من “أسقفة ويلز” إلى “تمسيح الإسلام”.. كيف تُطوَّع النصوص لتبرير الانحراف؟

16 أغسطس 2025 21:58
أسقفة شاذة

هوية بريس – عبد الله التازي

أثار تعيين شيري فان رئيسة لأساقفة ويلز الخامسة عشرة، جدلًا كبيرًا في الأوساط البريطانية، ليس فقط لكونها شاذة سحاقية ومن دعاة شرعنة علاقات الشواذ، بل لأنها لم تجد أدنى حرج في أن تجاهر بأنها لم تسمع الرب يقول لها أن “حبها لشريكتها خطيئة”.


ولم يقف الأمر برئيسة أساقفة ويلز عند هذا الحد بل زعمت أن “الكتاب المقدس” مفتوح للتفسير في القضايا الاجتماعية مثل العلاقات الشاذة، معربة عن اعتقادها أن زواج الشواذ في كنائس ويلز سيحدث “في مستقبل غير بعيد”.

هذا النموذج الذي نشهده اليوم في الكنيسة الغربية بشقيها الكاثوليكي والبروتستانتي، ليس حدثًا معزولًا، بل هو جزء من مسار متدرج لتطويع النصوص الدينية حتى تُصبح خادمة لثقافة الانحراف الأخلاقي، بدل أن تكون حاكمة ومصححة لها.

حين تُساق الكنيسة نحو التفريغ من الداخل

لم يعد سرًّا أن الكنيسة في الغرب تحولت إلى مؤسسة خاضعة للضغوط الاجتماعية والسياسية، حيث أُجبرت – تحت شعارات “حقوق الإنسان” و”المساواة” و”الانفتاح” و”التجديد” – على تكييف تعاليمها مع ما تريده الأقلية العلمانية المؤثرة. وهكذا، أصبح رذيلة مقيتة مثل “زواج الشواذ” من جملة المتغيرات، لا حكما قطعيا ثابتًا لا يجوز العبث به.

هذا التحول الهائل يعكس حجم خطورة تفريغ الدين من جوهره، بحيث يُصبح مجرد قشرة طقوسية تُساير ما تفرضه الحداثة الغربية، لا مرجعية أخلاقية تضبط المجتمعات وتوجه بوصلتها نحو الفضائل والقيم النبيلة.

خطر “تمسيح الإسلام”

الأخطر أن هذه القراءات الحداثوية والعلمانية بدأت تتسرب إلى الفكر الإسلامي أيضًا، تحت مسميات “التجديد” و”المقاربة الحداثية للنصوص” و”القراءة المنفتحة للتراث”… والغاية واضحة:

  • تأويل القرآن والسنة بطريقة تُلغي دلالاتهما القطعية.

  • إسقاط المرجعية القطعية وتحويل النص إلى مجال مفتوح على القراءات النسبية.

  • إفراغ الشريعة من مضامينها، تمامًا كما أُفرغت المسيحية في المجتمعات الغربية.

هذا ما يمكن تسميته بـ “تمسيح الإسلام”، أي محاولة صناعة نسخة مشوهة من الإسلام تماما كما فعل بالمسيحية الغربية بعد أن تم تليينها حتى استسلمت للعلمانية والحداثة وانقادت ذليلة صاغرة لقوانينها وانحرافتها العقدية والفكرية والسلوكية.

الموقف المطلوب

ما يجري اليوم يفرض على أبناء الأمة الإسلامية أن يحذروا من هذه الانزلاقات المهلكة، وأن يدركوا أن الإسلام ليس نصًا بشريًا خاضعًا للهوى أو لضغط الواقع، بل هو وحي محفوظ، يملك القدرة على هداية البشرية في كل زمان ومكان.

الانفتاح على قضايا العصر لا يعني تذويب النص الشرعي، ولا استيراد قراءات إلحادية غربية مزيفة أفرغت المسيحية من مضمونها، بل يعني تجديد الفهم في إطار الثوابت، مع التمسك بالأصول القطعية التي تحفظ هوية الأمة وسمو رسالتها.

يقول ربنا جل وعلا في محكم تنزيله :” كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ، وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم، مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [ آل عمران: 110].

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
7°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة