الخط المغربي وهشاشة المواقف

28 سبتمبر 2016 22:15
الخط المغربي وهشاشة المواقف

هوية بريس – د. محمد البندوري

مجمل المحاولات التي تميزت باستنادها إلى الخط المغربي في تحقيق البعد الفني لدى خاصة ممن يحملون اللواء لسبب أو لآخر، تغيب في أذهانهم التشكيلة الحقيقية التي تؤطر المنظومة الخطية بوعي واحترافية وموهبة، وبذلك أضحى الخط المغربي في الآونة الأخيرة يحتاج جملة وتفصيلا إلى مواقف صارمة وحازمة، ويحتاج إلى أطر أكفاء يتمتعون بشمولية الرؤية، وببعد النظر وموسوعية الثقافة.. ويعرفون كل خبايا الخط المغربي، ويتواصلون مع الخطاطين الذين لديهم مؤهلات وتصورات ولهم خاصيات إبداعية، وأساليب جديدة في التعبير..

إن ضياع ذلك، قد أدى حتما إلى إغفال مجموعة من الأساليب المختلفة التي تشكل الخط المغربي على مستوى المقاطع أو على مستوى اختزال المساحة وتنويع الفضاء الحروفي، وأدى كذلك إلى إغفال مجموعة من الخطاطين الذين لديهم قوة فنية وإبداعية وراعوا مجموعة من الخصوصيات التي يتسم بها الخط المغربي، بل راكموا تجارب وخبرات ذاع سيطها عند القاصي والداني.. لكن هشاشة المواقف عند البعض وإغفالهم لهذه الكفاءات قد يؤدي مستقبلا إلى خروج الخط المغربي من محتواه الفني وفقدانه للمقومات التاريخية والحضارية التي حملها عبر التاريخ، فيضحى خطا مكتسبا عاريا من كل الجماليات التي تغذيه، ومن كل الخصائص والثوابت والمميزات التي لعبت أدوارا كبرى في دخوله غمار النصوص وأجناسها. ولا يجب أن تتكرر بعض التجارب الماضية التي تشكلت دون وعي نقدي يروم المتغيرات؛ ويرصد الإبداع الحقيقي لثلة من الخطاطين والباحثين دون تمييز.. لأن التحيز قد فاقم من حدة عزلة تلك المحاولات خصوصا لما أضيفت للخط المغربي بعض الأشكال والأردية التي ليست من جنسه، فحكمت مباشرة على تلك التجارب المحدودة بالموت في نظر المتتبعين وذوي الاختصاص.

وفي الوقت الذي نشير فيه إلى ذلك، وإلى بنية الخط المغربي في كل الوسائل بأشكال بديعية تتخطى التشكيل الكلاسيكي إلى منجز يروم البعد البصري، نرسم دعوة إلى التجديد المعقلن للخط المغربي دون أن يتأثر مجال التطبيق بأي اختلالات، قد يتعلق بعضها بالتناقض والبعض الآخر بغياب ثقافة الخط المغربي، وقد أبانت مجموعات مائزة من الخطاطين عن كفاءات عالية في هذا المضمار، غذت المشهد الحروفي في كل أنحاء المملكة المغربية الشريفة.

في حين يمكن اعتبار بعض التجارب القديمة مجرد محاولات لم تنضج بعد، لأنها لم تكن أكثر حظا في استمالة البصر، فهي نجحت إلى حد ما في لفت النظر إلى الخط المغربي وتقريب القارئ منه ليس غير؛ لكنها لم تكن مؤطرة نقديا ولا ثقافيا ولا فنيا، بل مدفوعة من البعض لتحقيق أهداف بعيدة عن خطية الخط المغربي.

إن تحقيق خطية الخط المغربي، تتوقف أولا على إرساء التخصص، ثم تجاوز هشاشة المواقف الحروفية بل المراهنة على نجاعتها بشفافية ونزاهة، وثانيا على صب الاهتمام إلى تكثيف مجال الخط المغربي بمجموعة من الجماليات وتوظيف عدد من الخصائص الفنية والتقنيات العالية ونقل نبض الخطاط إلى القارئ، وثالثا الاهتمام بتجارب ثلة من الخطاطين المغاربة الذين جعلوا من التركيب الخطي المغربي بعدا بلاغيا يفتح النص على البصر، لأن تجاربهم قد ساهمت في لفت النظر إلى المجال الابداعي في الخط المغربي، مما جعل القارئ يغير طريقة تفاعله مع الخط المغربي، وساهمت أيضا في تقوية العلاقة بالخط المغربي في نطاق الرؤية البصرية وعملية الاستيعاب. خصوصا وأن هؤلاء قد جعلوا من صفحاتهم في الفايسبوك والمواقع الالكترونية الأخرى أوراش حروفية مغربية مفتوحة.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M