عن أسباب تأخير قيام الحكومة الجديدة نتحدث!!

25 يناير 2017 17:50
عن واقع نقل صلاة الجمعة تساؤلات واستفهامات؟؟؟

هوية بريس – د. محمد وراضي

قبل تناول هذا الموضوع الشائك في العلن! والمفتعل من وراء الكواليس في السر؟ ترددت في الاختيار بين التأخير والتأخر. وإن كانت دلالة هذين المفهومين توحي بالترادف أو بالتساوي. إلا أن التدقيق فيهما يحملنا على التمييز بين ما هو مقصود مدروس، وبين ما هو اتفاقي صدفي. فالتأخير تأجيل وإرجاء عن عمد، والتأخر تخلف لا عن عمد، وإنما لوجود قاهر طارئ. ففرق بين وزير تعمد التأخير وبين آخر لم يتعمده. إذ في الوقت الذي هيأ فيه نفسه لمغادرة منزله إلى مقر عمله، طرقه طارق مؤداه أن أبقاره في مزرعته تعرضت للسرقة؟

فالتأخير إذن هو المناسب لتعليل التضارب بخصوص انتهاء رئيس الحكومة الأسبق، من تعيين حكومة جديدة بعد انتخابات 7 أكتوبر 2016م.

وأي تعليل لما حصل، لا تمكن قراءته إلا من خلال سياق التحكم الأمبريالي فيما يلزم أن تتخذه الأنظمة العربية من قرارات تجاه الجماعات والأحزاب الدينية، أو تجاه الإسلام على العموم! فالمسطرة الاستكبارية تقضي بتوحيد كيفية التدين، وفي مقدمتها الوقوف في وجه أية محاولة مجددا إلى النظام الإسلامي؟ يليها السهر على تطييب خواطر حراس الفكر الظلامي الديني من مشعوذين وقبوريين وطرقيين؟ ثم يليها السخاء بالمال العام لكل منتسب إلى “الأقلية الخادعة”؟ هذه الجماعة المتوغلة في التاريخ البشري، والتي تتحمل في مختلف مراحله مسؤولية حماية الأنظمة! وفي طليعة ما تحميه، ما نسميه نحن منذ أعوام “الفكر الظلامي السلطوي والسياسي والحزبي”؟

فإن نحن قمنا -كأطباء ماهرين- بعمليات جراحية على رؤوس كبار الأمبرياليين في عالم اليوم، ووقفنا في أمخاخهم عند منطقة “بروكا”. هذه التي تعتبر في نظر هذا العالم، بمثابة خزان للمدركات والذكريات، ما وجدنا سياسيا وجغرافيا وفلسفيا فيها غير “المسطرة الاستكبارية” التي حصرناها منذ حين في ثلاثة عناصر؟

فنحن لسنا ممن يفسرون الأزمة الناجمة عن تعيين عبد الإله بنكيران على رأس الحكومة المتوقعة   بتصريح هذا الطرف أو ذاك، وإنما نستخلصها من خلال الوقائع الآتية:

ـ التحرك المشبوه لحزب “الجرار” الذي استمرأ قبل الآوان فوزه المضمون بأغلبية ساحقة في انتخابات 7 أكتوبر 2016م؟ وكأنه تلقى وعدا بأن زعيمه سوف يكلف لا محالة بترأس الحكومة الجديدة المرتقبة؟ بعد أن تلحق بحزب “المصباح” هزيمة نكراء؟

فصح أن تصريحات حميد شباط، قنبلة قوية المفعول في وجه “التحكم” من ناحية! وقنبلة ذرية شبيهة بأختها الأولى، حين وصف نفسه “بالديك الذي تمنى أن يذبح وهو يؤذن”؟؟؟ إضافة إلى قصف محمد زيان لمستشاري رئيس الدولة، حين اتهمهم بخلق الفتنة في مغرب عام 2016م؟ كما أطلق الرصاص على أقوى رجل في دولتنا بعد ملك البلاد! يقصد فؤاد عالي الهمة، الذي يعتبره وراء “التحكم بالمغرب” مع ضرورة وقوفنا على ما صدر عن الناطق الرسمي السابق باسم القصر الملكي. نقصد حسن أوريد الذي صرح قائلا: “على بنكيران التوجه إلى الملك لحل أزمة تعيين الحكومة”؟؟؟

إن ما جرى مباشرة فور نجاح الثورة الإيرانية بقيادة الإمام الخميني عام 1979م، يعد بمثابة ناقوس الخطر المهدد للمصالح الغربية! فأسرع كبار الاستكباريين إلى توظيف النظام العلماني العراقي لإقبار الثورة التاريخية المجيدة في المهد!!! وبما أن النظام العراقي بقيادة الراحل صدام حسين، لم يقو وحده على إنجاز المهمة المسندة إليه، فقد رأى قادة الاستكبار دعمه بإثارة انتباه حكام دول الخليج خاصة إلى خطر النظام الإيراني الجديد من ناحية. وبإثارة انتباه حكام العرب والمسلمين السنيين عامة على وجه التحديد إلى ضرورة التصدي لطموحات من لا يمثلون الإسلام الحق من ناحية ثانية! فكان أن تقاطرت الأموال ومختلف أنواع الأسلحة على بغداد من أطراف عدة! وكان أن تم التخطيط الأمبريالي لتحجيم أي تحرك سياسي ودعوي للجماعات الإسلامية، التي أدركت بأن حكام العرب العلمانيين من اشتراكيين ورأسماليين ليبراليين، هم وحدهم المسؤولون عن الأوضاع المتردية في دولهم التي لم تذق بعد في الواقع، لا طعم الاستقلال، ولا طعم الحرية، ولا طعم الديمقراطية؟؟؟

فالإجماع الغربي إذن لحصر المد الإسلامي، والذي جرى توظيفه للقضاء على الثورة الإيرانية بدون جدوى! لم يتوقف عن التحرك لمد الأنظمة العربية بما يكفي من الدعم المادي والمعنوي حتى لا يجد أي قائد عربي نفسه خارج السلطة المفروضة على شعبه بكيفية أو بأخرى؟

ـ فنجاح الإسلاميين في الجزائر أوائل التسعينيات من القرن الماضي، واجهته حملات تعسفية اعتقالية ضد قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ؟ خاصة وأن الانتخابات الرئاسية كانت حينها على الأبواب، وكل التوقعات تشير إلى إمكان فوز عنصر من عناصرها بنسبة مئوية عالية؟؟؟

ـ وحصول حماس على الأغلبية في انتخابات 2006م بالضفة الغربية وبقطاع غزة، أدى إلى التدخل الأمبريالي والصهيوني للحيلولة دونها والوصول إلى سدة الرئاسة، محل محمود عباس الفتحي العلماني المساير لاختيارات أعداء الإسلام والعروبة؟ وإن كانوا يتبجحون بالديمقراطية؟

ـ وإجهاض الثورة الشعبية المصرية بانقلاب عسكري، رفض طغاة الغرب وصفه بانقلاب! حتى وقادته قتلوا المئات واعتقلوا الألوف وحاكموهم بتهم ملفقة زائفة؟

ـ وما حصل في تونس بعد التدخلات الأمبريالية، لم يكن غير إعادة عنصر من عناصر الدكتاتورية على عهدي: بورقيبة وبنعلي؟

ـ ونفس ما حصل تقريبا في الجزائر وفلسطين ومصر وتونس، حصل في ليبيا التي لم تستقر فيها الأوضاع بعد. إذ الخوف كل الخوف إنما هو من وصول الإسلاميين إلى السلطة والبقاء فيها؟

ـ وما حصل في المغرب بعد انتفاضة 20 فبراير 2011م، حال دون استثمار نتائجه الإيجابية، موقف حزب العدالة والتنمية المدعم للدولة العميقة من جهة. وتدخل قوات “الأقلية الخادعة” من جهة ثانية. والإسراع بتعديل الدستور من جهة ثالثة.

ـ دون أن نوضح التفاصيل المتعلقة بولادة حزب بنكيران الإسلامي؟ فقد كنت طرفا في ظهوره إلى الوجود؟ مما يعني أنه كان مهيئا سلفا لموقفه المعلن في أحداث 20 فبراير المذكورة قبله؟؟؟

ـ لكن الدولة عندنا -وإن سلمت بموقع حزب “المصباح” في الخريطة السياسية، وتحملت قيادته للحكومة المغربية على مدى خمسة أعوام، بالرغم من استنكار الأحزاب العلمانية في السر والعلن- فإنها بفعل الإملاءات الأمبريالية، كانت جادة في التخلص من حكومة الإسلاميين قبل انتخابات 7 أكتوبر 2016م؟ لأن التخلص منها مبكرا -كما نقول ونكرر- مطلب ملح من الجهات الدولية الفاعلة! وذلك حتى يتم تخفيف الضغوطات على “الأقلية الخادعة” داخل المغرب وخارجه؟ إذ العودة إلى نفس الحكومة لن تكون في صالح العفاريت والتماسيح بلغة بنكيران الشائعة؟

ـ فما الذي حصل على وجه التحديد؟ نزل سماسرة “الأقلية الخادعة” بما لهم من سلطة ومال ونفوذ إلى الشوارع لرفع راية حزب “الجرار”، على باقي الرايات الحزبية؟ وفي مقدمتها راية حزب “المصباح”؟ لكن الرياح جرت بما لا يشتهيه ربابنة الحزب الذي نصب نفسه قبل الأوان لتنفيذ رغبة الأمبريالية العالمية؟ فقد تطور وعي الجماهير الشعبية إلى حد ما، فكان أن قلبت رغبتها في الانتصار للحق، مخطط أصحاب “الجرار” المدعم من طرف “المتحكمين” رأسا على عقب؟

ـ وبما أن الأغلبية لم تتحقق لأصحاب “الجرار” كما وعدوا؟ مما يعني أنهم انهزموا وانهزم معهم معضدوهم بالمال والسلطة والنفوذ، دخل المغرب في أزمة تعيين الحكومة الجديدة؟ وبما أن الأحزاب كلها مجرورة تابعة إمعية، فإنها لم تجد غير الالتجاء إلى الإملاءات التي تعرقل تأليف الحكومة في الوقت المناسب. فكان أن بقيت الأوضاع ممثلة في أمرين:

1ـ تأخير تأليف الحكومة إلى ما شاء الله، مما يدفع في نهاية المطاف دستوريا إلى إعادة الانتخابات! وإعادتها قد تمكن أصحاب “الجرار” من حصد الأغلبية عن طريق التزوير الذي لم يأت بالنتائج المتوقعة  في انتخابات 7 أكتوبر 2016م!!! تماما كما حصل عام 1962م، حين فازت “جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية” بالأغلبية! حتى وأن هذه الجبهة بقيادة المحامي الراحل رضا كديرة، قد خرجت لتوها من قمقم المتحكمين المعروفين في نظرنا ب”الأقلية الخادعة”!

2- وإلا تم تنفيذ نصيحة حسن أوريد الذي قال: “على بنكيران التوجه إلى الملك لحل أزمة تعيين الحكومة”؟

ـ وفي كل الحالات نسجل للتاريخ، كيف أن التخلص من الإسلاميين مطلب استكباري عالمي، إن لم يتحقق بمناسبة وجود عراقيل في وجه تعيين الحكومة الجديدة، مطلع عام 2017م، فإنه سوف يتحقق بدون ما شك بعد خمس سنوات من الآن؟ مع أنه يحتمل أن يتحقق أثناء هذه السنوات الخمس ذاتها، أو يتحقق ما هو أسوأ لا قدر الله؟؟

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M