دور الشيخ ماء العينين “في تنظيم الجهاد باسم الملك”

05 مايو 2023 21:50

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

ملخص النص:

كانت علاقة الشيخ ماء العينين، بملوك المغرب وطيدة، فقد كانوا يعولون عليه في ترسيخ سلطتهم بالصحراء، انطلاقا من مقر إقامته بمدينة السمارة، التي أعادوا ترميمها، وزودوا شيخها بالرجال والعتاد، وظهائر تسمية رؤساء قبائل الصحراء، قيادا للمخزن تحت نظر الشيخ، مما عزز مكانته السياسية والدينية، وصار مؤهلا للقيام بالمهمة المنوطة به مثل خلفاء السلطان في باقي مناطق المغرب، وهو ما تم بالفعل بعد مؤتمر الجزيرة الخضراء، حيث تحرك سنة 1908 بجيش من القبائل، لمقاومة احتلال فرنسا للشاوية، مثلما فعل خليفة السلطان بتافلالت، وغيرهما من قياد المخزن الكبار.

كلمات دالة:

عبد العزيز، أحمد بن موسى، الطريقة الفاضلية، التكنا، مولاي عبد الحفيظ، الجزيرة الخضراء، تزنيت، الشاوية الرحامنة، تافلالت، الهبة، الشيخ حسنة، سيدي بوعثمان، أدرار، اولاد بولسبع، أيت يوسى، واد نون.

علاقة الشيخ بملوك المغرب:

ليس من قبيل الصدفة أن يلعب الشيخ ماء العينين دور الوسيط، بين القبائل الصحراوية المتمردة -على فرنسا- وملك المغرب، لقد كانت له علاقة جيدة مع مولاي عبد العزيز (1894-1908) ، الذي رحب به في مراكش سنة 1896 والذي سمح له بنشر تعاليم طريقته في مدن جنوب المغرب، مؤيدا في ذلك على وجه الخصوص، من قبل وزيره الأكبر، أحمد بن موسى، الذي ينتسب شخصيا إلى الطريقة (الفاضلية).

لقد أراد الملك، التعويل على الشيخ في ترسيخ سلطته في الجنوب، مستغلا تراجع دور التَّكْنا، وذلك لوقف التمدد الأوربي، مستثمرا، وظيفة القايد الذي تعتبر سلطة متميزة في جنوب المغرب والصحراء، انطلاقا من السمارة التي تم إعادة بنائها من قبل السلطان مولاي عبد العزيز، في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر، حيث أكدت المكانة المتنامية للشيخ.

كانت مصالح الشيخ ماء العينين مرتبطة ارتباطا وثيقا بالسلطات المغربية، المواجهة للقوى الإستعمارية، حتى إذا ما وقع، الملوك تحت ضغط الضرورة، ووقّع أحدهم اتفاقيات جائرة مع فرنسا، تولى هو قيادة المقاومة ضدهم آنئذ.

الشيخ يقوم بالدفاع عن المغرب عسكريا

بعد أن تخلى مولاي عبد العزيز عن التزاماته للحفاظ على استقلال المملكة، طرده شقيقه مولاي عبد الحفيظ في عام 1908 تقريبا على الفور، من العرش، واستأنف نفس السياسة، التي كان ينهجها أخوه، مع الشيخ وأمثاله، فلما وقع اتفاقية الجزيرة الخضراء مع فرنسا، تحرك الشيخ ماء العينين على رأس جيش، مجندا من قبائل جنوب المغرب والصحراء نحو فاس، لكن القوات الفرنسية أوقفته في تزنيت، حيث توفى سنة 1910 [“بل الصحيح هو أن الشيخ وصل للشاوية، وحارب فرنسا، بها وبتادلا بين 1908 و1910 مع من حاربها هناك من القياد، والعلماء، وخليفة السلطان في تافلالت، ولما أصيب بجروح تراجع لتزنيت قصد العلاج وهناك توفي رحمه الله، في السنة المذكورة.

لمزيد اطلاع على المرحلة المذكورة، أنظر كتابنا: [(غزو المغرب) الجزء الأول؛ المترجم].

وقد تولى ابنه الهبة تنفيذ نفس السياسة، ونجح في احتلال مراكش عام 1912 وأعلن نفسه ملكا.

[هامش قال المترجم: بل سلطانا، وتقدم جيشه بقيادة أخيه لملاقاة الجيش الفرنسي في صخور الرحامنة، حيث خاض معركة معه في: سيدي بوعثمان، انتهت بهزيمته، فتراجع بمن معه من الجيش لمراكش، التي غادرها مع أخيه الهبة، لسوس، وهناك خاضا معا عدة معارك مع الجيش الفرنسي وقياد المخزن الموالين له” المترجم] قبل أن تطرده بدوره القوات الفرنسية منها.

بدء مواجهة الشيخ للاحتلال الفرنسي باسم الملك

انطلاقا من عام 1905 بدأ مواجهة الاحتلال الفرنسي لجنوب الصحراء، باستثناء أدرار، التي عارضته منذ البداية، محتفظة على درجة معينة من الحذر.

عزز الشيخ ماء العينين التعاون مع ملك المغرب، الذي أرسل بعض القوات إلى مقره في السمارة، تحت قيادة أحد أبناء عمومته؛ مولاي إدريس بن عبد الرحمان، لدعمه عسكريا، ولتقوية مواقعه بالجنوب، وقد أرسل الملك مع مبعوثه للشيخ، ظهائر تعيين لأربعة عشر قائدا، من رؤساء القبائل الصحراوية تخولهم حق تمثيل الملك في قبائلهم (أبيتبول 1986) كما أرسل الملك، أسلحة لتعزيز المقاومة في موريطانيا.

يمكن تفسير دور الشيخ ماء العينين في تنظيم الجهاد ضد الاستعمار الفرنسي، بأسباب أخرى غير البعد (الطرقي-من الطريقة) للطريقة الفاضلية، التي عُرِف الشيخ بها في ذلك الوقت، والتي أعطته نوعا من تعميم الرؤية الإسلامية الخاصة بتلك الطريقة، تتخطى التقسيمات المحلية للأمة.

دور الشيخ التحكيمي

كما برع الشيخ في وضائف التحكيم، خلال أواخر سنوات القرن التاسع عشر، وخاصة في النزاع الطويل، الذي كان بين الرقيبات واولاد بُولسّْبع.

(هامش 7: في 1905 بعض أولاد بولسّْبع نظموا مع أيت يوسى، وأَزْوافيط، من التَّكْنة، غزوة لعَسيرير (وادنون) حيث هاجموا رقيبات الشرق، وأخذوا منهم مواشيهم، فلاحقهم الرقيبات لمكان لجوئهم بالسمارة، طالبين حماية الشيخ ماء العينين، من ملاحقيهم، الذين حاصروا السمارة، من غير أن يهاجموها، في حوالي 800 فردا، فتدخل الشيخ بين الفريقين، وحصل اتفاق بينهما قضى بالسماح لجزء من أولاد بولسّْبع بالرحيل، نحو الجنوب، بعد تخليهم عما استولوا عليه من المواش لأصحابها).

كما توصل لوضع حد للصراع الذي كان بين الرقيبات وأولاد كايلان، وقبل هذه المناسبة ببعض الوقت، تفاوض في آخر 1904 من أجل عودة تلميذه المريد، سيدي احمد ولد احمد، الذي كان ما يزال صغيرا، كأمير للبلاد، وقد بقي سيدي أحمد مرتبطا بالشيخ، الذي ألحق به أحد أبنائه، الشيخ حسنة، الذي أسهم في تنظيم المقاومة.

لقد شجع موت (كوبولاني) والوضع الصعب نسبيا التي وجدت القوات الاستعمارية نفسها فيه سنة 1905 الشيخ ماء العينين، على التدخل بهمة ونشاط في مقاومة القوات الاستعمارية.

(هامش 8: تدخل الشيخ بعد وفاة (كوبولاني) يفسر قيام الممثلين المحليين للإدارة الاستعمارية والعسكرية الفرنسية، بالانتساب إليه، في خطإ تحريضي على القتل).

من ص:105 إلى ص:106 في:

L,appel au jihad et le role du Maroc dans la resistance a la conquete du sahara(1905-1908: Pierre Bnte ,journal des africanistes.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M