من هم ضحايا الخمر في المغرب؟

23 أغسطس 2015 11:23
من هم ضحايا الخمر في المغرب؟

من هم ضحايا الخمر في المغرب؟

إبراهيم بيدون

هوية بريس – الأحد 23 غشت 2015

انتشر شرب الخمر في المغرب بشكل مهول، بسبب كثرة إنتاجها، وشيوع تسويقها حتى بالطرق المحرمة شرعا والممنوعة قانونا، وكذا بسبب تقصير العلماء والمسؤولين والوعاظ في الإنكار على مستهلكيها، مما جعلها تدريجيا من أقرب البضائع إلى المواطنين مثلها مثل الحليب والدقيق والسكر وذلك عبر السماح للمراكز التجارية بتسويقها في الأحياء الشعبية؛

كما يندرج ضمن الأسباب تلك الدعاية الإعلامية الكبيرة للتشجيع على تعاطيها، ومن ذلك السماح للإعلام الفرانكفوني رسميا أن يشهر منتوجاتها، ثم تأت الطامة الأكبر وهي ترويج ثقافة الحرية الفردية العلمانية في شربها والتي يتولى كبر الدعوة إليها اللادينيون الذين أعرضوا عن الأحكام الشرعية وضربوا عنها الذكر صفحا، واستبدلوها بالقيم الغربية المادية المتحررة التي لا تؤمن بقيد شرعي ولا قيمة أخلاقية..

هذه أهم العوامل التي رفعت معدل شرب الخمور في بلدنا، وجعلت المغاربة المسلمين يستهلكون أكر من 130 مليون لتر سنويا، وهو معدل كفيل بأن يتسبب في كوارث على عدة مستويات، بأرقام مهولة تثبت أن أم الخبائث مشروب الغواية الذي يتسبب في خسائر روحية وبدنية ومالية كثيرة.. ويهلك سنويا أمما من الناس.

فمن ينظر في سجلات المستشفيات والمصحات، يجد ضحايا هذا المشروب الحرام بالآلاف يتوزعون حسب الأمراض المتنوعة التي يسببها، ومن سأل الصيدليات عن الأدوية المعالجة لتلك الأمراض لوجد أنها بالمئات إن لم نقل بالآلاف..

ومن ينظر في سجلات مصالح حوادث السير يجد أن الخمر له الدور الكبير في إزهاق الأرواح، وإعاقة الأجساد، وضياع معيلي الأسر وتيتيم الأطفال وترميل النساء..

ومن يطلع على سجلات المحاكم يجد المجرمين ضحايا هذا المشروب بالآلاف، تبتلعهم يوميا غياهب السجون منهم من سرق ليشرب ومنهم من قتل بعد أن شرب، ومنهم من هتك عرض القاصرات، ومنهم من وقع في عرض محارمه، أو أزهق روح أمه أو أبيه، ومنهم من تعرض طريق المارة فاعتدى على الرجال بالضرب والجرح، وأقلهم جرما من سكر فتلبس بالزنا مع العاهرات..

ومن نظر في تقارير العنف ضد النساء، لوجد عددا كبيرا من حالاته سببه زوج سكير أو أب عربيد، أو أخ مخمر..القاسم المشترك بينهم اقتراف كبيرة شرب الخمر.

ولا شك أن الخمر تهدد استقرار البيوت فترتفع نسب الطلاق، وتؤثر سلبا في المستوى الذهني لمتعاطيه، وعلى رأسهم الطلبة -الذين سيتولون زمام الأمور بعد حين-، وتضيع الحقوق، وتفسد الأخلاق، وتنتشر بسببها الموبقات، فالخمرة أم الخبائث، كما سماها النبي صلى الله عليه وسلم.

فمن هم ضحايا الخمر؟

إنه الابن الذي أراد أبواه منه أن يكون فردا صالحا في المجتمع، فتعاطى المسكر فكان مصيره الجثوم في دهاليز السجون..

إنها البنت التي أراد منها والداها أن تكون بارة لهما حتى يسلموها لزوجها، فوجدت نفسها تعاشر المجرمات في عنبر الإصلاحيات..

إنه الأب الذي ينتظره أبناؤه ليرجع إليهم من العمل بالأكل والهدايا، فلا يرجع، لأنه مات في حادثة كان للخمر دور فيها..

إنها الأم التي يؤمل فيها أن تكون نعم الحضن لأبنائها، بأخلاق فاضلة وعقل راجح، فيضيع حلمها وتتشتت أسرتها..

إنه الأخ الذي علق عليه إخوته الآمال بعد موت أبيهم، وفي سكرة عابرة تشاجر مع صديق مخمور له، فطعنه بسكين الخبث.. أو طعن هو صديقه.

إنها الأخت التي وضعت جسمها على موائد اللئام، بعد شربة لم تحسب لها حساب، فضاع العرض، وذهب الشرف..

إنه الجد والعم والخال والحفيد، وإنها الجدة والعمة والخالة والحفيدة، وأبناء الأخ وأبناء الأخت، إنها الأسرة والعائلة التي علينا الحفاظ على ترابطها وتماسكها وصلاح أفرادها، فبصلاحها يصلح المجتمع..

إنها الدولة والمؤسسات التي تضيع بكل جرعة خمر بعضا من كفاءاتها العلمية والأدبية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية..

إنها حرب القنينات المدمرة للمجتمع، إنها حرب أسلحتها مياه ملوثة تفتك بالجميع.. فاحذروها!!

[email protected]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M