بالفيديو.. «الصبار» يقول: حكم الإرث ليس قطعيا.. وأينما تكون المصلحة فتم شرع الله..

28 يناير 2016 23:28
بالفيديو.. «الصبار» يقول: حكم الإرث ليس قطعيا.. وأينما تكون المصلحة فتم شرع الله..

هوية بريس – نبيل غزال

الخميس 28 يناير 2016

من جديد خرج محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان الحالي، بتصريح مثير على إذاعة Mfm، حيث كرر الصبار ما جاء في توصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان بخصوص تغيير حكم الله تعالى في الإرث، وقال: “من يدَّعون أن حكم الإرث قطعي لا يريدون النقاش.. وأن كل النصوص الدينية لها سياق.. وأينما كانت المصلحة فتم شرع الله”.

وأضاف الصبار في تصريحه المثير: “حينما نتحدث عن الحكم القطعي لا بد أن نتحدث عن الجزاء، لأن الأحكام القطعية مقرونة بالجزاء، والحكم القطعي يدخل في باب العبادات لا في باب المعاملات“!

وقد مثل “الفقيه” اليساري لذلك بمثال فقال: “إذا قلنا للناس لا تصوموا رمضان وصوموا عشرة أيام فقط؛ أو لا تصلوا خمس صلوات وصلوا واحدة هذا حكم قطعي، لكن باب المعاملات باب يتطور مع تطور العصر”.

ليخلص بعد ذلك إلى أن نصوص الإرث ليست قطعية وأنه “لم يتطاول على اختصاص جهة معينة ولن يقبل أن يتطاول على جهة معينة” في إشارة إلى فتوى المجلس العلمي الأعلى في هذا الإطار.

فليست هذه هي الخرجة المثيرة الأولى للعضو السابق بالشبيبة الاتحادية وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، فعلى ما يبدو فهو مصر على أن يقحم نفسه فيما لا يحسن، من خلال تجرئه على توظيف قواعد شرعية توظيفا منحرفا بعيدا عن المراد منها.

فبعد أن طالب الرفيق بمجددين دينيين من طينة السوداني حسن الترابي الذي أفتى بأن العلة من وراء تحريم الخمر هي تجنب الوقوع في المحذور، ومتى لم يقع هذا المحذور فلا ذنب على الإنسان في شربها، وبعد أن استغل تعطيل عدد من الأحكام الشرعية ليطالب بتعطيل نظام الإرث تباعا، ها هو اليوم يعود ويوظف كلاما لبعض العلماء توظيفا منحرفا يخدم غايته ومراده، ويدعي أنه أينما كانت المصلحة فتم شرع الله!!!

أكيد أن هذه العبارة ذكرها بعض الفقهاء، لكنهم أرادوا من ورائها معنى آخر غير الذي نقله مفكرون علمانيون، وتبعهم عليه بعد ذلك الصبار، فهذه القاعدة يفهمها أهل الشأن دون سواهم، ولا تؤخذ على إطلاقها (وإنما تقبل فيما لم يحكم فيه نص صحيح صريح، وهذا هو مجال المصلحة التي عرفت لدى الأصوليين بـ “المصلحة المرسلة” وهي التي لم يرد نص شرعي خاص باعتبارها ولا بإلغائها، وقد اشترط للعمل بهذه المصلحة شروطا، أولها وأهمها: ألا تعارض نصا محكما، ولا قاعدة قطعية، وإلا كانت مهدرة ملغاة).

وأما ادعاؤه أن الأحكام القطعية متعلقة بالجزاء والظنية لا جزاء عليها، فهذا ما لم يقله أصولي من قبل، حيث أكد علماء الأصول أن: “النص القطعي الدلالة: هو ما دلَّ على معنى متعيَّن فهم منه ولا يحتمل تأويلا ولا مجال لفهم معنى غيره منه، مثل قوله تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ) النساء:12، فهذا قطعي الدلالة على أن فرض الزوج في هذه الحالة النصف لا غير، ومثل قوله تعالى في شأن الزاني والزانية (فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ) النور:2، فهذا قطعي الدلالة على أن حد الزنا مائة جلدة لا أكثر ولا أقل، وكذا كل نصٍّ دلَّ على فرض في الإرث مقدَّرٍ أو حدٍّ في العقوبة معيَّن أو نصاب محدَّد.

وأما النص الظني الدلالة: فهو ما دل على معنى ولكن يحتمل أن يؤول ويُصرف عن هذا المعنى ويراد منه معنى غيره، مثل قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ) البقرة/ 228، فلفظ “القرء” في اللغة العربية مشترك بين معنيين يطلق لغة على الطهر ويطلق لغة على الحيض، والنص دل على أن المطلقات يتربصن ثلاثة قروء، فيحتمل أن يراد ثلاثة أطهار، ويحتمل أن يراد ثلاث حيضات”. انتهى من (علم أصول الفقه لعبد الوهاب خلاَّف؛ ص:35) .

ثم إن النصوص الشرعية سواء ما تعلق منها بباب العبادات أو المعاملات لا تتطور بتطور العصر -كما ادعى الصبار-؛ لأنها تتميز بصفات خاصة دون غيرها من النصوص الأخرى؛ ومن بين هذه الصفات الثبات والشمول.

فهي شاملة لكافة مناحي الحياة، وثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال، قال الحق سبحانه: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}.

قال الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى في كتابه مقاصد الشريعة: “معلوم بالضرورة من الدين أن شريعة الإسلام جاءت شريعة عامة داعية جميع البشر إلى اتباعها، لأنها لما كانت خاتمة الشرائع استلزم ذلك عمومها لا محالة سائر أقطار المعمور وفي سائر أزمنة هذا العالم“.

الشيء الجميل في خرجات الصبار المثيرة هو اقتحامه مجالات لا قبل له بها، وادعاؤه أمورا غريبة، وأكثر من ذلك طرحه لمثل هاته الترهات بلغة الإنسان الواثق من نفسه والمستيقن مما يقول!!!

[email protected]

آخر اﻷخبار
10 تعليقات
  1. لو جارينا هذا الكائن في طريقة استخدامه للقواعد الأصولية والفقهية، كقاعدة القطعي والظني، وقاعدة المصالج والمفاسد، وقاعدة الثابت والمتغير، وقاعدة العبادات والمعاملات، أقول لو جارينا هذا الكائن وقبلنا طريقته في توظيف القواعد الأصولية والفقهية لصار الدين الإسلامي نسخا بعد أنفاس البشر وبعدد أهواء البشر ، ولادعى من شاء من المجترئين أن الحكم الشرعي الفلاني له سياقه المعين وتغير السياق يجعله في حيز البطلان، وأن المصلحة الفلانية تقتضي تجاوز الفريضة الشرعية الفلانية، وأن كل ما يتعلق بالتنظيم الشرعي للسلوك الأسري والمدني والاقتصادي والجنائي ينبغي أن تطوى صفحته لأن هذا جانب معاملاتي يخضع للتطور وهكذا يهدم دين الإسلام لبنة لبنة ويتلاعب بأحكامه الجهلة والموتورين، وولا يبقى منه إلا بعض الرسوم والأشكال.

  2. والذين أغلقوا باب النقاش في أحكام المواريث مسلمون منطقيون مع مقتضيات العقيدة الإسلامية التي تأبى على المسلم أن يغير شيئا من الأحكام الثابتة بالأدلة الصحيحة الصريحة، لأن ما كان من هذا القبيل من الأحكام الشرعية قد أخرجه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم من دائرة الاجتهاد وجعلاه أحكاما ثابتة تشكل الوحدة الفكرية والسلوكية للمسلمين تمنعهم من الذوبان في غيرهم. ولا يعني غلق باب النقاش في الإرث عدم القدرة على الإقناع وبيان أن قانون المواريث معجزة تشريعية لا يدرك أبعادها قصار النظر المحجوبون عن الهداية

  3. حيث ما وجد النص الشرعي الصحيح الصريح فثم المصلحة بالميزان الشرعي المصلحة التي توازن بين الروحية والمادية وبين الواقعة والمثالية وبين الدنيا والآخرة. أما قولهم حيث ما كانت المصلحة فثم شرع الله فالمقصود بها المصلحة التي لا تصادم نصا قطعيا أما التفريق بين العبادات والمعاملات في الثبات الإلزامية فخطأ فاحش لأن العبادة معاملة والمعاملة عبادة العبادة معاملة للرب تعالى والمعاملة عبادة لأنه تقيد بأمر الله تعالى في معانلة العباد

  4. نتمنى من هوية بريس ان تتكرم على متابعيها بلقاء خاص مع سيدي مولود السريري حفظه الله .فانه قاهر العلمانين بامتياز .ومن قرأ كتابه القانون في تفسير النصوص سوف تظهر له هشاشة هذا الفكر وتهافته .

  5. ادعى أن النص القطعي يجب أن يكون مرتبطا بالجزاء كي يكون قطعي الحكم و هذا ما لاينطبق على أية الإرث حسب زعم الجاهل بالقرءان
    و لو أتم الأية لوجد الجزاء قال الله تعالى بعد ءاية الإرث :” تلك حدود الله ومن يطع الله و رسوله ندخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها و ذلك الفوز العظيم و من يعص الله و رسوله و يتعد حدوده ندخله نارا خالدا فيها و له عذاب مهين ” النساء : 13_14. و مع ذلك يطالب بمناظرة العلماء فيا ليت علماءنا حفظهم الله يناظرون هؤلاء الذين تجاسروا كثيرا على مبادئ الشريعة القطعية كي يدركوا حجمهم الحقيقي ,

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M