مأساة الروهينغا قد تتكرر مع المسلمين في الهند وهذه ليست مبالغة
هوية بريس – متابعات
كانت هناك تحذيرات من مذبحة جماعية محدقة في ميانمار في الأعوام السابقة لعام 2017، ولكن بنهاية ذلك العام، كان الوضع قد تأخر للغاية، وهناك الآن أيضاً تحذيرات من وقوع عنف مماثل ضد المسلمين في الهند، لكن لا يزال الوقت متاحاً للتصرف، فهل يتم تفادي تكرار الكارثة؟
صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية نشرت تقريراً بعنوان: «قانون جديد في الهند يهدد الأقلية المسلمة بها»، أعده كريس ويلسون، سلَّط الضوء على الخطر المحدق بالمسلمين في الهند، بسبب تنامي القومية الهندوسية.
ماذا حدث في ميانمار؟
وفق عربي بوست، وقفت أون سان سو تشي أمام محكمة العدل الدولية تدافع عن ميانمار ضد تهم الإبادة الجماعية الموجهة إليها، فقد طردت حملة عسكرية ضد مسلمي الروهينغا في 2017 أكثر من 700 ألف شخص من ولاية راخين، وأجبرتهم على النزوح إلى بنغلاديش، وروى الناجون من الحملة وقوع عدة إعدامات جماعية وحالات اغتصاب وفظائع أخرى. أما ضراوة هذا العنف وحجمه، فهما مبنيان على إنكار قديم لحق الروهينغا في الانتماء إلى ميانمار.
ولطالما عبر القوميون في ميانمار عن ازدرائهم لأبناء الروهينغا، بوصفهم مهاجرين بنغاليين غير شرعيين، حتى إن قانون المواطنة لعام 1982 أقصاهم من قائمة «الأعراق القومية»، لأنهم لم يدخلوا ميانمار قبل عام 1823.
وضع مشابه يتشكل الآن في الهند
وقد غُرزت البذور لوضع مشابه الآن في الهند من جانب حزب بهاراتيا جاناتا القومي بصورة متزايدة. ومثلما كان في ميانمار، يرجح أن تكون ولاية آسام البعيدة التي تحد بنغلاديش هي بؤرة المنافسة العنيفة على من ينتمي إلى الهند ومن لا ينتمي إليها.
ففي هذا العام، تحقق برنامج حكومي عمل في أنحاء الولاية، وعُرف باسم السجل الوطني للمواطنين، من جنسية جميع السكان. وقرر أن 1.9 مليون شخص مهاجرون غير شرعيين.
إقصاء المسلمين
وبينما صار واضحاً أن العديد من الهندوس افتقروا إلى الوثائق المناسبة مثلهم مثل المسلمين، قدم الحزب مشروع قانون جديد إلى البرلمان، مرّره مجلسا الولايات والشعب سريعاً. يمنح تعديل قانون المواطنة طريقاً للحصول على المواطنة للهندوس والسيخ والجاين والبارسيين والمسيحيين، الذين يزعمون تعرضهم للاضطهاد في باكستان أو بنغلاديش أو أفغانستان، وقدموا إلى الهند قبل عام 2014.
الخطاب القومي الهندوسي وصل لمرحلة مخيفة
لكن المسلمين غير مدرجين على القائمة على نحوٍ لافت، وذلك بالرغم من تعرُّض الشيعة والأحمديين للاضطهاد في البلدان الثلاثة المذكورة. ولم تُذكر الصين أو ميانمار -المجاورتان- اللتان تسجلان أسوأ حالات اعتداء على الأقليات فيها؛ والسبب كما هو واضح، أن الأقليات المضطهدة فيها مسلمون.
يمكن لمن استبعدهم السجل المدني للمواطنين أن يطعنوا أمام محكمة للأجانب أُنشئت لهم خصيصاً، لكنها على الأرجح مُسيسة بدرجة كبيرة. ثم الخطوة التالية والأخيرة هي المحكمة العليا، لكنها تتجاوز القدرات المالية لأغلبهم.
وبعدها سيكون الاعتقال هو مصيرهم، مثلما كان في راخين أيضاً، إذ تبني الحكومة الهندية حالياً مركز احتجاز يتسع لـ3 آلاف فرد في مدينة جولبارا بولاية آسام. ولأنهم ليسوا مواطنين بنغاليين، سيُصبح هؤلاء الناس عديمي الجنسية، كما حدث مع الروهينغا من قبلهم.
تاريخ مضطرب
إذا كان في تاريخ آسام عبرة، فسوف يتبع هذا القمع عنف سياسي؛ إذ شهدت آخر مرحلة اضطرابات بسبب الهجرة غير الشرعية، التي عُرفت بحركة آسام من عام 1979 إلى 1985، احتجاجات واسعة النطاق وهجمات وأعمال تمرد.
شهدت هذه الفترة، التي أشعلتها مزاعم باحتواء قوائم الاقتراع على أسماء مئات الآلاف من غير المواطنين، عنفاً طائفياً مكثفاً. وكان الهدف الرئيسي لهذا العنف هم الأشخاص الذين نظرت إليهم الحركة على أنهم مهاجرون، وخاصة ذوي الأصول البنغالية. وفي واحدة من الوقائع، تسببت مذبحة نيلي، التي نفذتها إحدى العصابات، في مقتل 2000 شخص.
كتبتُ في مكانٍ آخر عن المذابح المناهضة للمهاجرين التي وقعت مؤخراً في آسام في 2012 و2014، التي قتلت فيها العصابات عدة مئات من المجتمعات البنغالية المسلمة والأديفازي. وقد اندلعت الاحتجاجات ضد تعديل قانون المواطنة في الولاية في الأيام الماضية، ليست بسبب إقصاء المسلمين كما في أي مكان آخر في الهند، ولكن على اقتراب تجنيس الهندوس والمجموعات الأخرى.
وتعد مخاطر اندلاع العنف في آسام حقيقية، فقد وصف رئيس وزراء سابق هذا الأمر بأنه مثل قنبلة موقوتة للتوترات العرقية.
مستقبل آسام في الهند القومية
صرّح رئيس حزب بهاراتيا جاناتا، أميت شاه، بأن السجل المدني للمواطنين سيُعمم في أنحاء الهند. وقال في أبريل 2019، خلال الانتخابات الوطنية: «المهاجرون غير الشرعيين أشبه بالنمل الأبيض. يأكلون القمح الذي ينبغي أن يُعطى للفقراء، ويستولون على وظائفنا».
وأوضح أنه بعد أن يتولى السلطة سيُلقي الحزب بهذا النمل الأبيض إلى خليج البنغال، لكنه سيمنح المواطنة لكل لاجئ هندوسي وبوذي. تشبه هذه اللغة القومية الداعية إلى الإبادة الجماعية نظيرتها التي استخدمها قائد جيش ميانمار، عندما بدأ حملته العسكرية ضد الروهينغا؛ إذ قال: «المشكلة البنغالية قديمة وصارت مهمة غير مكتملة».
لا يبدو أن درجة العنف الذي ارتكبه الجيش في ولاية راخين في ميانمار ستتكرر في الهند؛ إذ يملك كل جيش للبلدين علاقات مختلفة تماماً مع الأطراف السياسية المدنية، ويضطلع المسلمون بدور سياسي مهم في آسام، ومن ثم يمكنهم -بدرجة ما- أن يُخففوا من سلوك القوميين، لكن الهند وضعت نفسها على طريق قومي مع حزب بهاراتيا جاناتا، ونقطة النهاية الآن غير مؤكدة.