مساهمات في النقاش المجتمعي والحيوي حول مستقبل التنمية بجهة درعة تافيلالت بعد إلغاء دورة يوليوز 2020

27 يوليو 2020 10:55
الشوباني يقاضي مجموعة من المنابر الإعلامية

هوية بريس – الحبيب شوباني / رئيس جهة درعة تافيلالت

■ المقالة الرابعة : امتحان التحديات الأربع لجعل “الديمقراطية التشاركية” في الجهة.. رافعة لتقويم اختلالات “الديمقراطية التمثيلية”..! ■

▪︎١- استهلال▪︎ :
التزمت أن أفتح قوسا سريعا لأكتب مقالة رابعة وأخيرة مخصصة لاستكمال القراءة النقدية لمبادرة “عريضة حل مجلس الجهة”، قبل استئناف الكتابة عن “حصيلة عمل المعارضة”. وللتذكير، فقد تحريت في المقالة الثالثة إجراء تقييم موضوعي لهذه المبادرة ( مفترضا أن أصحاب المبادرة لا تحركهم أي خلفية سياسية بل دوافع مدنية خالصة)، وكشفت بالدليل من نص الدستور والقانون التنظيمي للعرائض أن المبادرة بعيدة كل البعد عن هذه المرجعيات الحاكمة لفعل ترافعي يريد أن تكون له منطلقات ومآلات العريضة كما أرادها المشرع المغربي، والذي حرص على تمكين المواطنين والمواطنات من حقوق دستورية جديدة وأدوات قانونية فعالة للتأثير في مسلسل صناعة القرار العمومي؛ كما بينت أيضا أن أصحاب العريضة لم يوفقوا في تجنب الوقوع في “التحيز السياسي” رغم إعلانهم ذلك ، لأنهم لم يتخذوا الدفاع عن القانون والتنمية هدفا مركزيا يفسر جدوى مبادرتهم التي تطالب بحل المجلس . لقد استوى في لغة العريضة من حيث تحديد ” المسؤولية في عرقلة عمل المجلس “، المعارضة التي تخرق القانون وتعرقل مشاريع التنمية ، ورئيس المجلس وأغلبيته التي تقوم بعكس ذلك تماما. وهذه الملاحظة الأخيرة تشكل في تقديري أكبر عطب معنوي أضر بمصداقية المبادرة ، بحيث إن باقي الأعطاب القانونية الأخرى (ضعف مهارات الصياغة، مراعاة الجوانب الشكلية في تفعيل قانون العرائض ..) تبدو مجرد هفوات صغيرة إلى جانب هذا العطب الكبير .

▪︎٢- امتحان التحديات الأربع لجعل “الديمقراطية التشاركية” في جهة درعة تافيلالت رافعة لتقويم اختلالات “الديمقراطية التمثيلية”▪︎.

بناء على كل ما سبق، واستحضارا لانشغالات كثير من الفاعلين المدنيين الجادين الذين أتابع كثيرا مما يكتبون وينشرون، والذين يتطلعون باختلاف أطيافهم الفكرية إلى ممارسة دور طلائعي في التاثير على عمل المجالس المنتخبة بشكل عام ، ومجلس جهة درعة تافيلالت بشكل خاص؛ يمكن صياغة “سؤال إشكالي” حول العلاقة التكاملية المطلوب بناؤها بين “الديمقراطية التشاركية ” والديمقراطية التمثيلية” من أجل أن تكون الأولى رافعة لتقويم اختلالات الثانية. يقول السؤال الإشكالي في تفرعاته ما يلي :

ما هو نوع المبادرات التي يجب أن يقوم بها الفاعلون المدنيون في الظروف العادية لإنتاج فعل مدني يفرض على المجالس المنتخبة أخذ القوة الاقتراحية للمجتمع المدني بعين الاعتبار ؟ وما هو نوع هذه المبادرات في الظروف الاستثنائية ( مثلا عندما يحتدم الخلاف داخل مؤسسة منتخبة وتتضرر منه التنمية والديمقراطية معا) ؟ وهل يملك مجالنا الترابي الجهوي قدرة على التنسيق والتشبيك بين الفاعلين المدنيين كافية لإنتاج ” سلطة مدنية ترافعية مضادة ” بروح إيجابية لا تعيد إنتاج أخطاء بعض الفاعلين السياسيين ؟ بكلمة، كيف يمكن للفاعلين المدنيين أن يكونوا جزءا من الحل لا جزءا من المشكلة ؟

جوابي على هذا السؤال / الأسئلة، وباستحضار حالة مجلس جهة درعة تافيلالت ، ألخص وجهة نظري في مسؤولية الفاعلين المدنيين لرفع التحديات الأربع التالية :

•١- تحدي استدراك التأخر المسجل في ممارسة الحق في بناء جدول أعمال دورات مجلس الجهة.•

يتعلق هذا التحدي بمبادرة الجمعيات وعموم المواطنين والمواطنات إلى منافسة أعضاء المجلس في اقتراح نقط في جدول أعمال دورات المجلس، تطبيقا لمقتضيات المادة 41 من القانون التنظيمي للجهات. ( أنظر الوثيقة المرفقة / مع التذكير بأن مجلس الجهة لم يتلق أي عريضة من المجتمع المدني طيلة خمس سنوات !). إن هذا الاستدراك هو الذي سيجعل ” العرائض ” ذات أثر قانوني مباشر في خدمة التنمية، لأن الأمر يتعلق بممارسة حق دستوري.

•٢- تحدي إطلاق مبادرة اقتراح مشروع ميزانية مدنية على مداولات مجلس الجهة ( ميزانية المجتمع المدني ).•

يمكن للجمعيات في الجهة الذهاب بعيدا في رفع مستوى التحدي بعدم الاكتفاء باقتراح نقط في جدول الأعمال ؛ بل يمكنهم اقتراح ” عريضة مدنية بمثابة مشروع ميزانية مجلس الجهة “. وهذا المستوى المتقدم يتطلب كفاءات مدنية متخصصة في بلورة مقترحات ميزانياتية لعرضها على المجلس طبقا للقانون. وحيث إنه لا خلاف حول وجود كفاءات كثيرة في الجهة قادرة على ذلك، يبقى التحدي متجسدا في بلورة التنسيق والتشبيك الضروري لتحقيق هذا الإنجاز.

•٣ – تحدي إطلاق مبادرة مدنية جامعة لتجسير العلاقة بين مكونات المجلس وإدارة الحوار بين الأغلبية والمعارضة.•

لا شيء كان يمنع الفاعلين المدنيين من بلورة ” مبادرة مدنية” لفتح الحوار بين الفرقاء المختلفين في المجلس. وهذا من صميم عمل المجتمع المدني عندما يكون شريكا يقظا ومتابعا لما يعتمل في المؤسسات المنتخبة من تدافعات وصراعات قد تنحرف فيها ممارسات البعض ويضر بمصالح الساكنة. إن رفع هذا التحدي يظل مشروطا بوجود فاعلين مدنيين وازنين ويحضون بتقدير واحترام كافة الأطراف. غير أن حظوظ رفع هذا التحدي باتت ضعيفة الآن بسبب ضآلة ما تبقى من زمن الولاية الانتدابية، واتساع الهوة بين الفريقين، ودخول الزمن الانتخابي مرحلة العد العكسي. لكن من حيث المبدأ وتسجيل المواقف للتاريخ لا شيء يمنع ذلك.

•٤ – تحدي إعلان مواقف صريحة من الأغلبية والمعارضة على ضوء نتائج المبادرات والانتصار للقانون والمصلحة العامة.•

بعد استنفاذ الوسع في المبادرة الاقتراحية لصناعة جداول أعمال الدورات، وبعد إطلاق مبادرات المساعي المدنية الحميدة تجاه الفرقاء السياسيين، لا شيء يفرض على الفاعلين المدنيين لزوم ” الحياد السلبي ” تجاه خرق القانون وعرقلة التنمية والإضرار باقتصاد الجهة، وهدر فرص تشغيل رجالها ونسائها. إن المسؤولية المدنية تقتضي رفع تحدي إصدار مواقف صريحة من كل الأطراف بناء على تحليل موضوعي لمواقفها وقراراتها وعلاقة كل ذلك بالمصلحة العامة.

ختاما، لكي يكون الفاعل المدني جزءا من الحل لا جزءا من المشكلة، ولكي تكون “الديمقراطية التشاركية” علاجا لبعض اعطاب “الديمقراطية التمثيلية” ورافعة لتقويم اختلالاتها ( وحتى لا تكون كل واحدة عبئا على الأخرى ) ، لابد أن يبادر الفاعلون المدنيون إلى ربح امتحان رفع هذه التحديات ، مجتمعة أو متفرقة ، سواء تعلق الأمر بمجلس الجهة أو غيره من المجالس المنتخبة. وسيظل تحدي بناء مجتمع مدني قوي ومحترف، فعال ومؤثر، منافس للفاعلين السياسيين ومفارق لهم في أدوات العمل والتأثير، مشروطا برفع هذه التحديات والنجاح في هذا الامتحان.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M