ليس على “المداويخ” حرج

04 يونيو 2018 15:45
بعد "بدونة المدن" جاء دور "تمدين البادية"

هوية بريس – ذ. إدريس كرم

إذا كان المدوخ مرفوع عليه التكليف، لعدم قدرته على التمييز والفعل، فكيف يتهم بالقدرة على عرقلة الاستثمارات وتعريض عمالة الشركات للإفلاس، والتسبب في إفلاس الكسابة والفلاحين، وعرقلة نمو الإنتاج، خاصة أن المدوخ “لا طريقا قطع ولا حشدا جمع”.

كل ما فعل أنه امتنع عن شراء ماركة من ماركات السلع المعروضة في الأسواق، وحرم نفسه منها لما تسبب له من معاناة ومضايقات لا قبل له بتحملها، فقرر مقاطعتها، فقيل له: أذنبت، لأنك رفضت ما يراد لك اتباعه، والتسبيح به وتحميده، ولو كان بهتانا وإفكا، واستغلالا مفضوحا، وتدليسا مكشوفا، عجزت عن مواجهته الحكومات المتعاقبة، لنفاذ أحكامه وفشو سلطانه، ولا يقبل صرفا ولا عدلا عما يأمر به وينهى عنه.

يقول العارفون بأن مقاطعة المقاطعين لا تأثير لها، وهو أمر منطقي يتماشى مع عمل كل مدوخ لأن كلامه مرفوض، وسلوكه منبوذ، ولكن واقع الحال يقول خلاف ذلك، فمن المدوخ يا ترى؟

الواقع المثبت المقاطع للاحتكار والريع وتزاوج المال بالسلطة، أم الزعم النافي لتأثير حركة المقاطعة التي ترفع شعار: كفى كفى من الحكرة والاحتقار للشعب الذي ملّ من نهبه واستحماره، بالرغم من أن الملك نفسه في أكثر من خطاب صاح بلوبيات الفساد: كفى، بيد أنهم لم يكتفوا وواصلوا شططهم.

فيبقى السؤال الذي لم يناقش من قبل من يديرون الشأن العام، هو سبب الدوخة التي ابتكرت المقاطعة، فهل هي نتيجة أم سبب؟ وهل الماركات المقاطعة ضررها في استهلاكها أم في عائدات تسويقها؟

والمداويخ باستخدامهم مواقع التواصل الاجتماعي، هل هو ترفع وترف أم تدبير محكم لتحقيق أرفع هدف وهو رفع آليات الاستغلال بادعاء التمثيلية للجماهير، وإسماع صوت الأمة من قبل من لا يخاف الله ولا يرحم عباده؟

لقد أتاحت مقاطعة قلة من المداويخ إفهام من يهمه الأمر أن نظريات: “خلص واشك”، “زيد الشحمة للمعلوف”، “اللي ما عند سيدو عندو لالاه”، “المخزن يد اطويلة”، “اللي كالها المخزن هي اللي اتكون”، “اشكون انت”، هي ماركات من السلوك التحقيري للمداويخ وذويهم سارت من الماضي، وإن كان ما يزال لها بعض الحضور الضبابي، فإن المقاطعة هي التي عطلت تجميع المظلومين والمقهورين والمبخسين في المقاطعات والكوميساريت والمحاكم ومختلف المؤسسات العمومية والخصوصية حتى يكونوا عرضة للتنكيل بهم لإسكاتهم، وإسكات غيرهم، وإرهابهم بالسجن والسحل والمصادرة.

وعليه فإن المقاطعة موقف وتعبير عن حاجة كانت مفتقدة، وهي الكرامة وحرية المبادرة لإحقاق الحق ورفع الظلم، بالاتحاد والتضامن من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، التي سيتم بواسطتها مشاركة المداويخ في تدبير الشأن العام، وعدم الوقوع مجددا في الارتهان لدى فلان أو علان، ممن لازال يطمح في جعل معدة المغاربة في رؤوسهم، وزمام أمرهم في يد ماركات تجارية تصنع خصيصا، للأغراب والأهواء.

ولله في خلقه شؤون.

آخر اﻷخبار
2 تعليقان

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M