شـبــح تــافــلالــت

16 سبتمبر 2025 19:18

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

والآن أيها القبطان، بعد أن رأيت من بعيد رؤوس نخيل القرية اللعينة، أدِرْ وِجْهَتَك صُحْبة حَرَسِك نحو طريق الشمال، نحن لم ندخل بعد، بل دخلنا أقل من أي وقت مضى لعين صالَح، هذه الإشارة العجيبة التي اختتم بها إميل ماسْكِيراي في كتابه “ذكريات ورؤى من إفريقيا” استحضارا قويا للواحة المعادية التي ألحقت بنا ضررا بالغا، والتي زادت من قوتها، خيالنا بشكل لا يصدق، يُعيد إلى أذهان أولئك الذين يحصون الخسائر التي تكبدوها في الأشهر الأخيرة، جراء “قضم” هذه الجبهة الجنوبية الشرقية للمغرب، التي تعتبر فيها تافلالت اليوم، كما كانت عين صالَح في السابق بالنسبة لجنوب وهران؛ مجموعة قرى “شرِّيرَة تقْتُل من بعيد، -وها هو مَاسْكَري يصفها أيضا بأنها- مثل نبات سَامٍّ”.

يكفي إلقاء نظرة على خريطة الإنشقاق في جنوب المغرب المنشورة هنا، afrique francaise1927 renseignement coloniaux de mai,p.165 لفهم الوضع الغريب لهذه الجماعة المعادية، حيث يترأسها عدونا اللدود بلقاسم النكادي، الذي يتربص على الجانب الغربي من أراضي واحاتنا في الصحراء، وطرقها، حيث مستقْبَل النقل الصحراوي.

هناك تتشكل جماعات النهب والإنشقاق، والجيوش السريعة، التي تهاجم وتقاتل أساسا، من أجل الإستيلاء على البنادق، وهم مُتأكدون، من الإفلات من العقاب بها.

مواقعنا وخاصة مركزها المتقدم بأرفود، تراقبهم دون أن تتمكن دائما من صدِّ هجماتهم، ودون أن تتمكن أبدا من مطاردتهم، وراء خطٍّ ثابت لنا، والذي يشكل علاوة على ذلك، جبهة غامضة جدا، بالنسبة للمنشقين. على شمال تافلالت، نحن نتمسك جيدا بشمال تافلالت لكن كل ما بقي، تقوم مراكزنا وأحيانا مستطلعونا بتفقد نخيله…

المغرب والجزائر، تتأملان من بعيد، عش القراصنة، هذا الذي يقلقهما، ويزدهر على عجزهما وترددهما، لكن الآن تُعيد مسألة خط السكة الحديدية العابر للصحراء، خطر تافلالت إلى الواجهة، ومن المأمول أن تُرسل فرق من المهندسين والعلماء والموظفين، مع المرافقين اللازمين، لدراسة المسار المستقبلي، والمناطق التي سيخدمها، ألا يُخشى أن يقع أحد هؤلاء الرواد، مثل القبطان توماس، والسيد روني إسْتيَان ضحية لــ”جَيْش”؟

من الصعب مراقبة الـ”جيش” ومصادرة معداته والقضاء عليه؛ فهو يتَكَوَّن أحيانا من عشر بنادق في بعض الشهور، تتشكل وتضرب قبل أن يُطلق الإندار، يمكن أن تكون المأساة سريعة، وغير متوقعة، ووحشية ومدوِّية، ياله من انطباع كارثي لم يَحْدُث نظيرا له في فرنسا؟

لو حدث سيكون تكرارا مصغرا لقضية افْلاطِيرْ.

لذا ليس من الصعب سحق هذا العُشِّ الأخير للأفاعي، اليوم هناك شبح تافلالت، تماما كما كان هناك شبح عين صالح، وشبح الصحراء نفسها، لقد بدت مهمة فور-لامي، وإجراءات الجنرال لابيرن، هذه الأمور بالسير ضدها بحزم، لقد أحرزت تجربتنا الإفريقية تقدما كبيرا لدرجة أن القضاء على هذه التجربة سيكون غير مكلف.

سيكون من المستحيل تحقيق تقدم غير مُكلِّف كهذا للقضاء على ذلك، يجب أن يكون الحماس، والسياسة والمناورة، كافية مع استخدام القوات الخاصة.

سيسمح التعاون بين قواتِ وبَرْطِزا (الموالين) المغاربة، وسرايا صحراء اتْوَاتْ، والساورة، السماح بتطويق الواحة من الغرب، والجنوب، والجنوب الشرقي، وكما أننا لا نحوز الشمال، فلن يتطلب الأمر ضربة قوية للإطاحة أرضا، بمقاومة تقوَّت من جرَّاء تراخِينا.

مع السياسة، واستخدام القوات المتخصصة، والمعدات العسكرية الحديثة، يجب تنفيذ العملية -إن صح التعبير- دون تحطيم وربما تجد دعما غير متوقع من المستقرين.

وإذا كان هناك أي عمل يستحق هذا الاسم “عملية للبوليس” تطمئن بعض الحساسيات البرلمانية، فهو إجراء من شأنه إخماد هذه البؤرة المتمردة، التي تسرق كل ضربة منها الرجال والأسلحة، التي تعاد تعبئتها بسرعة ضدنا، يمكن تطويقها بكل الإحتياطات، وكل الإستعدادات السياسية، وكل العروض الوقائية للقوة، وكل الوسائل الحكيمة التي يمكن أن تتجنب الخسائر، هذا هو دور من سيقودون العمل.

إنها مسألة توجيهات دقيقة، وبعد ذلك، أي شركة صحراوية ستتمركز في الطاوس، أو في أي مركز من النخيل، من أجل الإحتلال بسهولة، ومواجهة فرْكَلَة، أو أي شيء قد يأتي من الغرب، كلقْصُورِيِّين، وحتى الرُّحَل الذين لا بد أن بلقاسم النكادي وأنصاره قد تجاوزوهم،

هو تطبيق لصيغة تهدئة، تعتمد على تعاون الشركات الصحراوية، في أراضي الواحة.

وهكذا يمكن حل هذه القضية المتناقضة المتعلقة بتافلالت بسرعة وفعالية.

ابلاد البارود، حيث الجيش كان حراًّ، وسيصبح ملكا للشركات الصحراوية، ستبقى القضية بحاجة إلى حل من قبل شرطة الصحراء الغربية نفسها، حيث لم تبق الجيوش أو عصابات البارود الصغيرة والنهاب، لكن الغزو بأعداد كبيرة وعلى مدى طويل، إنها مسألة سياسية وعسكرية ودبلوماسية، يجب حلها أيضا، وأمامها لسنا وحدنا، لأن واد الذهب والصحراء الإسبانية هما تافلالت، ولكن بالفعل، فإن الخنق البسيط لنبتة تافلالت السامة، وهي مسألة تتعلق بالشرطة الداخلية الفرنسية، سيكون لها تأثير فوري سيحرر طريق عبر الصحراء المستقبلية، ستكمل تداعياتها الإنطباع الهايل والبعيد الذي أحدث نجاحانا الكبيران الأخيران في المغرب، على كل من لا يزال يرتاد طرق الصحراء: تهدئة الحدود الشمالية وتقليل وصمة عار تازة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنظر le fantome du TAFILALET.

في نشرة إفريقيا الفرنسية 1927/8/(ص:313-314).

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
7°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة