التطرف لا يحارب بمؤسسات ضعيفة المصداقية
ذ. نبيل غزال
هوية بريس – الثلاثاء 24 نونبر 2015
قبل أن أدلف إلى الفكرة التي أود مناقشتها في هذا المقال، أشير ابتداء أن الأمن الذي ننعم به في المغرب نعمة عظيمة يجب المحافظة عليها، ولا مجال للمزايدة حولها؛ نعم هناك حوادث سطو واعتداء.. ترهب المواطنين وتنغص عليهم تمام الاستمتاع بهذه النعمة؛ لكن لا مجال للمقارنة بين المغرب وكثير من الدول العربية والإسلامية فيما يخص الاستقرار والأمن.
وحتى نسهم جميعا؛ كل من موقعه؛ في المحافظة على السلم المجتمعي ووقاية المجتمع من ويلات التطرف، يتعين تحليل الواقع كما هو لا كما نحب أن نراه، وتجنب أسلوب المجاملات و(تغطية الشمس بعين الغربال)، ذلك أن التطرف يتطلب يقظة كبيرة؛ ووعيا عميقا؛ وتحليلا دقيقا للمشهد العام.
إن الشباب الذين يجنحون إلى التطرف، وتبني العنف وسيلة للإصلاح، لهم دوافع كثيرة قادتهم إلى هذا الطريق، فبالنسبة لهم التناقض الصارخ بين ما نصت عليه الشريعة الإسلامية من جهة والقوانين الوضعية المعمول بها من جهة أخرى، والبون الشاسع بين التنظير والممارسة في جل مجالات الحياة: السياسية والتعليمية والاقتصادية والدينية، والهجوم الكاسح على ثوابت الدين من طرف الفصيل العلماني المتطرف؛ إضافة إلى الحملة الغربية الشرسة على دول المسلمين؛ وسعيها الحثيث إلى استنزاف خيراتهم، وتغيير قناعاتهم وعقائدهم، وعبثها بمرجعيتهم، هي مجموعة أسباب يبررون بها سلوكهم الجانح؛ والذي يظنون أنهم عن طريقه سيرفعون الظلم عن أنفسهم وأمتهم.
ولا يخفى على متابع أن من تلبس بهذا الفكر فإنه لا يلتفت إطلاقا إلى دعاة الخطاب الديني الرسمي، وإلى بيانات المجلس العلمي الأعلى، وخطب الجمعة التي تخصص للتنديد بالعمليات الإرهابية وخطر التطرف والإرهاب، ولا إلى الندوات والكتب والمنشورات التي تطبع حول هذا الموضوع، ولا إلى المنصة الإلكترونية “الرائد” التي أطلقتها الرابطة المحمدية للعلماء، لنشر المعرفة الدينية الآمنة والسليمة من كل أنواع الغلو والتطرف، فهذه الأنشطة تبقى ضعيفة ومحدودة الانتشار والتأثير؛ وفاقدة لكثير من المصداقية؛ لا عند حاملي فكر التطرف فحسب؛ بل عند كثير من المتدينين والمنتمين إلى الجماعات الإسلامية بشتى أطيافها.
فكيف لشباب يظهر الغيرة الكبيرة على دينه وعقيدته أن يثق في مؤسسة دار الحديث الحسنية مثلا، التي يديرها أحمد الخمليشي وهو يساري الهوى، دائم التأثيث لمنصات العلمانيين، يجدونه غائبا في جل القضايا التي تهم المسلمين، وعنصرا فعالا في جل المواضيع التي تناقض صريح الدين، سواء تعلق الأمر بإلغاء عقوبة الإعدام؛ أو حرية الردة؛ أو إباحة الإجهاض؛ أو المساواة في الإرث…
وكيف له أن يثق في خطة إعادة هيكلة الحقل الديني لأحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وهو يراه يقصي العلماء ويكبلهم، ويقف بالمرصاد لكل خطيب دفعته نخوة الإيمان وحثه واجب المسؤولية الملقاة على عاتقه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؛ ويشنع على مساوئ الوقت؛ هذه المساوئ التي يعتبرها السيد الوزير شعبوية وتدخـُّل للخطيب فيما لا يعنيه.
إن هذا الشباب؛ وأمام الأفق المسدود أمامه؛ والحيلولة دونه ودون علماء بلده الأكفاء، يبحث عن شيوخ آخرين يجد فيهم ذاته، فيعثر عليهم في الشابكة (الشبكة العنكبوتية)، وغرف الدردشة ومواقع التواصل الاجتماعي.
والسبيل الوحيد لوقايته من خطر التطرف الذي يمرر عبر التقنيات الحديثة هو فسح المجال للعلماء والدعاة والشيوخ ذوي المصداقية للتواصل الدائم معه ومحاورته، وفتح نقاشات حول كل القضايا التي تؤرقه وتطرق فكره؛ من قبيل مفهوم الجهاد.. والولاء والبراء.. ودار الإسلام ودار الكفر.. وسبل مواجهة التدخل الغربي.. دون خوف أو وجل أو تبعات تذكر.
كما أن مدَّ قنوات التواصل الدائم مع كل الجماعات الإسلامية، بما فيها السلفية بشتى أطيافها، ورفع الحجر وسياسة الصوت الواحد التي تعمل بها وزارة التوفيق، من شأنها أن تنشر قيم الوسطية والاعتدال، فالمجتمع كبير ومتشعب ومن الصعب جدا، بل من المستحيل على الوزارة الوصية على الشأن الديني أن تؤطره لوحدها.
ثم إن المقاربة الأمنية التي يتم الاعتماد عليها بالدرجة الأولى لا تتعامل سوى مع الإفرازات والنتائج، ومعضلتها أنها تزيد من اكتوى بلظى التعذيب والاعتقال والسجن حقدا على المجتمع، ورغبة كبيرة في الانتقام، خاصة وأن بعض المسؤولين يُمعِنون في التنكيل بالإسلاميين ويقعون في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، كما وقع مؤخرا بالسجن المركزي للقنيطرة، حيث عادت مرة أخرى أساليب الركل والرفس ونتف اللحى وتجريد السجناء من ثيابهم وتركهم عراة كما ولدتهم أمهاتهم!!!
فمثل هذه الأساليب المتخلفة البائدة تزيد الطينة بلة، وتذهب بكل الجهود المبذولة لطي هذا الملف أدراج الرياح. فلا بد من سعي حثيث لإيجاد حل عاجل وجذري لملف المعتقلين الإسلاميين، والعمل على إعادة إدماجهم في المجتمع، ولما لا إنشاء هيئة للإنصاف والمصالحة تعمل على رد الاعتبار وجبر الضرر، وتعويض المعتقلين السابقين ماديا جراء ما لقوه، خاصة وأن هذا الملف قد عرف انتهاكات وتجاوزات خطيرة، وقد أقر الملك محمد السادس في حوار له سابق مع “إلباييس” الإسبانية بوقوع تجاوزات بخصوص ملف معتقلي أحداث 16 ماي.
إن التغيرات الكبيرة التي يعرفها العالم اليوم؛ والأحداث الخطيرة والمتسارعة في عدد من الدول الإسلامية، واستغلال الغرب لهذا الوضع المتأزم لتوسيع نفوذه وإعادة تقسيم المنطقة وفق مخططاته وأطماعه، تدفع كل العقلاء في هذا البلد وتحثهم على طي خلافاتهم؛ وتوحيد جهودهم؛ والعمل معا لخدمة دينهم ومجتمعهم، فالمغرب محتاج -أكثر من أي وقت مضى- إلى كل أبنائه.
على الدولة ان تحل ملف المعتقلين السلفيين بالسرعة القصوى لأن الفكر الداعشي وجد طريقه الى بعضهم
واعادة ادماجهم وتعويضهم سيقود الى مراجعة افكارهم
الأحزاب في المغرب والجمعيات الحقوقية وغيرها تتهجم على الدين وتطالب بتبديله او تحريفه ولا صوت للعلماء يذكر وكان مؤسساتهم صم بكم عمي فهم لا يتفاعلون ولا ينطقون
ثم اذا ذكر التطرف رايتهم يزبدون ويرعدون
وبدت القوة في كلامهم
عفوا: لا يمكنني ان اثق فيما تقولون