د. الناجي لمين: لغةٌ مع صفات حروفها عُمِّرت قرونا؟! مستحيل أن تندثر!

12 سبتمبر 2018 01:16
الدولة الأموية كبش فداء "العطالة"

هوية بريس – عبد الله المصمودي

في سلسلته الفيسبوكية “خواطر الأقصى”، وتحت عنوان “لغةٌ مع صفات حروفها عُمِّرت قرونا؟! مستحيل!”، نشر الدكتور الناجي لمين تدوينة إسهاما منه في النقاش الدائر حول مشروع عيوش وتدريج المدرسة المغربية، ودفاعا عن اللغة العربية لغة القرآن المحفوظة لفظا ونطقا.

وكتب أستاذ الفقه وأصوله في دار الحديث الحسنية: “في إحدى زيارات الدكتور عبد الصبور شاهين رحمه الله الى المملكة المغربية لحضور الدروس الحسنية الرمضانية ألقى محاضرة بمؤسسة دار الحديث الحسنية في بداية التسعينيات -وكنتُ إذ ذاك طالبا بها-؛ وتعرض في اثناء المحاضرة إلى أثر القرآن في حفظ اللغة العربية. وبَيَّن أن القرآن لم يحفظ لنا اللغة العربية فقط، بل حفظ لنا صفات الحروف؛ وذلك بفضل السند المتصل للقرآن؛ لأن المتلقي للقرآن يعرضه على الشيخ فيصحح له مخارج الحروف. نعم نَبَّه على أن بعض الحروف الصعبة المخرج لا ينطقها سكان بعض المناطق العربية إلا بنسبة مئوية تقل عن نسبة مائة في المائة. مثل حرف الضاد مثلا. ولكننا في المعدل ننطق بهذه الحروف كما نطق بها الصحابة رضوان الله عليهم بنسبة تقرب من مائة في المائة.
وقد كنتُ في أيام شبابي أقرأ على أحد الشيوخ شيئا من قراءة “سَما” (اي قراءة نافع وابن كثير والبصري) فكنتُ عند القراءة أقرأ التاء من غير مخرجها؛ لكن الشيخ لا ينبهني؛ لأن الغرض عنده -ربما- هو إتقان أصول هذه القراءات. ومَرة كنا نراجع في انتظار مجيء الشيخ؛ فاستغل أحد الطلبة _وكان كهلا_ الفرصةَ فَعنَّفني على عدم نُطقي التاءَ من مخرجها كما يجب، فملكتُ نفسي وقلتُ له: وكيف أنطقها؟ فقال لي: انطق كلمة “عَتْرُوس”، فنطقتُها فقال لي: ذلك هو مخرج التاء كما هي في “عتروس”.
والعتروس هو جَدي الغنم كما هو معروف.
إذن المسلمون الناطقون باللغة العربية اليوم لا يفهمون فقط كلام مَن كان في القرن الاول من الهجرة؛ بل ينطقون الحروف كما كان ينطقها صاحب الكلام.. وهذا لا يوجد في أي لغة من لغات العالم اليوم.
لذلك تُشكل اللغة العربية عقدة مستديمة لخصوم العربية والاسلام. وهذه العقدة عمرها أكثر من مائة عام.
اما النصوص الشرعية فإننا نفهمها اليوم كما فهمها الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك بفضل الاحكام الشرعية التي حفظتها لنا المذاهبُ الفقهية الاربعة، وبفضل التفاسير التي اعتنت بالتفسير بالمأثور. فَمعاني النصوص بهذا الاعتبار مَصونة محروسة من عبث العابثين.
ولقد تفطن المستشرق الالماني شاخت إلى هذه الميزة فَحاول أن يُبطِلها بأن قال ما معناه: إن الفقهاء وجدوا وضعا قائما فشرعوا يختلقون له نصوصا نسبوها إلى نَبِيِّهم. والمقصود بالوضع القائم في حقيقة الامر هو ان النصوص طُبقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعَهدِ صحابته وعهد التابعين؛ فلما جاء عصر أئمة الاجتهاد وجدوا تراثا ضخما من الاحكام الشرعية (فتاوى وأقضية..) المأخوذة من النصوص؛ فأخذوا بها، بل جعلها أبو حنيفة ومالك مثلا من المعايير لقبول بعض الاحاديث أو رَدِّها. وهذا معنى قول العلماء مثلا: “هذا حديث صحيح السند وليس عليه العمل”، و”هذا حديث ضعيف السند وعليه العمل (أو تَلقَّته الامة بالقبول)”.
ولذلك شدد العلماء النكير على من يخرج على هذه المذاهب. ونفسُ السبب هو الذي جعل المستعمر يشجع مَن يدعو الى نبذ هذه المذاهب والرجوع إلى الكتاب والسنة؛ لأنه يعرف أن هذه الدعوى تعني الرجوع بالأمة إلى مرحلة الصفر، وإنشاءِ إسلام جديد ليس فيه لا قطعيات ولا ثوابت”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M