ماذا يستفيد “المغرب” من التحويلات السخية للجالية المغربية؟!

20 يونيو 2022 21:51

هوية بريس – متابعات

لا توجه تحويلات مغاربة العالم إلى أسرهم فقط، بل إنها تغذي رصيد المغرب من العملة الصعبة، و تعزز الموجودات المالية لدى المصارف، والتي تساهم في دعم الحركة الاقتصادية، كما تحفز الطلب والاستهلاك، بما يساهم في النمو الاقتصادي.



تسعف تحويلات مغاربة العالم المغرب كثيرا. إنها أول مصدر للعملة الصعبة، وقد تجلت أهميتها أكثر في الثلاثة أعوام الأخيرة. فبعدما كانت تنمو بنسبة 5 في المائة في العام قبل الجائحة، سجلت قفزة قوية، في سياق الجائحة، مكذلة جميع التوقعات التي كانت تنتظر تراجعها.

في العام الماضي، قفزت إلى مستوى قياسي، عندما بلغت 93 مليار درهم، بزيادة بنسبة 36.8 في المائة، قياسا بعام 2020، حين كانت في حدود 68 مليار درهم. ولم ينطقع ذلك السخاء في العام الحالي.

فقد بلغت تلك التحويلات 30,5 مليار درهم في الأربعة أشهر الأولى من العام الجاري، بعدما كانت في حدود 29 مليار درهم في الفترة نفسها من العام الماضي، حسب مكتب الصرف.

ويظهر أن التحويلات في الأربعة أشهر الأولى من العام الجاري، تمثل أعلى مستوى تبلغه في الخمسة أعوام الأخيرة، حيث كانت تراوحت قبل الجائحة بين 21,13 و19,82 مليار درهم.

تفسير السخاء

وقد كان والي بنك المغرب صرح، في أكتوبر من العام الماضي، عن تشكيل لجنة تنكب على فهم العوامل المفسرة لارتفاع تحويلات مغاربة العالم.

ولم يستبعد والي بنك المغرب عامل التضامن الذي يعبر عنه المغاربة عبر تلك التحويلات في ظل تداعيات الجائحة الصحية، لكنه يتساءل حول ما إذا كانت تلك التحويلات متأتية من ادخار كونها مغاربة العالم أم أن لها علاقة باستثمارات ينجزونها بالمغرب في ظل الركود الاقتصادي الذي قد تكون عرفته بلدان الاستقبال.

التفسيرات التي تعطى لهذه التحويلات، تشير إلى التضامن الذي يبديه مغاربة العالم تجاه ذويهم في المملكة، غير أن ذلك التفسير ليس الوحيد، الذي يسوقه الخبراء، فهم يؤكدون أن مغاربة العالم، خاصة في الدول الأوروبية، كونوا مدخرات بفعل الضخ المالي، الذي حصلوا عليه في تلك البلدان، سعوا إلى تحويلها إلى أسرهم في المغرب، زيادة على ذلك.

غير أن إنييغو موري، الرئيس المؤسس لمؤسسة منظمة “ريميساس”، التي تعنى بتحويلات المهاجرين من مختلف الجنسيات عبر العالم، يعتبر أن ارتفاع، تلك التحويلات، يجد تفسيره في جزء منه في كونها تمت عبر القنوات الرسمية في فترة الحائجة، ما أتاح الإحاطة بها، دون تلك التي كانت تتم بطريقة غير رسمية، خاصة في فترات العبور.

وقد أوضح العايدي الوردي، نائب رئيس الجهة 13 للاتحاد المخصصة للمغاربة المقاولين وذوي الكفاءات العالية في العالم، في ندوة، الأسبوع الماضي بمناسبة اليوم العالمي لتحويلات المهاجرين لأسرهم، أن التجارب تفيد أن التحويلات ترتفع في بعض الأحيان نتيجة الأزمات السياسية أو المالية في بلد الاستقبال أو البلدان الأصلية، مشيرا إلى أن وضعية الجفاف ترفع تحويلات مغاربة العالم.

دعم الاستهلاك والاقتصاد

هل يساهم مغاربة العام في الاستثمار؟ اعتاد أغلبهم على الاستثمار في العقار، غير أن منهم من أضحوا يبحثون عن فرص استثمار حاملة للقيمة المضافة كي ينجزوا مشاريع في المغرب.

وينشغل مستثمرون من مغاربة العالم بالأثر الذي ستخلفه مشاريعهم على المناطق والجهات التي ينحدرون منها، بينما ينظر آخرون إلى العائد الذي سيجنونه من وراء ذلك الاستثمار، حيث يقارنون بين فرص ذلك في المغرب وبلدان أخرى.

تشير التقديرات إلى أن 80 في المائة من تحويلات مغاربة العالم توجه للاستهلاك، و15 في المائة للاستثمار العقاري، بينما لا تتعدى نسبة الاستثمار المخصصة لمشاريع ذات مردودية 5 في المائة.

غير أن العايدي الوري يرى أن ودائع مغاربة العالم، التي تمثل حوالي 25 في المائة لدى بنوك المغرب، ضمن ودائع الأسر . وهو ما يتجلى من بيانات بنك المغرب، التي تشير إلى أن تلك الودائع وصلت إلى 189.3 مليار درهم في متم أبريل، ويؤكد، كذلك، أن تلك التحويلات تساهم في ارتفاع الطلب، الذي يحفز النمو الاقتصادي.

ويعتبر إنييغو موري أن الحفاظ على مستوى من الاستهلاك والاستثمار في بعض المناطق سيكون مستحيلا في بعض المناطق بالمغرب بدون تحويلات مغاربة العالم، البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة، والتي تساعد كذلك على ضمان معدلات تمدرس وعلاجات طبية جد مرتفعة.

نحو خفض التكاليف

لكن هل تواصل التحويلات تدفقها بالمستوى المسجل منذ الجائحة؟ صحيح أن العديدين سيألفون تحويل الأموال عبر القنوات الرسمية ويرتبطون أكثر بفضائل الرقمنة، غير أن كلفة التحويلات مازالت مطروحة، حيث تصل إلى 6 في المائة، بينما يفترض خفضها إلي 3 في المائة في المستقبل. ذلك ما يمكن أن تساهم فيه الرقمنة، في تصور العايدي الوردي، الذي يرى أن رقمية إرسال وتلقي الأموال، ستساهم في خفض التكاليف وزيادة الاستبناك.

ويعتبر خفض تكلفة التحويلات من بين أهداف التنمية المستدامة التي حددتها منظمة الأمم المتحدة قبل عشرة أعوام، بهدف تقليص الفوارق عبر العالم.

وكانت توصية للجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة حثت على خفض كلفة التحويلات إلى 3 في المائة، غير أن ذلك الهدف يبقى بعيد التحقق، حيث أن كلفة التحويلات في بلدان شمال إفريقيا تصل، في المتوسط، حسب بيانات البنك الدولي، إلى حوالي 7 في المائة، تستفيد منها شركات التحويلات العالمية

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M