بلْ عصيتِ ربكِ حين خلعتِ الحجاب!!

18 يوليو 2017 23:16
بلْ عصيتِ ربكِ حين خلعتِ الحجاب!!

هوية بريس – لطيفة أسير

حين يطالعك عنوان مستفز كهذا (عرفتُ ربي حين خلعت الحجاب)، لا يمكن أن تتجاهله أو تمر عليه مرور الكرام، بل ستستعى لمطالعته ومعرفة ما حواه المقال ليس بحثا عن دليل يفنّد مشروعية الحجاب، ولا عن مبررات تدعم نهج السفور والتبرج، ولكنه محض فضول يجعل كل غيور على دينه وشرع ربّه يقرأ مثل هذه الافتراءات والتّرهات للردّ عليها وتفنيد ادعاءاتها معذرة إلى ربنا.

طالعتُ -سيدتي- المقالة الموسومة بذاك العنوان الفضفاض، وفوجئت حين ألفيتها خاوية على عروشها، لا تستند لدليل شرعي ولا لمنطق عقلي، ولا حتى لأسلوب متين يعضد الفكرة ويقويها، بل هي محض هذيان شخصي لنفس زاغت عن شرع الله فأتت بهذا المنكر!

أحادثك كأنثى، منّ الله عليها بنعمة الحجاب مُذ كانت في السنة الثانية ثانوي، وما عرفتْ الإيمان والأمان الحقّ إلا بعد ارتدائها للحجاب، وما زادت معرفتها بالله إلا بعد أن ارتدت الحجاب. لن أناقشك في دلائل الحجاب لأن العلماء قاموا بالواجب في ذلك، وأتحدث هنا عن العلماء الأماجد من سلف الأمة الصالح الذين وافق خبرهم مخبرهم، ولكني سأقف وقفات مع بعض ما خطّته شناتركِ في مقالتك القصيرة.

أنتِ ترين أنه من الخطأ اعتبار الحجاب هوية المرأة المسلمة، ومن الخطأ أن نبني عليه أحكاما، وأنا أقول لك أخطأتِ، لأن أساس هوية الكائن الحيّ هو كل السمات المحددة لطبيعته وكينونته والتي تجعله مغايرا للآخر، وهذه السمات تتداخل فيها عوامل شتى اللباس جزء منها وليس كلها، منها ما هو ديني وثقافي ووطني وغير ذلك، فأنا مسلمة ليس فقط بحجابي بل هناك مقومات أخرى تحدد هويتي التي أعتز بها، من عقيدة وشعائر تعبدية أمارسها وأخلاق وقيم ومبادئ وسلوكات ثم زيّ شرعي يعبر عني.

تقول (تبسّم روبي)؛ المختصة في قضايا المساواة بين الجنسين في جامعة ميشيغان الغربية: “إنّ لكل المجتمعات والثقافات الزيّ الخاص بها، فالمجتمعات الإسلامية ليست استثنائية في هذا الصدد، لكن إذا كانت المرأة في الغرب لا تُسأل عن سبب ارتدائها الملابس القصيرة والمكشوفة، فلماذا إذن نتساءل عن الحجاب؟” فعلا لا أدري لماذا نتساءل دوما عن حجاب المرأة المسلمة وكأنه قنبلة موقوتة تهدد العالم بالفناء!! ولا أدري لمَ نُسألُ عن لباسنا وهم لا يًسألون؟!

لكن دعينا نتفق أن الحجاب الذي يعتبر هوية حقيقية ليس تلك الخرقة التي توضع على الرأس، أو ذاك الزيّ السابغ المسدل على الجسم فحسب، بل هو كيانٌ قائم بذاته لمن عرفت قدره وقيمته. إنه مدرسة تلِجها الفتاة المسلمة منذ صغرها، فتتأدب من خلاله بخِلال الإسلام، وتستقي من فيضه جرعاتِ صمودٍ في وجه المحن، وسراجٌ ينير لها كلّ العتمات التي تُرْبك سيرها في الحياة. ولن تعِي فائدة الحجاب إلا من تشبّعت روحها به، وآمنت به إيمانًا لا تخالطه ريبة، وما من جدال بين النساء اللواتي أنعم الله عليهن بارتداء الزي الشرعي أنه غيّر كثيرًا من شأنهن وأمور حياتهن؛ سواء على المستوى النفسي أو الفكري أو الجسدي، وحسبها مغْنمًا في الدنيا تلك السكينة التي تداعب أنفاسها بمجرد ارتدائها له، وذاك المدد الربّاني الذي يشد من أزرها كلما تعثرت بها الخُطى.

كما أنه لا يمكننا أن ننفي صلة ملامح الوجه بالهوية، أو ندّعي أن من به إعاقة في جسده ليست له هوية، فلا يقول بهذا من كان له لبٌّ سليم!! فالملامح أول محدّد للشخصية والهوية ظاهرًا، فيمكن أن نعرف هوية العربي من العجمي من ملامح وجهه، ونعرف هوية البدوي من الحضري من ملامح وجهه، ونميز الذكر والأنثى من ملامح الوجه وهكذا…

أما قولك في الآية الكريمة (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) أن (القرآن جاء بلفظٍ محتمل عندما أمر المؤمنات بضرب الجلباب على الجيوب، ولذا تساءل العلماء: هل يدخل الحجاب في ذلك أم لا؟).

فلا أدري عن أي لفظ محتمل تتحدثين مع أن الكلمات واضحات وليس بها مشكل ولا متشابهات، وألفاظها معلومات من اللغة بالضرورة، فالجيب فتحة الصدر والخُمر أغطية الرأس، والمعنى كما قال العلماء أن الله أمر المرأة بتغطية فتحة صدرها. حيث كانت النساء يغطين رؤوسهن منذ السنة الخامسة، لكن كانت المرأة تترك شقاً في ثوبها من عند الرقبة إلى أسفل الصدر (أي بين ثدييها)، حتى تستطيع إرضاع ولدها. فلذلك قد تبدو فتحة صدرها (أي جيبها) من هذا الشق. ولذلك أمرها الله أن تغطي (أي تخمِّر) هذا الجيب. لكن عجبي لهذا الاستدلال الذي ذكرته، كيف فهمته أمهاتنا المؤمنات الأُوّل، وكيف فهمته أنتِ الآن، ولا أخالك لم تمري على هذا الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن أمنا عائشة رضي الله عنها قالت: (يرحم الله نساء المهاجرات الأول. لما أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن مروطهن فاختمرن بها) !!

في المقال خلط واضح بين الحجاب والنقاب، و نقاش عاطفي أكثر منه علمي، ودعوته لمعصية الله وليس لمعرفة الله. وتعبير صاحبته بقولها (خلعت الحجاب) يثير في النفس الشفقة على أولئك النساء اللواتي تحجبن ثم خلعن حجابهن استجابة لنداءات شهوانية لن تسمن ولا تغني من جوع، لأن الخاسر الأول والأخير هو من خلعت، فالحجاب باقٍ ما أبقى الله هذا الدين، وشرع الله ثابت و لن يتغير، وباقٍ ولن يزول، ومنتصر ولن يندحر.

آخر اﻷخبار
3 تعليقات

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M