عالقون بين حلم التدريس وجحيم التيئيس

09 أبريل 2016 19:07
دحض الغش الأكبر أولى من محاربة الغش الأصغر

امحمد الخوجة

هوية بريس – السبت 09 أبريل 2016

بين الحلم والحقيقة فرق كبير، إلا أن الحلم قد يتحول إلى حقيقة، خصوصا تلك الأحلام التي تعتري الإنسان في حال يقظته الواعية، والتي يرافقها الإصرار والعزم والاجتهاد.

ذلك هو حال مجموعة لا يستهان بها، من الأفراد المغاربة، الذين حلموا مدة طويلة، ومعاناة مريرة مع الدفاتر والأوراق والطباشير والأقلام والفروض والمراقبة المستمرة والجهوي، والدورات الاستدراكية، والخوف والترقب، وكل ذلك ممزوج إما بالأمكنة البعيدة عن أماكن التعلم، أو باستئجار غرف قريبة من ذاك المحل، الذي يسمى مؤسسة ابتدائية، إلى أخرى إعدادية، إلى ثالثة ثانوية إلى أخرى، سميت جامعة.

فعلا، جامعة لكل الهموم والأحزان، إبحار في عالم الصراع اللا منتهي والعقيم، بين تيارات طلابية قد تكون وراءها جهات تستخدم الطلبة ” المغفلين ” كبيادق لمصالحها.

بين تلك العواصف المدلهمة، وبين شظف العيش، الذي تكون أسسه راسية على وصفات المطبخ الجامعي “ الريسطو” والتي تكون وجباته، جد لذيذة، مع كونه محملا بمحلول االصودا، الذي يساعد على الدخول في متاهة اللاوعي، والاسترخاء المؤقت الذي لا يشجع على تحصيل نقط جيدة.

أما الذين لا يحضون بتلك الوجبات العجيبة، فإن ” لومليط ” هو الحل الناجع، لتجاوز غيبوبة مؤقتة، لكنها قد تجلب للمغمى عليه، بعض الإشفاق والحنان، وإذا حصل ذالك من طرف أنثى كان الطالب في موقف يحسد عليه.

باختصار، ذاك هو الواقع الغالب، على الحياة الجامعية، والذكي من الطلبة هو الذي كان يحاول جاهدا للتخلص من براثنها الشائكة المتشابكة، طامحا إلى الحصول على وظيفة تضمن له عيشا كريما، وإذا تحققت من خلال تعبه مهنة التدريس، فتلك غاية جلى.

لكن الواقع عند ثلة من طينة الطلبة النجباء، تركهم معلقين بين تلك المهنة، التي حلموا بها زمانا، وبين غطاء اليأس، الذي يحاول بعض المسؤولين تغطيتهم به، حتى إذا ما يئسوا وانتهت السنة الدراسية، وجه إليهم لوم آخر، وهو عدم حصولهم على تكوين تربوي، يؤهلهم لمزاولة مهنة التدريس، مع غض الطرف على ما يلاقيه ” الأستاذ المتدرب” من أتعاب التنقل والسفر والاستئجار…وهذا الحال لو تتبعنا حال كثير من أهله، لوجدناه أعوص من الحال الذي ذكرنا بعض حيثياته آنفا.

فكما بدأ الطالب المسكين حياتة في كبد، منذ المستوى الابتدائي مرورا بالإعدادي والثانوي والجامعي والكتابي والشفوي متلهفا للحصول على شهادة “خيالية” تسمى شهادة التأهيل التربوي، هاهو الآن سجين الترقب الذي قد يتولد عنه رهاب وانفصام في الشخصية، وكأن تلك المهنة في بلادنا رفضت من يتولاها، وأمرت المسؤولين عنها بترك ” الأساتذة المتدربين” معلقين بين حلم التدريس وجحيم التيئيس.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M