ماذا بعد ارتفاع نسبة الطلاق في المغرب؟!

ماذا بعد ارتفاع نسبة الطلاق في المغرب؟!
هوية بريس – د.يوسف فاوزي
في آخر الإحصائيات الصادرة عن وزارة العدل المغربية حول نسبة الطلاق في المجتمع المغربي؛ كشفت أن ما لا يقل عن 400 حالة طلاق وتطليق تحصل يوميا؛ مما يعني شتات شمل 400 أسرة مغربية كل يوم؛ وهو ما يعني أيضا أن اللبنة الأساس في بناء المجتمع منهارة؛ فكيف سيبنى المجتمع؟!
تقرير وزارة العدل أكدته المندوبية السامية للتخطيط؛ وهذا كله كاف في اعتبار الإحصائيات صحيحة لا شك في مصداقيتها؛ لنطرح السؤال التالي:
هل مدونة الأسرة الحالية كانت مرجعا قانونيا كفيلا بحماية الأسرة المغربية؟؟
وهل دعاوى الجمعيات الحقوقية كانت صادقة في انصاف المرأة المغربية؟؟
وهل الدولة راضية عن هذا الوضع المزري؟؟
كل هذه الأسئلة وغيرها يجب أن تجد أجوبة عاجلة من قبل صناع القرار بالمغرب؛ فالقضية ليست قضية رجل وامرأة؛ بل هي قضية أبناء وعائلات ومجتمع بأسره؛ وهو مصير جيل ضاع بسبب غطرسة الجمعيات النسوية التي باعت الأسرة المغربية بحفنة دراهم لسوق الانحلال الأوروبي الذي لا يقيم وزنا لقيم الأسرة والعائلة؛ والمصيبة أن الطلاق ليس الا بداية خراب المجتمع.
فالخراب القادم للمجتمع المغربي هو عزوف الشباب عن الزواج بسبب تنامي ظاهرة الطلاق؛ فلقد حققت هذه الجمعيات النسوية انجازا تاريخيا يحسب لها؛ وهو تسجيل حالة طلاق في كل عائلة مغربية -في العموم-؛ حتى صار البعض يعتبر الأمر طبيعيا؛ وليس معيبا؛ وهكذا تطبع المجتمع المغربي مع العهر الأوروبي المنسلخ من الفطرة الإنسانية السليمة.
وهناك إنجاز تاريخي آخر وهو ارتفاع نسبة الانحراف وسط فئة الشباب ضحايا الطلاق والتفكك الأسري؛ فالأبناء هم الضحية الأولى لهذه الجريمة؛ وهم من سيدفع ثمن هذا العبث؛ فهل فكرت الدولة في حال هؤلاء الأبناء؟؟ أليسوا هم الجيل القادم للمجتمع؟؟! كيف سنطمئن على مستقبل مجتمع نسبة كبيرة منه يعانون من صدمات نفسية ناتجة عن التفكك الأسري؟؟!
والإنجاز الآخر للجمعيات النسوية في هذا المجال هو ارتفاع نسبة المرضى النفسيين؛ فالإرهاق النفسي الحاصل بعد جلسات الطلاق في ردهات المحاكم كفيل برفع نسبة المرضى في العيادات والمستشفيات النفسية؛ ومعلوم أن ضياع الصحة النفسية ضياع لسكينة الفرد والمجتمع.
وإنجاز تاريخي آخر لهذه الجمعيات وهو تصوير الأسرة المغربية في المخيال الأجنبي على أنها أسرة مفككة؛ فمن العيب أن يكون المغرب وهو البلد العريق في دينه وقيمه أن يكون أضحوكة أمام الشعوب بهذه النسبة المهولة في الطلاق.
إلى غير ذلك من الإنجازات التي لا تعدو إلا أن تكون وصمة عار في جبين المغرب والمغاربة.
إن جلسات المحاكم ليست السبيل الكفيل لإصلاح هذا الوضع؛ فإذا أردنا حقا الإصلاح وحماية الأسرة من هذا الانهيار؛ فيجب القيام بما يلي:
1- تعزيز مفهوم الأسرة وقيمها في وجدان المغاربة؛ وهذا هو دور قطاع التعليم والإعلام و الأوقاف، كما يجب الكف عن تسويق التفاهة والانسلاخ الأخلاقي في المسلسلات والافلام التي تداع عبر القنوات الإعلامية، لأنها من أكبر الأسباب التي أدت إلى انتشار قيم فاسدة لدى الجنسين؛ حيث تشجع على التمرد على قيم المجتمع.
2- تفعيل دور الوساطة الأسرية؛ وهذه الوساطة يجب أن تكون جادة وفعالة؛ لتقليل نسبة وقوع الأطراف المتخالفة في مستنقع الشتات الأسري.
3- عقد دورات تكوينية لرجال ونساء المحاماة؛ وتوعيتهم بوجوب الإصلاح بين الأزواج؛ وعدم تشجيعهم على اتخاذ قرار الانفصال؛ لا سيما إذا كان هناك أبناء.
4- المراجعة العاجلة لمحتويات مدونة الأسرة؛ فكثير من الباحثين والخبراء في هذا المجال يقرون بأن هذه المدونة للأسف منحازة لصالح المرأة ومهمشة للرجل؛ مما يولد صراعا مسموما بين الجنسين؛ والأصل أن تكون المدونة حامية للأسرة زوجا وزوجة وأبناء ومجتمعا.
فإلى من يهمهم الأمر من العقلاء في هذه البلاد أن يكفوا عنا هذه المهزلة؛ وأن يعيدوا للأسرة المغربية قيمتها وهيبتها في المجتمع؛ وأن يكفوا أيدي السفهاء في عبثهم هذا؛ وحسبنا الله ونعم الوكيل…



