الفكر الشيعي.. ثغرات في تلقي المصادر
الياس الهاني
هوية بريس – السبت 24 ماي 2014
يعتمد الشيعة الامامية في بناء عقائدهم وتصوراتهم والتسليم بها على مصادر وكتب تلقوها بكامل الثقة والتصديق بنوا عليها فكرهم وساروا بها، منها كتاب: «الكافي» للكليني (ت328)(1)، وكتاب: «من لا يحضره الفقيه» لمحمد بن بابويه القمي الملقب بالصدوق (ت381هـ)(2)، و«تهذيب الأحكام» في عشر مجلدات، و«الاستبصار»(3).
ثم جاء بعد هؤلاء مؤلفون جدد في القرن الحادي عشر والثاني عشر الهجري ونسقوا هذه الكتب وشرحوها وأخرجوها للناس، فصارت كتبا معتمدة ومعترفا بها في الأوساط الشيعية الامامية الاثني عشرية.
ومن جملة هذه الكتب الجديدة كتاب «الوافي» لمحسن الكاشاني (ت1091هـ) وقد جمع فيه أكثر من خمسين ألف حديث.
والكتاب الثاني فهو: «بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار» لمحمد باقر المجلسي (ت 1111هـ)، ثم كتاب: «وسائل الشيعة إلى تحصيل الشريعة» لمحمد بن الحسن العاملي (ت1104هـ) ويغلب عليه الطابع الفقهي، ثم كتاب: «مستدرك الوسائل» لحسين النوري الطبرسي (ت1320هـ)، فهذه مصادر الشيعة الأصلية التي يعتمدون عليها في تصوراتهم، فـ”لقد عاشت الشيعة طوال الزمن وهي تمارس التقية وتخفي عقائدها وكتبها ولم تظهر هذه الكتب إلا بعد القرن العاشر تقريبا أي في عهد الدولة الصفوية.
فبقاء هذه الكتب المختلقة أصلا بعيدة عن رعاية أتباعها، لا شك أنه مظنة أن تتعرض لاختلاق جديد وهذا ما حدث!! فإن كتب الشيعة المعتمدة عندهم قد فقدت نسخها ولا يوجد اليوم أي نسخة مخطوطة لها في مكتبات الشيعة الكبرى.
وأول نسخ ظهرت لها إنما ظهرت في القرن الحادي عشر، والدليل على ذلك الباحثون الشيعة أنفسهم الذين اشرفوا على طباعة تلك المصادر في العصر الحاضر وقاموا بتحقيقها”(4).
“إن المصادر الأربعة المعتمدة عند الشيعة الإثني عشرية ذكر أنها كتبت في القرن الخامس الهجري، وذلك في عصر الدولة البويهية الشيعية، وكان المفترض أن يتدارسها الشيعة طوال تلك المدة التي بين زمن تأليفها وزمن نسخها في القرن الحادي عشر، فتكثر نسخها ويتداولها علماء الطائفة ويراجعوها ويدرسوا أسانيدها ويشرحوا متونها وغير ذلك من أوجه الاعتناء، ولكن شيئا من ذلك لم يتم، إذ لو تم لعثر على شيء منه.
فها هم محققو تلك الكتب يقررون أنهم اعتمدوا في تحقيق تلك الكتب على نسخ محدثة في القرن الحادي، عشر ولم يستطيعوا العثور على نسخة واحدة قبل هذا التاريخ ولو وجدوا لذكروه”(5).
فروايات الشيعة الإمامية وأحاديثهم وردت في تلك المصادر مسلمين بها ومدافعين عنها، وهنا يكمن سر استمرار هذه العقائد إلى اليوم في الأوساط الشيعية.
“فإنه لا يصدق أن هناك روايات اختفت عن الأنظار ألف سنة ولم يكتشفها إلا أشخاص في القرن الحادي عشر، ولكن الذي يظهر أنها أوجدت والله حسيب من يتجرا على دين الله عز وجل ويخترع تلك الروايات”(6).
“وكلمة الحق والإنصاف أنه لو تصفح إنسان أصول الكافي وكتاب الوافي وغيرهما من الكتب التي يعتمد عليها الإمامية الإثني عشرية لظهر له أن معظم ما فيها من الأخبار موضوع وضع كذاب وافتراء، وكثير مما روي في تأويل الآيات وتنزيلها لا يدل إلا على جهل القائل وافترائه على الله، ولو صح ما ترويه هذه الكتب من تأويلات فاسدة في القران لما كان قران ولا إسلام ولا شرف لأهل البيت ولا ذكر لهم، وبعد فغالب ما في كتب الإمامية الإثني عشرية في تأويل الآيات وتنزيلها وفي ظاهر القران وباطنه استخفاف بالقران الكريم ولعب بآيات الذكر الحكيم، وإذا كان لهم في تأويل الآيات وتنزيلها أغلاط كثيرة فليس من المعقول أن تكون كلها صادرة عن جهل منهم بل المعقول أن بعضها صدر عن جهل والكثير منها صدر عمدا عن هوى ملتزم”(7).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- وهو في ثمانية مجلدات والكتاب ينقسم إلى قسمين: قسمه الأول يتألف من مجلدين يتعلقان بالمسائل العقدية فقط، أما القسم الثاني منه، وهو ست مجلدات، فهو في قضايا فقهية ومسائل اجتماعية.
2- وهو كتاب يغلب عليه الطابع الفقهي يعرف ذلك من عنوانه، أربع مجلدات.
3- في أربعة مجلدات، وكلا الكتابين الأخيرين لمحمد بن الحين الطوسي (ت360هـ) ويغلب على الكتابين الأخيرين الطابع الفقهي، فهذه الكتب الأربعة هي أمهات الكتب عند الشيعة.
4- “التشيع نشأته ومراحل تكوينه” احمد بن سعد الغامدي، ص:281، دار ابن رجب، ط2، 1432هـ/2011م.
5- نفس المصدر (ص:284).
6- نفس المصدر (ص:292).
7- “التفسير والمفسرون” محمد حسين الذهبي (2/41)، دار إحياء التراث العربي، ط40، بيروت-لبنان.