ربط الناس بالوحيين لا بشخص أو شخصين

09 مارس 2016 22:51
الإعلام بفشل مخطط «داعش» اللئام

د. رشيد نافع

هوية بريس – الأربعاء 09 مارس 2016

طالب العلم مهما بلغ شأوه عليه أن يتعلم التواضع ويدرك أن الفضل والمنة لله أولا وآخرا ويستحضر قوله تعالى: “وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِر“، وينظر إلى سيرة السلف من العلماء الأكابر، وكمثال على ذلك قول ميمون بن مهران لما قال له رجل: “يا أبا أيوب، ما يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم”، فلم يفرح بذلك وينتفخ تعاظما وكبرياء، بل قال: “على شأنك، ما يزال الناس بخير ما اتقوا ربهم”.

ومع ما سبق يدرك الداعية أيضا أن الله ناصر دينه به أو بغيره فالشرف والفائدة له أنه هو بذل واجتهد وأنه تخلى ونكص فالركب ماض والدعوة سائرة وهو الخاسر الأكبر، ولن تتوقف المسيرة بوقوفه “وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ“.

فأنت أيها الطالب مهما بلغت وبذلت عبد ضعيف، فخذ العبرة من الداعية المجاهد نور الدين محمود قال له قائل: بالله لا تخاطر بنفسك، فإن أصبت في معركة لا يبقى من المسلمين أحد إلا أخذه السيف. فقال محمود: “ومن محمود حتى يقال هذا؟! حفظ الله الإسلام قبلي لا إله إلا هو”.

لا شك أن الناس سيستفيدون من هذا المنهج أمرا مهما وهو: استقلال شخصياتهم ويعلمون أنهم متعبدون بالكتاب والسنة وأن العالم والداعية له فضل وقدر لكنهم ليسوا إمعات يتبعونه في كل شيء وإن كان خطأً! بل كما في الأثر: “ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساؤوا أن تجتنبوا إساءتهم”.

ثم الناس بهذا التصور يعصمون من الانحراف في تقديس الأشخاص أو الخطأ في المفاهيم والتصورات، وهذا ما قصده عمر عندما قال: “لأنزعَنَّ خالدا حتى يُعلَم أن الله إنما ينصر دينه”، يعني بغير خالد. وهذا كله لا يطغى على أهمية القدوة، أو يلغي أثرها، ولكنه يضع الأمور في نصابها

فمتى نستفيق من تخديرنا بمناهج ألصقت عنوة بالسلفية؟؟!!

والأئمة والمجددون لهم قيمتهم ومكانتهم، ولا ينبغي الحط منهم وتجرئة صغار الطلبة على انتقادهم، لكن هذا كله لا ينبغي أن ينسينا أنهم بشر ليسوا معصومين، وأن الإمامة الأساس هي للوحيين وأن أهل السنة هم: من كانوا على مثل ما كان عليه محمد صلى الله عليه و سلم وأصحابه، لا من كانوا أتباعاً لفلان من الناس، وما من بشر إلا ويؤخذ من قوله ويرد إلا محمد صلى الله عليه وسلم.

ومع ذلك فالسلف لهم أئمة منزلتهم ومكانتهم ليست كغيرهم، ولأقوالهم وتقريراتهم قيمة وقدر، ومنهم من هو كما أخبر عنه صلى الله عليه و سلم أنه: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الاُمَّةِ عَلَى رَاْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا» رواه أبو داود وصححه الألباني كما في الصحيحة.

وأمر آخر لا ينبغي إهماله بل لابد منه إذ يلزم أهل الإصلاح في طريقهم خطط ذكية تراعي الواقع وتلمسه فالعشوائية لا تُجدي أبدا، ولا تأتي بإصلاح لا سيما وأن أهل الإفساد على الدوام يعملون وَفق خطة وترتيب وكأنهم في غرفة عمليات يُديرون من خلالها الحرب مع الإصلاح والمصلحين ثم متابعة هذه الخطط وإضافة ما يقوِّيها وَفق المستجدات والمعطيات التي تتاح في كل خطوة من خطوات تطبيق هذه الخطط.

ولا يلزم المصلحين أن ترى أعينُهم الإصلاح الكامل الذي يريدونه، بل عليهم السعي على الطريق القويم والعمل المتواصل والتسديد والمقاربة وبذل كل ما في وسعهم وحسن الظن بربهم وأن العاقبة لهم حتى تأتيَهم منيتُهم وهم على ذلك.

وفي الختام: فإن الدعوة السلفية تعظم من شأن النص الشرعي -كتاباً وسُنة صحيحة- وتجعله هو الأصل الذي تعتمده وتستهدي به، لا تردُّ أي نص صحيح لذوق أو هوى أو معقول، ولا تضع أمامه عراقيل القيود والشروط، بل تنقاد إليه وتسلِّم له حين يتبين أنه مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فالنص هادٍ ودليلٌ تتَّبعه النفوس، وليس تابعا ومنقادا يسير خلف ما تريد النفوس والقراءات المختلفة منه.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M