“علماء المسلمين”: قتل المحتجين جريمة كبرى تستحق لعنة الله
قال “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، الأحد، إن “واجب الحكومات هو توفير الأمن وحماية الحريات، أما قتل المحتجين أو الاعتداء عليهم فجريمة كبرى تستحق لعنة الله وغضبه وعذابه العظيم في الدنيا والآخرة”.
وفيما يلي نص البيان كاملا كما توصلت به هوية بريس:
“إن حق الشعوب في التظاهر السلمي والمطالبة بحقوقها، وبمعاقبة الفاسدين، حق ثابت شرعا، وأن حمايتهم فريضة شرعية.
وأن واجب الحكومات هو توفير الأمن وحماية الحريات، وأما قتل المحتجين أو الاعتداء عليهم، فجريمة كبرى تستحق لعنة الله، وغضبه وعذابه العظيم في الدنيا والآخرة.
ويؤكد على أن العلة الجامعة لما يحدث في العراق، ولبنان، وإيران، والجزائر وغيرها هي الفساد الكبير طوال عقود طويلة أدت الى إفقار الشعوب وإذلالها، وفقدانها لأبسط مقومات الحياة الكريمة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن تبع هداه وبعد،
يتابع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ببالغ القلق ما يحدث للمتظاهرين في العراق، وإيران، ولبنان، حيث استعمل ضدهم الرصاص الحي، والقوة المفرطة والغازات السامة، مما أدى إلى استشهاد عدد كبير منهم، خاصة في العراق وإيران.
وعلى سبيل المثال فإن عدد القتلى في مظاهرات العراق (ثورة تشرين) قد بلغ حتى الآن 425 شخصاً، والجرحى في حدود 16 ألف بينها 3 آلاف إعاقة جسدية، وكأنها حرب بين دولة وأخرى، فضلا عن اعتقال واختطاف عدد كبير، بل إن عدد القتلى في يوم واحد هو أكثر الأيام دموية (الخميس 28/11/2019 ) قد تجاوز 40 شهيداً، وبخاصة في مدينة الناصرية المناضلة، حيث بلغ عدد الشهداء فيها أكثر من 25 شخصاً.
ومع الأسف الشديد، فإن العراق الذي هو معدن الحضارات ورائدها على مر التاريخ، قد تخلف وعمه الفساد والنهب إلى درجة رهيبة، حيث فقد أكثر من 600 مليار دولار بسبب الفساد، وأصبح أكثر من سبعة ملايين عراقي تحت خط الفقر.
وإذا تأملنا في أسباب هذه الثورات والمظاهرات لوجدنا أن الفساد السياسي والمالي والاجتماعي الكبير، مع الاستبداد والدكتاتورية والطغيان وكبت الحريات وإذلال المواطنين، هو العلة الجامعة للتظاهر الشعبي في جميع الدول التي وقعت فيها الاحتجاجات بدون استثناء.
ولذلك يؤكد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لأمته الإسلامية ويطالب بما يأتي:
1- إقامة الحكم الرشيد، ومحاربة الفساد بجميع أنواعه، وحماية الحريات العامة، وحقوق الشعوب وثرواتها المادية والمعنوية.
2- أن جريمة الفساد العام في الإسلام من أعظم الجرائم على الإطلاق، حتى ذكرها الله تعالى مع محاربة الله ورسوله، فقال تعالى (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)سورة المائدة الآية 33.
3- إن اعتداء الدولة بأجهزتها أو عن طريق الميليشيات الموازية لها، على المواطنين جريمة نكراء تتناقض مع مقاصد الدولة وواجباتها في حماية مواطنيها وتحقيق الأمن والأمان والرفاهية لهم، فقد قال الله تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) سورة النساء الآية93.
4- يحث الاتحاد الحكومات المعنية على الاستجابة لمطالب شعوبها بعيداً عن الاعتداء أو التعنت والعلاج القمعي الذي لا ينجح ولا يستمر حسب التجارب المشاهدة. ويؤكد أن الانتصار الحقيقي للحكومات هو التجاوب مع الشعوب وخدمتها.
5- يطالب الاتحاد المتظاهرين بعدم الانجرار إلى أي شكل من اشكال العنف أو الاعتداء على الممتلكات والمصالح العامة والخاصة، فهذا حرام لا يجوز ارتكابه، وعليهم منع المدسوسين الذين يشوهون صورتهم، ويشيد بصورة خاصة بحراك الشعب الجزائري، المتمسك بنهجه الحضاري السلمي، منذ ما يقرب من سنة.
6- يطالب الاتحاد أمته، والمخلصين من السياسيين والمفكرين وغيرهم إلى الوقوف مع الشعوب المنتفضة والمتظاهرة للوصول إلى تحقيق مطالبهم العادلة وغاياتهم ومقاصدهم في الإصلاح والتنمية والعزة والكرامة، وإفشال مخططات الغدر والمكر والثورة المضادة لتطلعات الشعوب.
وفي الختام فإن الاتحاد لعلى يقين قاطع بسنن الله تعالى وحكمته، وأن الشعوب الحرة الأبية ستنتصر بإذن الله تعالى، وأن مصير الظالمين إلى الاندحار، والطغاة إلى الانهيار، قال تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ فأكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ).
صدق الله العظيم.
04 ربيع الآخر1441 هـ الموافق 01 ديسمبر 2019 م
أ.د علي محيي الدين القره داغي أ.د أحمد بن عبد السلام الريسوني
الأمين العام الرئيس”اهـ.