فَرَاعِنَةُ الرَّأْيِ….!!

هوية بريس – إسماعيل المقدم

إنها السَّنَن!! بالأمس قالها فرعون (ما أريكم إلا ما أرى)، واليوم يقولونها حالا وإن أضمروها مقالا.. وقد يجرؤ البعض فيصرح..!!

فحيثما وليت وجهك رمقت عيناك وسمعت أذناك من ينادي بأعلى صوته ما أريكم إلا ما أرى…

لا يريدون أن يسمعوا لك رأيا بل حتى همسا..حلال علينا حرام عليكم…

يقولون هذا عندنا هو جائز    فمن أنتم حتى يكون لكم عندُ

أهكذا أنتم!!..يا عجبا..

يا دعاة الحرية! هل ضاق بكم ذرعا أن تكون لغيركم حرية في الرأي…ما لكم كيف تحكمون؟!

نعم نحن مع الآراء المنضبطة…وإن لم تكن آراؤكم منضبطة…فلا يجرمننا سوء حالكم وقبيح فِعالكم أن نصير أمثالكم…

على حد قولهم:

وليس كل قول جاء معتبرا      إلا قولا له حظ من النظر

إن احترام آراء الآخرين (المنضبطة!!) رفعة وبرهان على حسن التربية أولا ثم النضج العلمي ثانيا…طبعا عند العقلاء!!

ورحم الله الإمام الشافعي الذي كان يقول -فيما ينسب إليه-:  “رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب”.

وروى الحاكم في “المستدرك” وصححه (4948) عن جبلة بن حارثة أخو زيد بن حارثة، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! ابعث معي أخي زيدا، فقال: «هو ذا هو، إن أراد لم أمنعه» فقال زيد: لا والله لا أختار عليك أحدا، قال جبلة: فقلت: إن رأي أخي أفضل من رأيي.

هذه أصولنا وتقريرات علماءنا، وهذا منهاجهم..علّمونا قولا وفعلا..فهلا تعلّمنا وعمِلنا… أم أن لكم رأيا آخر!!

فلا ترمونا -أصلحكم الله- بما ليس فينا..كما قال الأول: رمتني بدائها ونسلت!!

تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، وإلا تفعلوا فسنشهد أنكم تكبرتم وما تواضعتم!!

وللكلام صلة وصلة في غير هذا المقام، فحسب اللبيب الإشارة، وإلا غلظنا العبارة، وإن لم يكن ذلك دأبنا ومبدأنا..

اللهم إنا نعوذ بك من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب.

اللهم ارزقنا التواضع لعبادك الصالحين، واعفو عنا إنك أنت الوهاب.

وقد كان لهذه الأكتوبة دواعي ومحركات منذ مدة طويلة، كتبت أغلبها في حينه، وتتاقلت في إتمامها ثم نشرها لصوراف…وإن كان لنشرها مناسبات عدة تحركني للتفكير في نشرها، فلم يقدر الله ذلك إلا الساعة، فأسأله سبحانه النفع لي وللجميع إنه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.