في معنى الدفاع عن القرآن الكريم      

29 يناير 2023 11:19
جامعة "هارفرد" الأمريكية تعترف بآية من سورة "النساء" كتعبير عظيم عن العدالة

هوية بريس – إبراهيم أقنسوس

بين الحين والآخر، يقوم بعض الأشخاص، في بعض الدول الأوربية، بتصرفات خرقاء تفتقر إلى اللياقة والإتزان؛ مثال ذلك ما أثير مؤخرا حول إقدام أحدهم على حرق نسخة من القرآن الكريم، علانية وأمام الملأ، ما يؤدي في الغالب الأعم، إلى تأجيج مشاعر الكثير من المسلمين، وقيامهم بردود أفعال، لا تخلو من حدة، يتم استغلالها، أحيانا كثيرة، لتبخيس مكانة المسلمين، والتشويش على صورتهم، في أعين المتابعين والملاحظين، عبر العالم، تمهيدا للمزيد من الإجهاز على ما تبقى من مدخراتهم، المادية منها والرمزية، من طرف أعدائهم، بمختلف أنواعهم وتعدد مراميهم.

مبدئيا، من حق المسلمين التعبير عن غضبهم، والإعراب عن عدم رضاهم، عن هذه التصرفات الخرقاء، التي تمس معتقداتهم، شريطة أن يكون هذا التعبير، بالأشكال الحضارية والمتزنة التي يؤكد عليها الإسلام، ويدعو إليها، وينتظرمن المسلمات والمسلمين، أن يصدروا عنها ويمثلوها، حتى لا يتحول تصرف أخرق ومعزول، من شخص معتوه، إلى معركة في غير موضعها؛ فالقرآن الكريم، بالنسبة إلى المؤمنات والمؤمنين به، هو كلام الله، المتعبد بتلاوته وفهمه، وتمثله وإحسان تطبيقه؛ وهو بهذا المعنى، لا يمكن أن يحرق، لأنه محفوظ في صدور العلماء والفقهاء، ومحفوظ بما شيده من حضارة، وما ساهم به من معارف ومباحث، في مختلف التخصصات والمشارب العلمية، كان لها دور كبير في بناء صرح الحضارة الإنسانية، عبر العلماء والمفكرين الذين كابدوا هذا النص الديني، واجتهدوا في قراءته، والإفادة من جواهره ومقاصده ومكنوناته؛ وينتظر من المسلمين اليوم، أن يواصلوا المسار، على هذا النهج، العلمي والأخلاقي والحضاري، وبهذا تتم حماية القرآن الكريم حقا، وهذا هو المعنى العاقل والحكيم، للدفاع عن هذا الكتاب المقدس فعلا؛ فالقرآن الكريم هو أكبر من مجرد أوراق بين دفتي كتاب، يسهل كثيرا اليوم، الحصول على نسخة جديدة منه، بلا كبير عناء، تماما كما يسهل إتلافها من طرف بعض الحمقى والجهال.

إن القرآن الكريم، بالنسبة إلى المؤمنين به والمؤمنات، أكبر من كل هذا وأعمق، ولذلك سيكون مفيدا وناجعا لو قاموا بالدفاع عن القرآن الكريم باعتماد ما يلي :

أولا : إحسان فهمه، والإجتهاد في الوعي بما يحمله، ويعد به، من قيم ومنهج وفهم وأخلاق، والإبداع في تطبيقه وتنزيل مقتضياته؛ فلا معنى لرفع الأصوات دفاعا عن إحراق نسخة من القرآن الكريم، في وقت لا نقيم فيه وزنا لتعاليمه وفهوماته ومنطقه، وما يدعو إليه من حياة، حينئذ لن يكون لردود أفعالنا، الأثر المطلوب، والدور المرغوب.

ثانيا : العمل على إسماع أصوات المسلمين، من داخل المنظمات والحكومات الغربية، بما يمكن من الدفع في اتجاه سن قوانين وتشريعات تحترم مشاعر ومقدسات المسلمين، تماما كما فعل اليهود، حيث يتابع قانونيا، كل من يجرأ على المس بمعتقداتهم.

ثالثا : العمل على إقامة كيانات اقتصادية قوية، تنهض بالمجتمعات الإسلامية، ومن شأنها أن تشكل، مصدر ضغط يتم استعماله عند الحاجة؛ فالقوة الإقتصادية سبيل ناجع ومؤثر، يساهم بشكل كبير في صناعة هيبة المجتمعات، وفي حماية قيمها ومعتقداتها ورموزها، ومرة أخرى يمكن التمثيل بأتباع الديانة اليهودية اليوم. بهذه المعاني والعناصر يمكن الدفاع عن القرآن الكريم فعلا.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M