الغِنَى الحَقّْ.. أن يُغْنَيَكَ اللهُ عَنِ الخَلْقْ..!

09 مارس 2020 20:40
الشيخ القزابري يكتب: اَتَخُونُوا أمَانَاتِكُمْ...!!

هوية بريس – الشيخ عمر بن أحمد القزابري

ما أعظمَ الاستغناءَ بالله عنْ ما سِواه..وما أجمل أن تمشيَ مرفُوع الرأس..ليس لأحد عندكَ شيء..وما أشدَّ مرارة الوقوفِ على أبواب الاحتياجِ للمخلوقين..وإراقةِ ماءِ الوجه عند أعتابهم..خصوصا في زمنٍ انقلبت فيهِ المقاييس..فأصبحت الكلمةُ المسموعةُ للمال وأصحابه..إنَّ مِن كدَر الزمان أن يحتاج الانسان للئيم والكريم…والعنْجهي والحليم..لأن مُجرد الاحتياج في ذاته مَدحضةٌ مَزلَّة..ومهانةٌ ومَذلة..لأن الناس غيرُ الناس..ولأنَّ المفاهيم غيرُ المفاهيم..ولأن الموازين غيرُ الموازين..وبعضُ أصحاب المال أحيانا تصيبُهم قارعةُ الجُنون..ويمسُّهم طائِف الاستعلاء..فيريدون إذلال الناس..واستعبادَهم..ويحسبون توهما أنهم يملكون أزِمَّةَ الناس..وهذا والله وهمٌ وسُعارٌ وأَشَرْ…وطغيان واستعلاء..يقول ربنا( كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى).

وما أعظمَ السِّر الذي تضمنته الآية( أن رآه أستغنى ) أن ظنَّ أنه استغنى..أما حقيقة أمره أنه في غاية الفقر والعِوَز ..وكيف لا يكون فقيرا من لا يملك مِن أمر نفسه شيئا..لذلك خاطب الله الناس كلهم خطابا واضحا ليس فيه غَبَش..ونودوا نداءً يجعلهم يعرفون حقيقة أنفسهم كي لا يَحِيدوا أو يمِيلوا..فيغرقون في بحار الوهم…(يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله..والله هو الغني الحميد) نعم.. ربنا هو الغني الحميد..الذي يعطي ويستر ويجبُر ويغفر ويرحم..ويتجاوز ويعفو..ويسامح ويعفو..الكل مُحتاج إليه..مفتقرٌ إلى ماعنده..(وربك الغني ذو الرحمة) أيها الغني المتكبر..رويدك لا تعجل..وهوِّن عليك..وأمسك مالك لا يصيبك الجنون..واجمعْه واسبَح فيه كما تشاء..فلن يصنع المال مجدَك..ولن يغطيَ جهلكْ..ولن يستُر فقرك..فهوِّن عليك..فالناس يستوي عندهم وجودُك وعدمُك..ويا أيها الغني الشاكر المتواضع..هنيئا لك وبشراك..فقد شكرت ربك..وأنفقتَ منكسرا متذللا لمولاك..فالله يحفظك..والناس تقدرك..
أيها الغني المُتجاسر..مهما بلغ غناك..فلن يفوق قارون..وآخِر أمره) فخسفنا به وبداره الأرض)..

ويا أيها الغني الشاكر..مهما بلغ غناك فلن تبلغ نبي الله سليمان..وآخر أمره( فلما قضينا عليه الموت مادلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منساته).

لكن قارون..يتجلجل في الأرض..ولعنات الله تلازمه..

أما سليمان عليه السلام فقد حاز جائزة الرضا..ونال وسام المدح( نعم العبد إنه أواب..) فكونوا سليمانيين..ولا تكونوا قارونيين..

وما أجْملَ وأعظمَ ماقال سيدنا الإمام الشافعي رحمه الله:

بلوتُ بني الدنْيا فلم أر فيهمُ/ /سِوى من غدا والبُخل مِلء إهابهِ..

فجرَّدتُ مِن غِمد القناعة صارِمًا/ / قطعتُ رجائي منهم بذُبابه..

فلا ذا يَراني واقفًا في طريقه/ / ولا ذا يراني قاعدا عند بابهِ..

غنِيٌّ بلا مالٍ عن الناس كلهم/ / وليس الغِنى إلا عَنِ الشَّيء لا بهِ..

وأعظمُ من ذلك وأكمل..حديث ثوبان رضي الله عنه..أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( من يتقبَّل- وفي رواية- يتكفَّل- لي بواحدة وأتقبل له بالجنة؟ قال: قلت: أنا..قال:( لا تسألِ الناس شيئا ) فكان ثوبانُ يقع سوطه وهو راكب. فلا يقول لأحد ناوِلْنيه حتى ينزل فيتنَاولَه ) رواه أبو داود وغيره..

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M