8 سبتمبر، يبقى من الإنصاف أن نضيف ملاحظة أخرى تبدو ساطعة أمام كل ذي عينين، مُكمّلةً لما سبق قولًه وليست مناقضةً له على الإطلاق. وهي أن الصعود الصاروخي غير المسبوق لحزب الإدارة بشقّيه: شق الأحرار وشق الأصالة والمعاصرة، لم يكن صعودا طبيعيا أو تلقائيا بالمرة، وإن كان أمره مفهوما وأسبابُه واضحة لا غبار عليها. فبمقدار ما تمَّ الصعود هنا بطريقة صاروخية مفاجئة، تمَّ في الجهة الأخرى، ما يقابله من سقوط صاروخي حاد وغير طبيعي لحزب العدالة. هل جاء شكل هذا التوازي والتوازن في قوة الصعود والهبوط صدفةً؟ أم هو نتيجة تدبير وتفكير وحسابات أُعِدّ لها كلُّ شيء بمقدار؟

سنكون من السذاجة بمكان أن نفسّر مثل هذه الوقائع المضبوطة حسابيا، بالصدفة والاتفاق الطبيعي. وأن نقرأ الواقعة خارج سياقها التاريخي والسياسي، وما سبقها وواكبها وهيّأ لها من ظروف عامة وخاصة، وأن نبالغ في تضخيم دور الناخب المغربي في صنع الحدث كما مرَّ، ودور الصندوق في إفراز ما أفرز.

الناخب كان له يد بلا شك، لكن يده لم تكن مطلقة بالقدر الذي يجعلها حرة في اختيار من تشاء، ولم تكن بالطول والقوة الكافيّين لتحريك ما بداخل طنجرة الانتخابات وقَلبِه رأسًا على عَقِب بهذا الشكل العنيف والمضبوط حسابيا. لو كان الناخب المغربي قد وصل تأثيرُه إلى هذه الدرجة، واكتسب من الوعي والحرية ما يؤهّله لصنع كل ما يُنسَب له من أفعال وأحداث، لكان على جميع الدول المتقدمة أن تحسدنا على مبلغ ما وصلناه من الديموقراطية الكاملة.
هل نضحك على أنفسنا أم على الآخرين؟

هذا، لكي نستخلص في الأخير أن طريق الإصلاح، ما يزال بعيدا، والتمرين على الديموقراطية، ما يزال شاقا وعنيدا، وأن صخرة سيزيف، كلما حاولنا الصعود بها إلى القمة، تدَحرَجت وعادت بنا إلى السَّفح.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. وفي الخلاصة تمت الإشادة بالعملية الانتخابية من اطراف دولية ومن على المنبر، تشفيا في خسارة العدالة والتنمية، وكأننا بهم يتوعد ون الأتراك.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M