المستشرق الهولندي د. «فان كونينسفيلد» أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة ليدن بهولندا في ضيافة كلية أصول الدين بتطوان
هوية بريس – متابعة: ذ. منتصر الخطيب
الجمعة 23 أكتوبر 2015
بدعوة من عميد كلية أصول الدين بتطوان د.محمد التسماني، وبتنسيق من د.أحمد مونة الأستاذ بنفس الكلية، وبحضور مجموعة من أساتذة كلية أصول الدين وعدد من أساتذة كلية الآداب بجامعة عبد المالك السعدي وجملة من المتتبعين للشأن الديني والثقافي بالمدينة إلى جانب عدد كبير من طلبة الكلية، حاضر المستشرق الهولندي “د.فان كونينسفيلد” يوم الثلاثاء 20 أكتوبر 2015 برحاب الكلية في موضوع: “الدراسات الإسلامية في أوربا، مملكة هولاندا نموذجا“.
وبعد الاستماع لآيات من القرآن الكريم تلاها أحد طلبة الكلية، تفضل العميد بكلمة تأطيرية لهذا اللقاء؛ معبرا عن احتفاء الكلية بحضور هذا العلم الشامخ في الدراسات الإسلامية بأروبا، ومعرِّفا به وبجهوده في خدمة مجال الدراسات الإسلامية؛ سواء بأبحاثه المنشورة أو بإشرافه العام على مسلك الماستر والدكتوراه بـ”جامعة لايدن الهولندية”.
وموضحا أن هذه المحاضرة تأتي ضمن فعالية الشراكة بين جامعة القرويين ممثلة في كلية أصول الدين بتطوان؛ والتي تجسد قيم التسامح والتعايش والانفتاح الثقافي على مختلف الجامعات بعدد من الدول الأوربية والآسيوية، وبين مجلس أوربا في شخص د.عبد المجيد خيرون.
ثم أعطى الكلمة -بعد ذلك- للمستشرق الهولندي “د.فان كونينسفيلد” والذي اختار أن يتحدث باللغة الفرنسية التي يتقنها إلى جانب إتقانه لغات أخرى والعربية إحداها.
وفي البداية شكر المحاضر كلية أصول الدين في شخص عميدها والأساتذة العاملين بها على حفاوة الاستقبال التي حظي بها. ثم حدَّد محاور المحاضرة التي أشار إلى أنها ستقتصر على تاريخ الدراسات الإسلامية في أوربا وبهولندا على وجه الخصوص.
وهكذا بدأ المحاضر في سرد الأحداث التاريخية التي صاحبت ميلاد المملكة الهولندية، مشيرا إلى أن بلاد الأراضي المنخفضة كانت في بدايتها مستعمرة إسبانية خلال القرنين 14و15 الميلادي.. ثم استقلت عنها سنة 1568 بعد اندلاع الثورة للمطالبة بالاستقلال عن إسبانيا الامبريالية والكنيسة الكاثوليكية معتمدة في ذلك على بعض الحلفاء كالمغرب مثلا حيث نشأت بينهما أوجه من العلاقات الثقافية والاقتصادية أيام السعديين وما بعده، وكذا مع الدولة العثمانية.
وبعد هذه الفترة بدأت مرحلة أخرى سعت فيها هولندا إلى البحث عن منافذ تجارية أخرى تنمي اقتصادها عن طريق مستعمراتها الجديدة بشبه الجزيرة الهندية وأندونيسيا مكنتها من خلق مواقع جغرافية عبر العالم تأسست على إثرها الدراسات الشرقية بهولندا والتي قامت على أسس ثلاث هي:
1- خلق جامعة خاصة بالدراسات الشرقية سنة 1575 لدراسة اللغات الشرقية ومنها اللغة العربية.
2- إحداث مكتبة بالكلية عبر البعثات العلمية لاقتناء مجموعة من المؤلفات والوثائق التاريخية.
3- إحداث مطبعة ودار للنشر بمدينة “لايدن” تهتم بجميع اللغات الشرقية وهي مطبعة بريل الشهيرة.
وقد ساهمت هذه الطفرة التاريخية في خلق ثقافة لغوية تهتم باللغة العربية كان من نتائجها المباشرة طبع “جامع الطبري” وكتاب “نزهة المشتاق” للإدريسي..
ثم تلت هذه المرحلة مرحلة أخرى وهي مرحلة إدارة هذه المستعمرات الهولندية والتي سوف يتم فيها اعتماد التدخل الإداري المباشر فيها وخاصة في أندونيسيا مما حتم ضرورة دراسة الثقافة الإسلامية لتكوين أطر إدارية في مختلف الميادين الحقوقية والفقهية والتشريعية كالأحوال الشخصية مثلا وخاصة في المذهب الشافعي المعتمد بأندونيسيا.
وقد أفرز هذا الاهتمام الكبير بالدراسات الإسلامية تأليف الموسوعة الإسلامية التي صدرت طبعتها الأولى بثلاث لغات إنجليزية وفرنسية وألمانية في ست مجلدات، ثم صدرت طبعة ثانية لها بعد الحرب العالمية الثانية وانهزام ألمانيا باللغتين الإنجليزية والفرنسية في 12 مجلد وهي متوفرة على الشبكة، كما صدر المعجم المفهرس للأحاديث النبوية الشهير والواسع الانتشار، والآن يتم تهييء الطبعة الثالثة لهذه الموسوعة بمشاركة عدد من الباحثين العرب والأوربيين من مختلف التخصصات..
وأشار المحاضر في حديثه عن المرحلة الثالثة من هذه المسيرة التاريخية للدراسات الشرقية إلى أنه ومنذ خمسينيات القرن العشرين بدأت الدراسات الشرقية تفقد توجهها العام وتشعبت، إلا أنه ومع ذلك فلقد حافظت “جامعة لايدن” على مكانتها كإحدى الصروح العلمية المهتمة بالدراسات الشرقية، ومن ثم استحدثت بها أقسام جديدة للماجستير والدكتوراه بتعاون مع عدد من جامعات العالم الإسلامي استقبلت عددا من الطلبة العرب والمسلمين من مختلف الدول الإسلامية مكنت من خلق مجموعة من الشعب المهتمة بدمج الجاليات الإسلامية في الوسط الهولندي، وأوضح المحاضر إشرافه الخاص على عدد من الطلبة الباحثين بسلك الدكتوراة من المغرب وتركيا وغيرهما من الدول الإسلامية..
وقبل اختتام الجلسة تفضل أحد طلبة المحاضر وهو د.عبد الصمد العمراوي الذي أشرف المحاضر “فان كونينسفيلد” على بحثه في الدكتوراة بتقديم ترجمة مختصرة لمحاور المحاضرة باللغة العربية، ثم فتح باب النقاش لإغناء هذه المحاضرة، وبعده تم منح المحاضر درع الكلية ومجموعة من الكتب والهدايا من طرف عميد الكلية د.محمد التمسماني ومن رئيس المجلس العلمي المحلي للمضيق الفنيدق د.توفيق الغلبزوري..