اللغة العربية ومجالات التحدي  السبعة

09 سبتمبر 2018 13:18
وقفات مع اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء

هوية بريس – د. محمد ويلالي

تعتبر اللغة من أكبر اهتمامات الأمم، لأنها تفصح عن مستوى تقدمها، ومقدار تطورها، إذ اللغة كائن حي، يتأثر بالعوامل الداخلية والخارجية التي تحوطه، وبمظاهر النهوض والضعف التي تكنفه. فالأمة التي حققت طفرات اقتصادية، واجتماعية، وحضارية، ترى لغتها حية، منفعلة، مؤثرة، تنتشر في الربوع، وتحقق لها الذيوع. تراها على المخترعات رافعة هامتها، وعلى الواجهات مشرئبة بقامتها، تهتبلها الصحف والمجلات، وتترجَم إليها يانع التحقيقات والدراسات. بل يسعد المتحدث بها في الأرجاء، ويتباهى متقنها بلا رجاء. فهي لغة العلم والحضارة، ووسم الشهرة والإشارة، تبز أخواتها من اللغات، وتبسط جناحها في الجنبات.

ف”اللغة تنظم تجربة المجتمع.. إذ كل لغة تنطوي على رؤية خاصة للعالم”[1] ـ كما قال إدوارد سابير ـ، بل هي “أساس تشكيل الأفكار، ودليل على النشاط الفكري للفرد”[2] ـ كما ذهب إليه سابير وورف ـ.

لقد فطنت الدول الكبرى إلى هذه الحقيقة، فسيجت لغاتها بسياج سميك من الحيطة، واحتضنتها احتضان الأم الرؤوم لمولودها. وأسبغت عليها من جميل تربيبها، وسربلتها حللا تجر ذيولها.

ـ فابريطانيا وأمريكا تنشئان مئات المعاهد حول العالم لتعليم الإنجليزية ونشرها، ليكون عدد المتحدثين بالإنجليزية في العالم يزيد عن مليار و800 مليون شخص.

ـ وفرنسا تصدر قرارات ملزمة باستعمال الفرنسية في كل المعاملات، وتقرر فرض غرامة مالية على كل كاتب يستعمل لفظاً إنجليزياً له مقابل فرنسي، ليصير عدد المتحدثين بالفرنسية في العالم قرابة 220 مليون شخص. واشتهر عن الرئيس الفرنسي السابق “جاك شيراك” قوله: “عِرض الفرنسي هو لغتُه”، وأقال وزيرا في حكومته لأنه أخطأ في كتابة خطاب.

ـ وألمانيا لا تسمح بإجراء أية دراسة على أرضها بغير الألمانية. وسلسلة معاهد “جوته”  لتعليم الألمانية منتشرة حول العالم. فصارت الألمانية يلهج بها ـ اليوم ـ أزيد من 200 مليون شخص.

ـ واليابانيون ترجمت لغتُهم حضارتهم، فجعلوها لغة العلم في بلادهم، وترجموا كتب الغربيين إليها، حتى ألفينا بعض أبنائنا يضع الحروف اليابانية والكورية والصينية على سياراتهم، وملابسهم، وبعض أدواتهم.

ـ بل إن اللغة العبرية ماتت في زمن من الأزمان، واختفت من الوجود، ثم دبت إليها الروح بتعاهد اليهود لها، وعظيم كلفهم بها، فمنعوا العامية بينهم، ودرسوا جميع العلوم بلغتهم، ونادرا ما نجد أحد ساساتهم يتحدث في المحافل الكبرى بغيرها، حتى وجدنا المهاجر إليهم يجبر على قضاء ستة أشهر يتعلمها، ويأخذ اسماً عبرياً غير اسمه الأصلي. واستطاع اليهود ـ وهم بضعة عشر مليونا ـ أن يفرضوا ست جامعات في قائمة الجامعات العالمية،  بينما تخلفت الجامعات العربية عن ذلك، إلا ما ندر.

قال الأستاذ مصطفى صادق الرافعي ـ رحمه الله ـ في كتابه: “وحي القلم”[3]: “ما ذَلَّت لغةُ شعبٍ إلا ذلّ، ولا انحطَّت إلا كان أمرُهُ في ذهابٍ وإدبارٍ. ومن هذا يفرِضُ الأجنبيُّ المستعمرُ لغتَه فرضاً على الأمةِ المستعمَرَة، ويَركبهم بها، ويُشعرهم عَظَمَته فيها، ويَستَلحِقُهُم من ناحيتها، فيحكم عليهم أحكاماً ثلاثةً في عملٍ واحدٍ. أما الأولُ: فحبْسُ لغتهم في لغتِهِ سِجناً مؤبداً. وأما الثاني: فالحكمُ على ماضيهم بالقتل محواً ونسياناً. وأما الثالثُ: فتقييدُ مستقبلهم في الأغلالِ التي يصنعُها، فأمرهم من بعدِها لأمرِهِ تَبَعٌ”. فلا عجب أن يصدح أحد المعاصرين[4] بالقول: “اللغة العربية قضية أمن قوميٍّ، لأن حياة الأمم في لغتها وقوتها وازدهارها”.

وكانت اللغة العربية لسان قوم كلُّ شيء لهم إنما “هو بديهة وارتجال، وكأنه إلهام. وليست هناك معاناة ولا مكابدة، ولا إجالة فكر ولا استعانة، فما هو ـ أي: العربي ـ إلا أن يصرف وجهه إلى جملة المذهب، وإلى العمود الذي إليه يقصد، فتأتيه المعاني أرسالا، وتنثال عليه الألفاظ انثيالا”[5]. فاختارها الله ـ عز وجل ـ من بين آلاف اللغات لتحمل كلامه، وتبلغ أوامرَه ونواهيَه. قال ـ تعالى ـ: (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ). وركز رسول الله r في النفوس هذه الحقيقة، فقال: “أُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ”[6]. وقال r:”إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا، أو: إِنَّ بَعْضَ الْبَيَانِ لَسِحْرٌ”[7].

ولذلك فحبنا للغة العربية، ودفاعنا عنها لا تحكمهما الأهواء، ولا ينتصب لهما رجم الأنواء، إنما ذلك نابع عن كونها لغة الدين، ووعاء كلام رب العالمين، وزينة وصايا سيد المرسلين. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: “اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب؛ فإن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. ثم منها ما هو واجب على الأعيان، ومنها ما هو واجب على الكفاية”[8]. وقال في مكان آخر: “اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون”[9].

وقال الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ: “فعلى كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهدُه، حتى يشهد به أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ويتلو به كتاب الله، وينطق بالذكر فيما افترض عليه من التكبير، وأمر به من التسبيح والتشهد وغير ذلك. وما ازداد من العلم باللسان الذي جعله الله لسان من ختم به نبوته، وأنزل به آخر كتبه، كان خيرا له”[10].

ولأجل هذا وجبت الغيرة على هذه اللغة العظيمة، التي ما حوربت إلا لارتباطها بالدين، وحملها لحضارة المسلمين، وهيمنتها مديدا من السنين. فكان بقاؤها تحت ظل بقاء القرآن الكريم، الذي لولاه لاندثرت، بفعل الهزات العنيفة التي اكتنفتها قديما وحديثا.

    حَتَّى امْتَلأْتُ  شَبَابًا   وَاسْتَوَيْتُ عَلَى * سُوقِي شَرُفْتُ بِوَحْيِ الْخَالِق الْهَادِي

    فَكُنْتُ  نُــورًا عَلَى نُـورٍ وَخَـلَّـــدَنِي * آيُ   الْكِتَابِ فَلاَ   أَبْــلَى  بِتَرْدَادِي

      وَلاَ يَـــــزَالُ كِتَــــابُ  الله  تَذْكِرَةً * لَوْلاَهُ لاَنْتَزَعَ الأَعْــــدَاءُ أَوْتَــادِي

     وَسَوْفَ أَحْيَا  بِهِ  فِي الْكَوْنِ خَالِـــدَةً * كَأَنَّنِي فِي صَفَــائِي يَوْمَ مِيــــلاَدِي

ومن أعظم الرزايا التي أصابت هذه اللغة، عزوف أصحابها عن الاعتناء بها.

يقول أحد الغربيين: “لا توجد على وجه الأرض لغة لها من الروعة والعظمة ما للّغة العربية، ولكن لا توجد على الأرض أمة تسعى بوعي أو من دون وعي لتدمير لغتها كالأمة العربية”[11].

ويقول د. قسطنطين زريق: إن “المشكلة ليست في تخلف اللغة، بل في أصحابها”. وذلك لأن اللغة العربية تحمل في طياتها بوادر تطورها، والجينات التي تكفل تكيفها مع المستجدات، وإيجاد المصطلحات للمخترعات، مع تميزها بموسيقيتها المتفردة، وتنغيماتها المتميزة. يقول المستشرق الفرنسي البروفسور “باربو”، أستاذ العربية في جامعة ستراسبورغ: “إن الموسيقية الفنية في التركيب اللغوي العربي أمر مدهش ومثير للإعجاب، وغير موجود ما يماثلها في هذه الدقة في اللغات الأخرى”.

ويقول جوستاف لوبون صاحب كتاب “حضارة العرب”: “كلما تعمق المرء في دراسة العربية، تجلت له أمور جديدة، واتسعت أمامه الآفاق، وثبت له أن القرون الوسطى لم تعرف الأممَ القديمة إلا بواسطة العرب، وأن العرب هم الذين مدنوا أوروبا في المادة والعقل والخلق”.

 وهي ـ إضافة إلى قوتها، ومرونتها، واستعداها للاقتباس والتعريب لكل لفظ دخيل من ألفاظ الحضارة والفنون والعلوم ـ،  تعد من أقدم اللغات على الإطلاق، حتى نسبها بعضهم إلى لسان آدم ـ عليه السلام ـ.

وهنا ألج مباشرة إلى بعض التحديات التي تعوق نماء لغتنا وتطورها، عبر حصرها في سبعة مجالات:

1ـ المجال النفسي:

 وهو نابع عن الإحساس بالهزيمة النفسية للأمة العربية. فالشعور بالتبعية ولد عندنا رسوخ عقدة نقص في نفوس الأجيال المتعاقبة، تدعو إلى الاستسلام، والارتماء في أحضان الغالب، الذي بهرنا بحضارته، وعشى أبصارنا بتقنياته، واستطاع أن يسوقنا إليه بإذعان واستخذاء،  مما كان له سيء الأثر على لغتنا التي زاحمتها لغة الأجنبي، فانقبعت في إطار ضيق، ومناسبات محدودة، وانسرب الاعتقاد أنها لغة عاطفة، وتصوير، وتخييل، وليست لغة علم، وابتكار، وتحليل، لغة شعر وقصص، وليست لغة علم، وطب، وهندسة، وتقنية. وهذا كله جهل بقيمة هذه اللغة، التي كانت رائدة في وقت من الأوقات، مؤثرة في غيرها، حتى إنها عُدت أم اللغات.

ـ  يرى المهندس والباحث عبد المنعم الغروري، أن 90% من القاموس الانجليزي أصله عربي، وأن 90% من الألفاظ الهندسية، أصلها عربي أصيل .ذلك لأن العربية أصل لغات العالم، ويضرب لذلك مثلا، يقول: “إذا سألنا أي إنسان على وجه الأرض: لماذا سمي أبو البشر باسم آدم؟ لن تجيبنا سوى اللغة العربية؛ فاسم “آدم” مشتق من الاسم العربي أدم، أي صَلُحَ، لأن أديم الأرض هو الجزء الأسود منها الصالح للزراعة، ولا يوجد الجذر الثلاثي (أ د م) في أي لغة أخرى، فألف المد عند نحاة اللغة العربية هي ألفان: الأولى متحركة بالفتحة، والثانية ساكنة، على وزن أفعل التفضيل أأدم، أي: الأصلح، ولا يمكن اشتقاق اسم (آدم) من غير العربية.. فإذا كانت صيغة التفضيل (آدم) لا توجد في ما يسمى اللغات السامية،  وهي ( العبرية، والآرامية، والكنعانية والسريانية)، تبين أن هذا الاسم تمحض في العربية، فتكون لغة آدم الأولى العربية، ومن ثم، فجميع اللغات تأخذ من العربية، فهي أصل لغات العالم.

وكلمة “نفط” أصلها “نبط”، وكلمة: “camera” أصلها “قُمَيْرَة”، وهي ترجع إلى العالِم العربي، عالم البصريات “ابن الهيثم”، الذي وقف على حقيقة الضوء، بصنع كوة من ورق، أو من جلد، وكان يتأمل من خلاله ضوء النجوم والكواكب، منعكسة على المرايا، وأطلق على جهازه الذي صنعه، أو على تلك الكوة لفظ (قُميرة) تصغير قَمَر، لأنها تشبه القمر، فسميت من ذلك الحين “قُميرة ابن الهيثم”.

وقد يكون الاقتباس من العربية بقلب اللفظ من اليسار إلى اليمين، مثل كلمة: “play”، لو قرأتها من اليمين إلى اليسار بالعربية، لأعطتك كلمة “يلعب”.

وقد يعتمد الاقتباس على نوع قلب للحروف، مثل كلمة: “ill”، والتي معناها في العربية “عَلَّ”، أي: مرض.

وقد يتم الاقتباس بحذف أحد الحروف، مثل كلمة: ” “Boyبمعنى “صبي”، بإسقاط حرف الصاد.

وقد يسقط صوت الحرف دون حذفه، مثل كلمةWalk” :”، فاللام لا ينطق، لأنه منقول من لسان العرب من اللفظ “وَلَق الرجلُ يَلِقُ” أي: اشتد في السير.

وقد يسقط الحرف كله، لعدم وجود صوته في اللغة الأخرى، مثل كلمة: “Small” من اللفظ العربي بمعني “اضمحل”، وهنا أبدلت الضاد بحرف الـ “S” محاكيا بذلك الفارسية والتركية، ثم أسقط “الحاء” لغيابها عن لهجة الأعاجم.. والأمثلة على ذلك كثيرة.

وهو الرأي الذي ذهب إليه  الأستاذ الفيلسوف والمفكر المغربي المعروف عزيز الحبابي، ودافع عنه. فهو يرى  أن أي لفظ في اللغة الفرنسية أو في زميلاتها المتفرعات عن اللاتينية، مهما كانت فصيحة أو دارجة، إلا ووجدتها قد أخذت ثلاثة أحرف ـ حدا أقصى، أو حرفا واحدا حدا أدنى ـ من نظيرتها اللغة العربية، فإن وافق ولم تجد ذلك، واعتقدت أن الأمر فيه خلل أو إشكال، فعد إلى المترادفات، سواء تلك المستعملة أو المهملة، فسوف تعثر على مبتغاك. وضرب لذلك أمثلة كثيرة، منها:

جريدة :journal يجمع بينهما حرفا الراء والجيم. حبر:encre  يجمع بينهما حرف الراء. طاولة:table  حرف الطاء. محل:local  حرف اللام. شعر:cheveux  حرف الشين. سماء  ciel: حرف السين. أرض :terre حرف الراء، وقد أخذت الإنجليزية هذا اللفظ برمته مبنى ومعنى: .earthe

فكيف ـ بعد هذا ـ نخجل من انتمائنا إلى هذه اللغة، ونعمق مأساة بعدها عن العلم والتقنيات الحديثة، معتقدين ضعفها واضمحلالها؟

2ـ المجال التربوي التعليمي:

ـ حيث لا تزال معظم المجتمعات العربية مختبرات تجارب للصيحات التربوية الغربية المتعاقبة، خاضعة للإملاءات الخارجية في ضبط المقررات، واختيار اللغات، الذي كان على حساب اللغة العربية، التي لم تلق من رعاياها العناية اللازمة للتطوير والتفاعل مع المستجدات. وهو ما ذهب إليه د. جابر عصفور، حين أوضح أن التعليم اللغوي العربي لم يرتفع إلى آفاق التحديات الحالية، ولم يتطور بما يتناسب واحتياجات العصر، ويتجاوبْ والدوافعَ الملحة لإصلاح التعليم اللغوي بوجه عام.

فالمنهجيات ضعيفة، والمقاربات متأخرة، والطرائق متذبذبة، والشعور بالإحباط جثا بكلائله على صدور كثير من المدرسين، الذين لا يجدون لزرعهم حصادا، ولا لنبتهم إيناعا.

نمد المتعلم بكم هائل من القواعد اللغوية، قد يحفظها عن ظهر قلب، لكن لا يتملك كفاية تفعيلها عند صياغة جمل وأساليب عربية، بل قد يحفظ ألفية ابن مالك في النحو والصرف لا يُفلت منها بيتا، ويضيق لسانه بنطق جملة واعية سليمة من الأخطاء.

وحتى النصوص المدروسة، تتسم في غالب الأحيان بالضحالة، والفقر المعنوي الشديد، فضلا عن الفقر الشكلي، الذي حلت فيه الحداثة محل الأصالة، والتساهل النحوي والصرفي والوزني محل الفصاحة والبلاغة وسلامة التركيب، دون الفطانة إلى أن الحداثة في وجهها المظلم، كانت من أعظم معاول هدم اللغة العربية، لأنها لا تعترف بقيود النحو والصرف، ولا تهتم بالوزن الشعري العمودي الأخاذ، الذي حفظ لنا تراثا لغويا كبيرا، لا يزال مرجعا للاستدلال على صحة الألفاظ، والمباني، والأساليب، بل تَعْمِد إلى العبث باللغة، بما سمح بالزيادة والنقصان في الألفاظ، والاشتقاقات غير الخاضعة لقانون اللغة، ليس ضرورة أو بلاغة، وإنما معاكسة للسائد، وتجاوزا للموروث. فأدونيس يرفع عقيرته قائلا: “يَلْزَمُـنا أن نُحيي شعر الشيطان”[12]. وينقب في كتب التراث ليستخرج منها كل انتهاك رديء، فيعتبره النموذج الذي يجب أن ينسج على منواله. ويجد ملاذه في عربدة “أبي نواس”، وجرأة “ابن أبي ربيعة”، مناديا: “إن الانتهاك هو ما يجذبنا في شعرهما”[13].

تَهَتُّكٌ كُلُّ مَا  يَدْعُـونَهُ  (أَدَبًا) * مِدَادُهُ رَاعِفٌ مِنْ كَفِّ أَحْقَادِ

فالإبداع عند هؤلاء ألفاظ وأشكال وأصباغ، بل وتفجير للغة المتمردة على السائد والنمطي، الثائرة على كل ما هو تراثي، المنقلبة على كل ما هو “إيديولوجي”..

وقد وَجد هذا المعيار من يرفده وينشره، ويشجع عليه، حتى أصبح طافيا طاغيا، وأصبحت (الأعمال الأدبية والفكرية التي تحظى بالاهتمام، وتلقى من الرعاية حظا يصل بها إلى الجوائز المحلية والعالمية، متفقة في شيء واحد، هو النيل من قيمنا، والإساءة إلى معتقداتنا”[14].

ومعظم النصوص الخاضعة لهذا المنهج، تتسم بالغموض القصدي، وكأن رسالة الفن القولي هي التعمية والإلغاز، وكأن أبناءنا في الإعدادي والثانوي، وحتى في الجامعات، قد بزوا المتنبي في فصاحته، والبحتري في معانيه، وأبا تمام في بديعه، لنخرج في نهاية الدرس اللغوي والتحليلي صفرا من كل ما يقوي لغتنا، ويحببها إلى الأجيال. بل وجدنا نفورا شديدا من النحو والصرف والبلاغة، التي خضعت ـ هي الأخرى ـ إلى المناهج البنيوية التشريحية، فأفرغتها من رونقها وجاذبيتها. ولم يكن كل ذلك في نظر د. صالح عبد القدوس إلا “تغطية العجز بالإبهام والفوضى، واصطناع لغة هي إلى العجمة أقرب منها إلى العربية الفصحى”[15].

وقد أثرت نزعة الغموض على أصحابها أيما تأثير، حتى طالبوا الإبداع نفسه أن يكون غامضا مستغلِقا، وفهموا أن الوضوح معناه الابتذال والسقوط، فقطعوا الصلة بالجماهير وعموم الناس، وقال قائلهم: “لا يهمني إن لم يفهمني أحد”[16].

وقديما ألمع “الجاحظ” إلى حقيقة الوضوح والبيان بقوله: “والبيان اسم جامع لكل شيء كشف لك قناع المعنى، وهتك الحجاب دون الضمير، حتى يفضيَ السامع إلى حقيقته.. لأن مدار الأمر، والغايةَ التي يجري إليها القائل والسامع، إنما الفهم والإفهام”[17]. وقال ـ أيضا ـ “المفهم لك، والمتفَهِّم عنك، شريكان في الفضل”[18].

ولقد انتهج الدكتور عبد الله الدنّان طريقة تدريس العربيّة الفصحى المُعْرَبة للأطفال في الكويت وسوريا، وطبق التجربة على اثنين من أبنائه، وأصبح الثلاثة يتحدثون بالفصحى فيما بينهم، ومع بقية العائلة بالدارجة. الدنان ـ هذا ـ يملك اليوم العديد من الروضات في دمشق، يتخاطب فيها المعلمات بالفصحى مع الأطفال منذ اليوم الأول، فما يلبث الأطفال أن يتحدثوا بفصاحة في تلك السن المبكرة.

ولقد فطن علماؤنا وآباؤنا إلى فضل تحفيظ القرآن الكريم للصغار، وما يترتب على ذلك من تعويد اللسان على كمال الفصاحة، وترويضه على جمال البلاغة، فضلا عن المخزون الكمي الهائل من الألفاظ والأساليب القرآنية البديعة، التي يكون لها كبير الأثر في ثقافة حافظ القرآن ولغته.

ومنذ أزيد من أربعين سنة، كشف علماء اللغة النفسيون (إرفن 1964م) و(تشومسكي 1965م)  و(لينبرغ 1967م) أن الطفل يولد وفي دماغه قدرةٌ هائلةٌ على اكتساب اللغات، وأن هذه القدرة تمكنه من كشف القواعد اللغوية كشفاً إبداعيا ذاتيا، وتطبيق هذه القواعد، ومن ثمَّ إتقان لغتين أو ثلاث لغات في آن واحد.

وقد كشف لينبرغ أن هذه القدرة على اكتساب اللغات، تبدأ بالضمور بعد سن السادسة، وتتغير برمجة الدماغ تغييراً بيولوجيا من تعلم اللغات إلى تعلم المعرفة. وهو دليل على أن مرحلة ما قبل السادسة مخصصة لاكتساب اللغات، وأن مرحلة ما بعد السادسة مخصصة لاكتساب المعرفة. واشتهر قول عمر t: “تفقهوا في العربية، فإنها تزيد في العقل، وتثبت المروءة”. وقول أُبَي بن كعب t: “تعلموا العربية كما تتعلمون حفظ القرآن”.

أما نحن، فقد صرنا نهتم بتعليم أبنائنا الصغار اللغة الفرنسية، ونود أن تكون أسبق إلى عقله وقلبه من العربية. وكم نفرح أن ينطق ابن ثلاث سنوات بكلمة فرنسية أو انجليزية، ونعتقد أنه بذلك قد أمسك الفرقدَين، أو اعتلى السماطَين.

يوصي المأمون أحد أولاده قائلا: “ما على أحدكم أن يتعلم العربية، فيقيمَ بها أوده، ويزين بها مشهده، ويفلَّ بها حجج خصمه، بمسكتات حُكمه، ويملكَ مجلس سلطانه، بظاهر بيانه”.

أما مجرد التباهي بالخلط بين اللغتين، والدمج بين اللسانين، لا لغرض تعلمي إلا للمفاخرة، وإظهار المكنة في تعجيم العبارة، فلا شك في كراهته. قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: “وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام، ولغة القرآن، حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله، وأهل الدار، وللرجل مع صاحبه .. فلا ريب أن هذا مكروه، فإنه من التشبه بالأعاجم”.

          ضَاعَـتْ  مَعَــالِمُ  تَأْرِيخِي وَأَمْجَـــادِي * لَمَّا  تَخَـــاذَلَ أَبْنَائِـــي وَأَحْفَــــادِي

         وَاسْتَبْدَلُوا  بِي لِسَـانًا   لَسْـتُ أَعْـرِفُهُ * وَلَيْسَ  فِيمَا اسْتَعَـاضُوا رَوْنَقُ  الضَّادِ

        كَمْ فَاخَرَتْ بِي فُحُولٌ يَوْمَ أَنْ عُقِدَتْ * بِالْمَجْدِ أَلْــوِيَةٌ مِنْ وَحْيِ إِنْشَــــادِي
وَكَــمْ تَسَامَى فَصِيــحٌ  فِي عَشِيرَتِـهِ * حَتَّى غَدَا سَيِّــدًا لِلْحَيِّ وَالنَّــــادِي

 فلو خاطب المعلم تلميذه بالفصحى، وعوده على استعمالها، ثم راجع هذا المتعلم دروسه في البيت بعربية فصيحة مسموعة، وخصص له أبواه نصف ساعة كل يوم يتحدثون فيها جميعا بالعربية، لكانت النتائج مذهلة. فكيف لو اغتنى المقرر بالنصوص المتقنة، والمضامين الهادفة، وتم تفعيل الحياة المدرسية على طبق من الفصحى السليمة، وتخصيص أوقات وفضاءات للقراءة الحرة الأنيقة، والتعود على التعامل مع المصادر الرصينة، والكتابات الرزينة، واللعب اللغوية، والمسابقات التمهيرية، والمحترفات الإبداعية، وورشات تنمية الملكة اللغوية، ومهارة الاستماع، والاستيعاب، والتعابير الشفوية، وربط كل ذلك بمقرر ثر الأساليب، غزير المعارف، عظيم الفوائد؟

 ويرتبط بهذا المجال، المجال السياسي:

ويقصد به غياب القرار السياسي الذي يعزّز دور اللغة العربية في التعليم، والإعلام، والمحافل القُطرية والدولية. فالعربية هي اللغة الرسمية في كل بلد عربي، وعدد المتكلمين بها يقارب ال 500 مليون شخص، وهي اللغة التعبدية لأزيد من مليار ونصف من المسلمين، يتوزعون العالم كله شرقا وغربا، شمالا وجنوبا.

لقد عجز هذا القرار عن ترسيم العربية لغة للتواصل في اللقاءات الدولية الكبرى، كما هو الشأن بالنسبة للغات الأخرى، بما فيها العبرية. ولعل اختلاف المواقف بين الدول العربية أثر في هذه الإرادة السياسية في جعل العربية لسان العرب في مثل هذه التجمعات والمحافل.

وأما بالنسبة للمستوى القطري، فإننا نجد بعض البلاد العربية لا زالت عاجزة عن تحدي اللغات الدخيلة، المهيمنة على سياستها التعليمية، ووثائقها الإدارية، وإعلاناتها، وملصقاتها، ولوائحها الإشهارية، وواجهات محلاتها ومكاتبها، ومستشفياتها، وإعلامها، وتخاطباتها المحفلية. فعلى الرغم من المجهودات المبذولة في تعريب العلوم منذ أن تزعمت هذه البادرة الدولة السعودية سنة 1940م، حين سعت إلى محاولة توحيد المصطلحات الطبية المعربة ـ مع أن التعريب في حقيقة الأمر انشغل به العرب منذ أن أسس هارون الرشيد ـ رحمه الله ـ دار الحكمة، التي تتبعت الكتب الصادرة بمختلف اللغات، وترجمتها إلى اللغة العربية ـ فإن اللغة الأجنبية ـ في كثير من الدول العربية اليوم ـ لا تزال جاثمة بمصطلحاتها العلمية، ولغتها التواصلية.

وحتى بالنسبة لجهود المجمعات العربية، لا تزال قاصرة عن توحيد المصطلحات، لضعف التنسيق بينها، وعدم القدرة على التوافق في ضبط المصطلحات، وضعف التمكين لنشر المتفق عليه منها، مقابل الإذاعة للألفاظ والمصطلحات والأسماء الأجنبية، مما يفوت فرصة التوحد اللغوي بينها، المفضية إلى التوحد في القرارات الكبرى لهذه الدول.

الطبُّ ـ اليوم ـ  في العالم كله، صار يدرَّس باللغة القومية في كثير من البلدان، في اليونان، والألبان، وبولونيا، وفي أرمينيا، وطاجكستان، إلا البلاد العربية في معظمها، لا تزال مترددة في هذا المجال.

ومن الجهود المبذولة في عصرنا ـ مما يجمل التنويه به وتشجيعه ـ تلك التوصيات التي أصدرها مجمع اللغة العربية بالقاهرة، في مؤتمر عام 1992م، القاضية بأهمية أن يحفظ المتعلمون في المراحل الأولية ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم، لتقوية المهارات اللغوية لديهم، وأن تكون اللغة العربية لغة تدريس في الجامعات، وترجمة الكتب العلمية والطبية والتقنية والدوريات العلمية والموسوعات إلى العربية، وتأكيد استخدام اللغة العربية الفصحى في وسائل الاعلام.

وكان للاستعمار دور بارز في تعميق الهوة بين العربية وبين العلم، قصدا إلى إضعافها، وإزاحتها عن ميدان التنافس. وقد صرح دوغول في مذكراته ـ بُعَيد استقلال الجزائر ـ قائلاً: “وهل يعني أننا إذا تركناهم يحكُمُون أنفسهم يترتب التخلِّي عنهم بعيدًا عن أعيننا وقلوبنا؟ قطعًا لا، فالواجب يقتضي منا مساعدتهم؛ لأنهم يتكلَّمون لغتنا، ويتقاسمون معنا ثقافتنا”. فخرج الاستعمار الجسدي، وبقي الاستعمار الثقافي.

4ـ المجال الإعلامي:

حيث يمكن القول إن هذا المجال لا يرتقي باللغة العربية إلى المستوى المطلوب، بل قد نجد من الانحرافات في الضبط، والنطق، والاستعمال ما يسيء إلى اللغة، وهو المجال الذي يهجم علينا في البيوت عبر المَرَاني (شاشات التلفاز)  والإذاعات، ونتابعه عبر الصحف والمجلات، ويصاغ أشرطة وأفلاما عبر الخَيَّالات (دور السينما)، ويتداوله الناس عبر الشبكيات (الأنترنت).

وهكذا صار المثقف العربي الذي يريد أن يستمتع بلغة إعلامية تزيد من رصيده اللغوي، وترتقي بذوقه، يقع بصره على حوارات ثقافية، وندوات فكرية، وتحليلات سياسية ـ بالنسبة لكبريات القنوات العربية ـ باللغة العامية، وحتى إذا بذل أحدهم مجهودا في التعريب، فبلغة منتزعة، وأساليب متواضعة، وعبارات متداعية، فلا يكاد يصل المعنى إلى المتلقي إلا ببعض تأويل، وشيء من التوجيه. والنادر لا حكم له.

أما أخطاء المذيعين والمذيعات، فينقطع منها العجب، نحوا، وصرفا، واشتقاقا، وتشقيقا، وأسلوبا، وتعبيرا، ونطقا، تتخللها العامية في بعض جوانبها، وتهجم عليها اللغة الأجنبية المعربة تعسفا في البعض الآخر. بل إن بعض البرامج تعلمنا لغة سوقية منحطة، لا هي بالعربية، ولا هي بالدارجة، ولا هي بالأجنبية، فضلا عن المسلسلات العامية، التي تسربت بعض ألفاظها إلى لغة الإنشاء عند بعض تلاميذنا، وبخاصة اللهجة المصرية، وهو ما يسبب في إضعاف اللغة العربية على حساب اللهجات القطرية، التي تزيد في تأزيم العلاقات بين البلاد العربية، التي تحاول كل واحدة منها أن تفرض لهجتها المحلية، اعتقادا منها أن ذلك دليل على القوة والريادة.

5ـ المجال الاجتماعي:

ضعف الروابط الأسرية، مع أن معظم الأسر ـ اليوم ـ متعلمة، تقرأ وتكتب. فباستحضار الوعي بأهمية اللغة العربية، تستطيع القيام بخطوات مهمة، تمكن الأبناء من التمهير في مجال التواصل بعربية فصيحة. من هذه الخطوات:

ـ التتبع اليومي للسير الدراسي للأبناء في مجال اللغة العربية، ولو بطريقة الساعات الإضافية، بما يوازي هاجس الاعتناء بالمواد العلمية واللغات الأجنبية.

ـ تكثيف اللقاءات الأسرية الأبوية، واستثمارها لتشجيع اللغة العربية، مثل أوقات التحلق حول مائدة الأكل، أو استقبال بعض الضيوف ذوي الهاجس اللغوي المشترك، أو تقويم لغة بعض ما يشاهده الأبناء على الشاشات والشبكية. فلو تم الاتفاق في مثل هذه اللحظات على التكلم بالعربية الفصحى، لكان لذلك أعظم الأثر.

ـ استغلال الأم تواجدها مع الأبناء لاختيار قصص هادفة بالفصحى، وبخاصة قبل النوم.

ـ زرع أهمية اللغة العربية وحبها في نفوس الأبناء، والفرح بنطقهم بالعربية السليمة فرحهم بالنطق بالأجنبية، وتشجيعهم على ذلك بالحوافز المادية والمعنوية.

ـ إزالة أكذوبة الأدبي والعلمي، ومطلق الرغبة في التوجه العلمي للطب، والهندسة، والتقنية، والطيران.. حيث أصبح الشباب العربي يرى المستقبل المضمون في الهندسة، والطب، والإلكترونيات، أكثرَ مما هو في الآداب والعلوم الاجتماعية، نتيجة عزوفِهم عن اللغة العربية إلى لغة الحياة والمناصب، وما سيتبعُ ذلك من تعلُّم لغة الإدارة والإعلام والصحافة.

6ـ المجال التواصلي:

حيث تربعت وسائل الاتصال الحديثة على عرش أذهان وأفكار أبنائنا، فاختلقوا لأنفسهم لغة تواصلية عجيبة، وغالبا ما تكون بحروف لاتينية، هي إلى الرموز والطلاسم أقرب منها إلى لغة مفهومة. أما المواد التي يطالعونها على الشبكية، فهي في معظمها تنزع إلى لغة الغالب، أي: الإنجليزية والفرنسية، وليس للعربية موقع قدم إلا في البرامج التي استمات بعض الغيورين في ترجمتها، أو إنشائها، وحتى إذا وجدت إمكانية كتابتها، فبغير إمكانية الشكل، مما يصعب مَهمة التواصل السليم.

7ـ المجال الثقافي والإبداعي:

لقد رسخ في ذهن كثير من مبدعينا أن الفن لا يقدَّم للجمهور إلا بلغة القرب، أي اللغة التي يتداولها الناس ويفهمونها، اعتقادا أنهم يستصعبون اللغة الفصحى، ولا يفهمونها. ولعمرى هل نقصد إلى الارتفاع بأذواق الجمهور إلى جمالية لغتهم، التي بها يقرأون كتاب الله، ويطالعون حديث النبي r، أم نريد من اللغة أن ترتكس في حمأة الأساليب الدارجة، التي اختلطت فيها الألفاظ من جميع الجهات، وتقدم على أنها فن مسرحي، أو شعري، أو سينمائي؟

لقد طالعنا قوم ينادون بالعامية لغة وطنية، بها ندرس العلم، وبها نتواصل في المدارس والجامعات، وبها نبدع النصوص الأدبية، تبرما بهذه اللغة العربية الشريفة، التي رفعت هامة المسلمين ردحا من الزمن غير يسير، يوم أن كان العالم لا يطرق باب المعرفة العلمية إلا من باب اللغة العربية، حين استوعبت ـ في سلاسة عجيبة ـ مصطلحات العلوم المختلفة الواردة من اللغات اليونانية، والسريانية، والفارسية، والرومانية. ولا يزال هذا من أكبر التحديات التي تعترض طريق اللغة العربية.

لقد اقترح بعضهم أن يلغى الإعراب، فنسكن أواخر الكلمات، كما دعا إلى ذلك لطفي السيد.

واقترح عبدالعزيز فهمي كتابة العربية بالحروف اللاتينية.

وخصصت الحكومة المصرية جائزة مقدارها ألف جنيه، لأحسن اقتراح في تيسير الكتابة العربية.

وآخر صيحة التشظي في المغرب، تقضي بإدراج بعض الألفاظ العامية في الكتب المقررة في بعض مستويات السلك الابتدائي.

كل هذه العوادي والعربية شامخة صامدة، تأبى على الموات، ولسان حالها يردد:

إِنِّي  وَإِنْ هَانَ قَوْمِي وَارْتَضَوْا  نُزُلاً * دُونَ الثَّرَى لَمْ يَزَلْ فِي الْمَجْدِ  مِيعَادِي
وَلاَ  تَزَالُ  كُنُـوزِي   فِي  مَخَابِئِهَـــا * يَفْنَى الزَّمَــانُ وَتَبْقَى رَوْعَةُ الضَّــادِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ـ أبحاث ودراسات في اللغة العربية، بسام بركة، الكتاب الأول، ص: 10.

[2] ـ نفسه.

[3] ـ ج: 3، ص: 27.

[4] ـ د. عبد العزيز التويجري، الأمين العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.

[5] ـ “البيان والتبين”، الجاحظ، ج: 3،  ص: 28.

[6] ـ رواه أحمد برقم: 7608. قال أحمد شاكر: “إسناده صحيح”.

[7] ـ صحيح البخاري برقم: 5767.

[8] ـ اقتضاء الصراط المستقيم. ص:207.

[9] ـ المصدر نفسه، ص: 203.

[10] ـ الرسالة للإمام الشافعي، ص: 42.

[11] ـ نحو إتقان الكتابة باللغة العربية، أ.د. مكّي الحسَني، ص: 2.

[12] ـ “زمن الشعر”، علي أحمد سعيد (أدونيس)، ص: 240.

[13] ـ ” الثابت و المتحول”، علي أحمد سعيد (أدونيس)، ج: 1، ص: 216.

[14]ـ ينظر: مقال: “ثقافتنا المعاصرة بين الكائن والممكن”، د. حسـن الأمراني، مجلة المشكاة، ع:14 ـ 1991م،  ص: 12.

[15] ـ مقال: “لغة النقد الحديث”، مجلة الأدب الإسلامي، ع: 5، ص: 112.

[16] ـ رجاء العالم، جريدة “عكاظ”، ع:7580 ـ 1/8/1408 هـ، ص: 7.

[17] ـ “البيان والتبين”، ج: 1، ص: 76.

[18] ـ نفسه، ص: 11.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M