(التنويريون) والإصلاح الديني.. مقدمة في متاهات التطفل التنويري

16 مايو 2016 19:11
الليبرالية إحياء للجاهلية وإيغال في الرجعية

ذ. أحمد اللويزة

هوية بريس – الإثنين 16 ماي 2016

لا حديث اليوم يملأ جنبات الدنيا إلا عن الإصلاح الديني؛ في الإعلام والفضاءات العامة، واللقاءات الخاصة، والندوات والحوارات…، الكل ترك أشغاله ووضع مشاكله جانبا وتوجه نحو الدين يريد إصلاحه، والطامة الكبرى أن منهم من لا علاقة له بالدين أصلا، فقد صفاها نهائيا مع أي شيء يسمى دينا، ناهيك عمن يريد إصلاح الدين -والدين المقصود هنا هو الإسلام لا غيرـ وهو ينتمي لدين لا يستحق حتى هذا الوصف، يريد أن يعقلن دين الإسلام ودينه لا يقبل به حتى المجانيين. -درس جون كيري حول الإسلام المعتدل- يا سلام!!!

غير أن اللافت للنظر في كل هذه الجلبة وبين ثنايا هذا الغبار المتطاير هو تبنى طبقة تعيش عزلة مجتمعية حقيقة، تسمى نفسها بالتنويرين أو العقلانيين لهذا الطرح الذي يتغيى إصلاح الدين، والغريب في الأمر أن هؤلاء يطرحون أصولا يجعلونها مسلمات، بل لكل واحد منهم مسلمات خاصة به، وإن كان الكل يصب في حفرة واحدة، ومن خلال متابعة أطروحاتهم الإصلاحية تأكد عندي أنها تروم دينا جديدا وليس إصلاح الدين، على تحفظ على هذا مصطلح “الإصلاح” فالإصلاح يكون مرتبطا بفساد في المصلوح، والدين أصلا وأبدا صالح مصلح، إنما الفساد في التدين وعلاقة الناس به، والذي تعد هذه الطائفة أحد مظاهر فساده.

السؤال المحير، لماذا كل طوائف بني علمان على اختلاف أسمائهم؛ ليبراليين، يساريين، شيوعيين، يمينيين، تقدميين، حداثيين، ثوريين، برجوازيين، عماليين، ….. ألقاب مملكة في غير موضعها، كلهم يرمون عن قوس واحدة ويتحدثون عن إصلاح الدين، المطلب الذي تنفق من أجله قوى الاستكبار العالمي الأموال الطائلة. لم كل هذه العمالة البئيسة يا هؤلاء لم هذه  الببغائية المقيتة؟!

فالعجب كل العجب يتحدثون عن إصلاح الدين بعد أن غيبوه من الحياة وفصلوا الشعوب عنه بجدر إسمنتية من الميوعة والانحلال والخلاعة، فعن أي دين تتحدثون، وتبغون إصلاحه. بأي منطق تحدثون العقلاء يا معشر العقلانيين.!

في الوقت الذي ينبغي بذل الجهد لإرجاع الناس إلى دينهم بعد أن أصبح الدين غريبا عنهم، تتكلمون عن إصلاح الدين.

بلا شك إذن أن هذه الموجة ولا أدري أهي حلقة أخيرة في مسلسل القضاء على الدين؟ أم لا زال في الجعبة المزيد؟ وذلك بإحداث دين جديد يلصق به اسم الإسلام، حتى تبقى الأمة بين ضلالين؛ ضلال الانحراف عن شرع الله الحق، وضلال الوهم بأن ما هم عليه هو الإسلام إن فكروا أو دعت الفطرة إلى التدين. فيجدون دينا رسله بنو علمان، وآلهته الهوى والعقل المنحرف. وأحكامه تحليل الحرام وتحريم الحلال.

وكأن المشاكل المجتمعية انتهت، والقضايا الاجتماعية انقضت، وحلت جميع إشكالاتها، ولم يبق إلا مشكل واحد ووحيد، اهتم له القوم، وحملوا على عاتقهم هذه المهمة، مهمة إصلاح الدين… فهو الإشكال الباقي من القائمة…! فهم يضحون بالأوقات والجهود والأموال، من أجل إنقاذ البشرية جمعاء والأمة الإسلامية بالخصوص، من براثين التخلف والاندحار والتقهقر في جميع مجالات الحياة، التي تسبب فيها الدين. وكأن الدين مسيطر على تفاصيل الحياة، ينظم شؤونها، ويدبر أمورها، ويتحكم في اختياراتها. فكان هو المتهم عندهم، فاقتضى الأمر إصلاحه، فكلمة الإصلاح الشجرة التي تخفي غابة من الانحراف، والسور الذي ظاهره الرحمة وباطنه العذاب. وللحديث بقية.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M