11 شتنبر.. ماذا بعد انخراطنا في الحرب ضد الإرهاب؟؟؟

16 سبتمبر 2016 19:16
11 شتنبر.. ماذا بعد انخراطنا في الحرب ضد الإرهاب؟؟؟

هوية بريس – ذ. إبراهيم الطالب

خمسة عشر عاما مرت على أحداث الحادي عشر من شتنبر 2001، فعلا اهتزت أمريكا، ضربت في عقر دارها، فرح أعداؤها أنها أخيرا ذاقت جزاء استكبارها على الضعفاء، وظلمها للبشرية خلال سنين طويلة الأمد.

لكن ماذا بعد؟؟

أطلق بوش جملته المشهورة قاصدا بها الحكام في دول العالم أجمع وعلى وجه الخصوص حكام المسلمين: “من ليس معي فهو مع الإرهاب” لا توجد منطقة وسطى يأوي إليها الكاره لأمريكا، إما أن تجثو أمام رجليها وتذعن وإما تلحق بأعداء أمريكا راعية “السلام”.

أجريت البحوث والتحقيقات وضعت التفسيرات ووجهت الاتهامات صوب المسلمين اتهمت القاعدة ثم بدأت فصول الحرب العالمية على الإرهاب.

عقدت المؤتمرات تلو المؤتمرات وأنجزت الدراسات تلو الدراسات، دون أن يتفق على مفهوم موحد للإرهاب، لكن الاتفاق كان هو التعاون من أجل القضاء على الإرهاب.

توالت الأيام واتضح أن الغرب لا يقصد بالإرهاب سوى كل ما هو إسلامي يتعارض مع نظامه الإمبريالي الجشع، سواء كان سلاحا تصنعه حماس لصد العدوان الصهيوني، أو بوركيني ترتديه امرأة للسباحة في شواطئ فرنسا.

الحرب على الإرهاب كما شملت إسقاط دول مثل دولة طالبان شملت كذلك تغيير سُوَر وآيات قرآنية من مقررات دراسية.

الأخطر في هذه الحرب الغربية على الإرهاب هي أن الغرب بزعامة أمريكا استطاع أن يحارب المسلمين بأنفسهم، استطاع أن يقنع الدول أن المشكلة في أبنائها، في مقرراتها، في تعليمها في دينها، في تراثها، أقنع النخبة التي كانت على أتم استعداد للاقتناع أن المشكلة في الذات وليس في الغير، فسنت الدول الإسلامية قوانين للإرهاب، وبدأت السجالات الفارغة في ساحة التعليم والإعلام والفكر، لتسوغ أكبر الجرائم التي عرفها المسلمون في حق تراثهم ودينهم وتاريخهم.

نفس المنهج اتبعته أمريكا والغرب تمول مؤتمرات للتباحث حول قضايا الإرهاب والتطرف، ترسل نخبها ليعلموا نخبنا كيف نحارب أنفسنا، في حين على أرض الواقع يعدم رئيس أكبر الدول العربية يوم عيد، بعد محاصرة عشر سنين وحرب وتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل، ويباد كل علماء الذرة العراقيين على أيدي القناصة الأمريكان والصفوية، وتهان حرائر العراق ورجاله في سجن أبي غريب، وتوقِد الآلة الاستخباراتية الأمريكية فيه نار الطائفية. لتسلم الحكم لشريكتها في الجريمة إيران الصفوية.

المهم أننا بعد 15 سنة من الحرب على الإرهاب، وبعد إسقاط طالبان واغتيال بن لادن، وبعد غوانتانامو وبعد مئات الآلاف من المحاكمات على طول العالم وعرضه لمن تسميهم بالإرهابيين، وبعد توزيع عشرات الآلاف من السنين عقوبات عليهم، لم يُقض على “الإرهاب”، بل توسعت دوائره، نسي الناس تنظيم القاعدة وبن لادن والظواهري، وأصبح الكل يتحدث عن تنظيم الدولة وأبو بكر البغدادي، أصبح اسم داعش أيقونة الإرهاب خلفا للقاعدة.

فخلال عهد الأولى تم تمزيق العراق، وفي عهد الثانية تم تمزيق سوريا وبينهما مزقت ليبيا واليمن.

إننا أمام حرب عالمية تتوسع دائرة اشتعالها يوما بعد يوم، لكن ضحاياها كلهم من المسلمين وآثارها دمار وتحريق وخراب لبلدان المسلمين في حين تبقى ربوع الغرب آمنة مطمئنة مع استثناءات تستوجبها الحاجة للإمعان في تقتيل شعوبنا.

ولنتصور قبل 11 شتنبر 2001، كم كان يحتاج الغرب من الجيوش حتى يحدث هذا التخريب كله وهذا الدمار كله؟؟

كم كان يحتاج حتى يقتل هذه الآلاف المؤلفة من الشباب الذين تبنون العمل المسلح؟؟

كم كان يحتاج حتى يضمن تدفق النفط العربي صوب محركات شركاته العملاقة؟؟

كم كان يحتاج لتخريب هذا العدد الهائل من الدول؟؟

كم كانت تحتاج كي تقنع دولنا بأننا إرهابيون؟؟

هل كانت تستطيع أن تجعل العلماء -إلا من رحم الله- لا يجرؤون على الحديث عن الجهاد، ولا يستطيعون دعم المجاهدين ضد إسرائيل؟؟

هل كانت تستطيع أن تجعل الدعاء على الصهاينة تهمة في بلاد المسلمين والدعاء مع المجاهدين مجلبة للسخط الرسمي على العلماء والخطباء؟؟

كل هذه الثمار وغيرها كثير مما نسيت في هذه العجالة، ما كانت لتكون لولا اشتراك دولنا غير المشروط مع أمريكا في حربها ضد الإرهاب.

اليوم روسيا وأمريكا ترقصان على جثث الشهداء في سوريا، تطيلان عمر الحرب حتى تتبين حصص كل منهما بوضوح، لا يهمها أن يكبر ما تسميه إرهابا ولا أن يتمدد، بل تشجعه وتجعله وسيلة ضغط على الدول المجاورة، لضمان استمرار انخراطها في الحرب.

لا يهمها جرائم الإبادة التي يرتكبها بشار ضد المدنيين ما دام له مدافع مثل بوتين، في حين لم تنفع موسكو صدام حسين وباعته لأمريكا.

لا يهمها حقوق الإنسان والطفل والمرأة مادام انتهاكها يَصب في مصلحتها القومية، لا تهمها الدولة الدينية عندما تسلم العراق للصفويين مادام تدفق النفط العراقي سيكون مضمون الوصول إلى شركاتها.

إن مشكلتنا ليست في محاربة “الإرهاب” بل في خطر الخضوع للغرب وضغوطه، عندما يحارب فينا كل نخوة ومقاومة ونجاريه في تطويع مفاهيمنا ومرجعيتنا لمتطلبات التماهي مع حضارته المادية.

الدول العربية الإسلامية اليوم مدعوة لإعادة النظر في انخراطها في الحرب ضد “الإرهاب”، قبل أن تجد نفسها جزء صغيرا مكملا لدولة الصهاينة في شرق أوسط كبير تحكمه عصابة بني صهيون.

وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

آخر اﻷخبار
2 تعليقان
  1. ملاحظة
    في مقدمة المقالة سلمت لفكرة ان هناك ضربة وجهت الى امريكا ولكن الرواية الامريكية والاحداث متناقضة وتشكك ان طاءرة يمكنها ان تكون سبب في هدم ناطحة سحاب مبنية بالفولاذ و غير ذلك ؟؟؟

    1. أحسنت بارك الله فيك.. وهناك كتاب مهم يكشف بالادلة والمنطق حقيقة ان الادارة الامريكية هي نفسها من خطط ونفذ احداث 11 سبتمبر لغايات كثيرة.. عنوان الكتاب بالفرنسية هو L’effroyable imposture, ’’الخدعة الرهيبة’’ لكاتبه تيري ميسون هو كتاب نافع في هذا الموضوع والله اعلم.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M