هل اعتبار المصائب والكوارث التي تصيب الإنسان عقاب من اللّه شعوذة وخرافة؟

26 أبريل 2020 19:04
هذه صرخة لعلها تصل الغيورين من نخبنا حتى لا تغرق السفينة

هوية بريس – إدريس أوسبلا

من المسائل الراسخة في أذهان المسلمين أن للذنوب والمعاصي تأثيراً في أحوالهم الحياتية كلها حتى إنهم ليقولون في كل واقعة هذا بسبب ٱبتعادنا عن ديننا.

فهل هذا دليل على ٱستحكام الخرافة والشعوذة في أذهان المسلمين؟قبل أن نناقش هذه لابد أن نعرج على قضية مهمة في هذا الباب ألا وهي السنن الكونية أو ما يسمى قوانين الطبيعة ، هذه السنن أو القوانين مرجعها إلى أن هذا الكون يسير وفقها لا يحيد عنها فهي تلك القوانين الفيزيائية والبيولوجية والجيولوجية وحتى النفسية والاجتماعية ، منها ما وصل إليها الإنسان بالتجربة أو بالاستقراء أو بالوحي ومنها ما يزال غائبا عنه،وما تلك العلاقة السببية التي يمكن ٱعتبارها دين التجريبيين إلا واحدة من تلك القوانين ، فلا نتيجة إلا بسبب سابق لها فلا تتصور نتيجة بلا سبب ولا سبب بلا نتيجة أيضا ، فالكون وفق هذه القوانين التي نعرفها والتي ماتزال غائبة عنا يسير بتدبير دقيق ومحكم وهو ما عبر عنه إينشتاين بقوله “أن اللّه لا يلعب بالنرد ” ولابد لكل من تأمل في تلك القوانين أن يقوده ذلك إلى الإيمان بالخالق الواحد الذي له جميع صفات الكمال من العلم والحكمة والتدبير والقدرة ومن ٱستطاع الوصول إليها وٱستغلالها فسيكون له التقدم والرقي والإزدهار الدنيوي بلا شك فلا ينكر أحد أن التقدم التقني الغربي والصناعية هو نتيجة التقدم العلمي والذي هو معرفة قوانين الطبيعة فكل منتوج حديث كان على مثال سابق في الطبيعة أو باستخدام قوانينها وحين اعتبرت الفلسفة الغربية أن الإنسان هو مركز الكون وسيده ومالكه أي خالف بذلك أساسا من أساسيات القانون الطبيعي حينها أفرط في استغلال الطبيعة فكان لابد لهذا السبب من نتيجة و هو ما يعرف اليوم بغضب الطبيعة ومن تجليات هذا الغضب الإحتباس الحراري وهو ارتفاع درجة حرارة الأرض بسبب التلوث البيئي وكان من آثاره التصحر والمجاعة في كثير من البلدان وذوبان الجليد القطبي بل وحتى وقوع الكثير من الزلال و موجات تسونامي وما قلناه في هذا المجال يقال أيضا في الحياة البيولوجية وفي جميع المجالات الأخرى فمثلاً لا ستمرار لأي نوع من الأنواع ولابد من التناسل والتكاثر والا انقرض وانتهى. إلى هنا لا أظن أن هناك اختلاف بين المسلم وغيره ،فما علاقة هذا كله بموضوعنا؟

للجواب ننطلق من قوله تعالى “وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها” ، فالإسلام الطوعي في الآية هو إسلام الإنسان الذي يكون بإرادة وطواعية وحينها يمتثل لسنن الله الشرعية أو قوانين الشريعة، أما إسلام الكره في الآية هو إسلام الكون كله ويكون بخضوعه لقوانين الله في الطبيعة أي سننه تعالى الكونية.

فحين يلتزم الإنسان المسلم بالشريعة فإنه حينها يمشي في انسجام وتناغم مع الكون كله فيكون له الرخاء في الدنيا والنعيم في الآخرة وهو ما عبر عنه ربعي بن عامر بقوله لكسرى “جئنا لنخرجكم من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة”فالله الذي خلق الكون ووضع له قوانين يسير عليها هو الذي وضع للإنسان الشريعة ليلتزم بها، ولا يتصور تصادم ولا تضاد بين قوانين الكون و قوانين الشرع فالشريعة وضعت حدودا لاستغلال الطبيعة وكيفية التعامل معها واعتبرت الشريعة الإنسان جزء من أجزاء الكون فعرف المسلم حدوده فلزمها. فهل يحق لنا أن تتساءل بعد هذا كله أين الله مما يحدث للعالم اليوم ؟ و أستحضر هنا تعبيرا لأحد العلماء” يد الله مستورة عن الخلق بالسنن” ، لذا يكفي أن نعرف بأن الله هو خالق الكون وواضع قوانينه، و من خالف تلك القوانين وصادمها يعاقب بما سموه “غضب الطبيعة” حتى لا يقولوا غضب الله تعالى إعراضا منهم واستكبارا لأن الله هو خالق الطبيعة وهو الذي يقلب الليل النهار كيف يشاء .

وأحب هنا أن أختم بقول للفيلسوف الإنجليزي فرنسيس بيكون حيث قال ” قليل من العلم ربما يجعلك ملحدا، فإذا تعمقت آمنت بالله”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M