حق الملكية بالمغرب (1912م)

24 فبراير 2022 19:30

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

ملخص النص:

يتحدث النص عن أن الأوروبيين الذين كانوا ممنوعين من تملك العقارات في المغرب، لغاية مؤتمر مدريد سنة 1880، حيث وضعت شروط لذلك الاقتناء، منها إشراك مغربي في المشروع المزمع القيام به في العقار المنوي شراؤه، ولما عقد مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906 خفف من تلك الشروط، لكن بقيت مراقبة السلطة المغربية قائمة لعملية البيع والشراء، وتحول السمسرة والشركاء لمحميين، خارجين عن القانون المحلي باعتبارهم مجنسين أجانب، تطالهم قوانين دولة الحماية، مما شكل مشكلة للدولة المغربية عانت منها الكثير.

كلمات مفاتيح:

مؤتمر مدريد، مؤتمر الجزيرة، ضريبة الأبواب، بني احسن، الغرب، ازعير، سبو، محمي، بني يزناسن، اطريفة، الشاوية، الشرع، أرض موات، إحياء أرض موات.

نص الموضوع:

Ledroit de propriete au maroc

عالج مؤتمر مدريد المنعقد في 3 يوليو سنة 1880مسألة حق تملك الأوربيين بالمغرب، حق تملك العقارات بالمغرب، الذي بقي ذلك الحق الذي بقي خاضعا للموافقة المسبقة للحكومة المغربية، بيد أن مؤتمر الجزيرة المنعقد في 7 أبريل سنة 1906 سيحدد الشروط التي بموجبها يمكن للأجانب الحصول على أملاك في كل ربوع المغرب، بعد موافقة الحكومة دائما على ذلك، وحيازة إذنها، في دائرة شعاعها 10كلم حول القصر الكبير، أصيلا، أزمور، وأماكن أخرى بالداخل، ووعد السلطان بمنح موافقته بصفة عامة، من غير الحاجة لطلبها، في كل عملية شراء لعقار.

لكن الأجانب وجدوا أمامهم عدة عراقيل أثناء الشراء قصد التملك والحيازة، ذلك أن عملية البيع لا تتم إذا لم يكن للبائع الأهلي، الحق في بيع ما يريد بيعه من الأرض التي يتصرف فيها، إذا لم يثبت الحق في تملكها تملكا صحيحا، وأنها ليست أرضا لجماعة السلمين: كأرض الأحباس، أو أرض المخزن التي يعطيها السلطان للقبائل العسكرية، المكونة لجيشه المتواجد حول المدن، وفي القلاع لضمان الأمن بها وحولها.

ومن بين الأراضي المخزنية المشمولة بهذا الوضع منطقة سبو المعطاة من قديم لسكان الغرب، كي يستغلوها، من أجل أن يكونوا على استعداد لتقديم الدعم للسلطان، إذا لزم الأمر، ودعت الضرورة، لكن اضطرابات زمور مع بني احسن، جعلت هؤلاء الأخيرين بدورهم يرمون سكان الغرب وراء سبو، ويستولون على كامل أراضي مجرى الواد، وفكروا في بيعها، لكنهم اصطدموا بقواعد الشرع الذي يعتبر أن الأرض الموات المتخلى عنها، هي من نصيب أول من أحياها، في حالة ما إذا ما انقطع أثر مالكها، ولم يتسن معرفته بعد البحث والتدقيق.

من جهة أخرى كان السلاطين من أجل حماية العواصم الأربعة، فاس، مكناس، مراكش، الرباط، قد أسكنوا رجال قبيلة لوداية، التي استقدموها من الجنوب، بقصبات حول هذه المدن، وأقطعوها ما جاور مضاربهم من أراض لزراعتها واستغلالها، عوضا عما فقدوه من أراضي في منبتهم الأول، والاستعانة بها في تحسين وضعيتهم المعيشية، مع إبقاء الأرض في ملك المخزن، لا يجوز لهم بيعها.

الأوربيون الذين أرادوا تمَلُّك الدور أو المخازن للتجارة قبل مؤتمر الجزيرة، كانوا ملزمين بشراكة مع بعض الأهالي المحميين، الذين يقومون بعملية الشراء لصالحهم، قبل أن يحولوا ملكيتها للأوربيين.

بعد مؤتمر الجزيرة، لم تعد الحكومة المغربية تعترض على تملك الأجانب، وشراء العقارات.

نفس الشيء كان يتم في منطقة بني يزناسن، المتاخمة للجزائر، حيث قام المزارعون الجزائريون بشراء مساحات شاسعة، من الأراضي البور الصالحة للزراعة، ولما أرادوا بيعها للأوربيين، اصطدموا بالشرع الذي يحرم بيع أرض المسلمين لغيرهم، والخوف أيضا من حصول تدليس في الرسوم المعدة لتلك العملية.

منذ عقد الجزيرة، صار بإمكان الأوربيين، تملك الأراضي في المغرب، بيد أن القايد بصفته مسؤولا إداريا كان يراقب عملية البيع، حتى لا تطال ممتلكات الدولة، ولا الأحباس، وإنما العملية تقع في المجال التجاري المسموح به، حسب المؤتمر السالف ذكره، فيجيز البيع بموجب شروط اتفاقية مدريد، ثم يقوم القاضي بالتحقق من سندات الملكية، ويكلف العدول بكتابة سند انتقالها، ولكن يوصي ويحذر كل مقبل على مثل هذه العملية، بالإعلان عنها في الأسواق، لينبه من له حق في المبيع التقدم بإظهار موجبه للقاضي، قبل انتهاء أجل التعرض، حتى يجنب المشتري الأوربي، معارضة لاحقة ممن له علاقة بنفس الأرض المباعة، وهي توصيات صادرة عن مكاتب الاستعلامات العسكرية منذ احتلالنا البلاد.

ثم يقوم مكتب القاضي بإدراج المعاملة في سجله، وينتهي دوره هنا، ولا يتبقى له سوى التحذير من الوقوع في شرك البيع السري، وقد استفادت سلطات الحماية من التجربة التونسية، فسارعت لتسجيل الأملاك وإعطائها أرقاما.

وفي هذا الإطار، وجب علينا التفريق بين بلاد المخزن وبلاد السيبة، الأولى تضم النواحي أو السكان الذين يعترفون بسلطة السلطان عليهم، ويدفعون له الضريبة والثانية لا تخضع للسلطان، وتضم قبائل النواحي الجبلية الواقعة بين ملوية والأطلس الكبير والريف وجنوب المغرب، وسوس، وتافلالت، وهي قبائل مستقلة، دائمة التمرد.

اشترى الفرنسيون على واد سبو، أراضي شاسعة من بني احسن والغرب، وأنشأوا ضيعات كبيرة، على عكس ما كان في الشاوية التي كانت أرض الأهالي بها مجزأة للغاية، يصعب تكوين ضيعات هامة بها.

أما على الحدود المغربية الجزائرية في بني يزناسن، خاصة سهل اطريفة، وحول مركز أبركان، استطاع معمرون جزائريون عموما، تجميع حوالي 15000 هكتار، سيحولونها للمعمرين الأوربيين.

بصفة عامة، في مواجهة الصعوبات التي تواجه المعمر في بلد لم يتم فيه إرساء الأمن بشكل كامل، كان هذا الأخير لا يستغل أرضه بشكل مباشر، وإنما يلجأ للشراكة مع أهلي بنصاب، وتتم تلك المعاملة وفق عقد يتحمل فيه الأوربي، توريد البذور، وتكاليف الزراعة وشراء قطعان الماشية، وتمتيع الشريك الأهلي بحماية دولة الشريك الأوربي حسب اتفاقية 1880.

وبذلك يجنب الأوربيون عمالهم وسماسرتهم المحميين سلطة الموظفين المغاربة، والأهالي الذين يقاضونهم في المحاكم القنصلية لبلدان حماياتهم، زيادة على أن المحمي لا يخضع لأية ضرائب أو رسوم، ما عدا ضريبتي الأرض والأبواب، على الحيوانات المستوردة التي يؤديها الأوربي.

ومن المتوقع في ظل الحماية الفرنسية، اختفاء المحاكم القنصلية، ومعه حماية الشركاء من الأهالي، التي سببت مشكلا كبيرا للسلطة المغربية، كان مثار شكواها في مؤتمر الجزيرة.

Marc de Mazieres

في la vie coloniale:le maroc نونبر 1912ص 243-244.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M