د. لطفي الحضري: من أهداف علم النفس الفطري عدم إقصاء 85% من البشر الذين يعتقدون أن المرجعية الدينية تؤطر حياتهم

01 يوليو 2014 19:26
د. لطفي الحضري: من أهداف علم النفس الفطري عدم إقصاء 85% من البشر الذين يعتقدون أن المرجعية الدينية تؤطر حياتهم

د. لطفي الحضري: من أهداف علم النفس الفطري عدم إقصاء 85% من البشر الذين يعتقدون أن المرجعية الدينية تؤطر حياتهم

حاوره: إبراهيم بيدون

هوية بريس – الثلاثاء 01 يوليوز 2014

1- لماذا علم النفس الفطري وما أصل هذه التسمية؟

تولد علم النفس الفطري من رحم علم النفس الإسلامي، حيث يأسس علم النفس الإسلامي مرجعية لعلم النفس الفطري. ويأتي اقتراح لفظ علم النفس الفطري لأسباب اعتبرها مهمة لتجاوز بعض الانتقادات الموجهة إلى اسم: «علم النفس الإسلامي»، وليس إلى موضوع هذا العلم أو مناهجه. فلا يخلو أي علم من الانتقادات، منها انتقادات وجيهة وموجهة، تشكل لنا رافعة منهجية، ومنها انتقادات تتسم بمواقف ذاتية ومرجعية وأحكام مسبقة. هاته الانتقادات بالطبع لا تهمنا لأنها لا تشكل لنا إضافة نوعية في البحث العلمي لهذا فنحن لا نجيب عنها ولا نأبه لوجودها.

بداية نعطي فكرة مقتضبة عن تأصيل علم النفس الإسلامي، حيث استخدم بعض الباحثين مصطلح «التوجيه الإسلامي لعلم النفس» أو العلوم الاجتماعية. ومن أوائل من استخدمه فؤاد حطب في بحث تقدم به إلى «ندوة علم النفس والإسلام» التي انعقدت بجامعة الرياض بالمملكة العربية السعودية في عام 1978م وهو يعني بالتوجيه الإسلامي لعلم النفس، بناء علم النفس على أسس المبادئ الكلية العامة للإسلام، وعن تصور الإسلام للإنسان والكون. د. نجاتي(1).

أما بالنسبة لعبد الخالق مصطفى: «إن التوجيه الإسلامي لمثل هذه العلوم الكونية يعني أن ننهي مقولات أن الطبيعة فعلت كذا وكذا. وهي تلك المقولات التي ترد في إطار العلم الوصفي لأن الطبيعة نفسها مفعولة وليست فاعلة، أي توجيه استخدام العلم بما يتفق وقيم الإسلام ورسالة الإنسان في الاستخلاف».

استخدم مصطلح التوجيه الإسلامي لعلم النفس في بعض المقررات الدراسية بقسم علم النفس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، فقد قام مالك بدري بتدريس مقرر في «التوجيه الإسلامي لدراسة علم النفس التحليل النفسي والديني» في العام الدراسي 1403هج./29

كما قام د. النجاتي بتدريس مقرر في التوجيه الإسلامي لطلبة الدراسات العليا بقسم علم النفس بنفس الجامعة في الأعوام الدراسية 1985-1986.

إذن فقد تجمعت عناصر متعددة واجتمعت لجعل من مسألة البحث عن وضع أسس علم النفس الفطري أمرا ضروريا ليستجيب لمجموعة من الحاجيات على مستوى العلاج النفسي والبحث العلمي.

ونحدد هنا بعض الأفكار التي جعلنتا نقترح اسم «علم النفس الفطري».

1. حينما نقول بعلم النفس الإسلامي، فهذا قد يخلق التباس من حيث أن ما أذكره هو حقيقة من الإسلام، مع العلم أن ما أحدث به وأقوله من حيث ارتباطه بالإسلام فهو اجتهاد للباحث في الظواهر النفسية انطلاقا من الكتاب والسنة، وهي بالطبع اجتهادات قد تخطأ وقد تصيب، وهو ما ألاحظه في كتاب ابن القيم الجوزية «الطب النبوي» حيث يشتمل الكتاب على أقوال الرسول عليه السلام في المجال النفسي وفي مجال علاج القلوب وفيه أيضا اجتهادات لابن القيم أصاب في الكثير منها وأخطأ في بعضها الأخر.

2. لفظ «الفطري»، تشير إلى المرجعية الإسلامية، فأنا بالضرورة حين أستعمل لفظ الفطري فإني أضع مجال البحث في مرجعيته الإسلامية، وأضع القراء معي داخل هذه المرجعية، من حيث إشارتي إلى أنني أشتغل من داخل هذه المرجعية، ويكون موقفي واضحا من حيث المنبع وموقفي واضحا مما أقول: فهي اجتهادات شخصية حول النفس الإنسانية من مرجعية إسلامية.

2- ما هي أهداف علم النفس الفطري؟

أهداف علم النفس الفطري يتفق كليا مع علم النفس الإسلامي، حيث يقول النجاتي أن هذا الهدف يتجلى في الكشف عن آيات الله تعالى وسننه في الإنسان، أي الكشف عن المبادئ والقوانين التي تنظم سلوك الإنسان في الحياة وفق مشيئة الله تعالى، ومعرفة المنهج الأمثل لحياة الإنسان وفق هذه السنن الإلهية، مما يحقق له السعادة في الدنيا والآخرة، ومعرفة أسباب انحراف الإنسان عن الحياة المثلى السوية، مما يسبب له القلق، والشقاء والمرض النفسي. وسوف تجعلنا هذه المعرفة أقدر على فهم الإنسان، وأكثر فعالية في إرشاده، وتوجيهه وتعديل سلوكه وتنظيم حياته.

وهكذا يمكن تلخيص أهداف علم النفس الفطري فيما يلي:

1.فتح آفاق جديدة في ميادين علم النفس (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير).

2. إظهار تقارب الحضارات في فهم النفس الإنسانية.

3. الخروج من الاستعلاء الحضاري، ليس هناك حضارة واحدة قادرة على العطاء والرقي بالإنسان.

4. العلم كله، هو بالضرورة وليد تلاقح الحضارات.

5. تجاوز العنصرية الفكرية والحضارية التي تقول فقط بالفكر الواحد(2).

6. توضيح أهمية المرجعية في العلاج النفسي وفي تعديل سلوك المريض.

7. تجاوز المناهج والطرق المادية في العلاج النفسي، علاج لا يكون فقط وفق المناهج المادية الإلحادية.

8.الديمقراطية العلاجية، وهي أن يتمكن المريض من اختيار الطريقة العلاجية التي تناسب مرجعيته وتفكيره.

9.فهم جديد للنفس الإنسانية وللسلوك الإنساني.

10. خدمة الإنسان من الوجهة المادية والروحية.

11. خلق مشترك إنساني متعدد التوجهات في التعامل مع السلوك الإنساني.

12. عدم إقصاء الملايين من البشر (مليارين من المسلمين) من العلاج النفسي المرتبط بهويتهم.

13. عدم إقصاء 85% من البشر الذين يعتقدون في المرجعية الدينية تدبير حياتهم.

14. إعطاء للوقاية النفسية أهمية قصوى.

15. تصحيح المسار الإنساني للخروج من حالة الضنك والعيش في طمأنينة روحية نفسية.

16. تقديم مناهج إجرائية في العلاج النفسي تتسم بالشمولية.

3- يعترض بعض الباحثين على سبغ العلم بمرجعية معينة؛ ومن هذا المنطلق فهم يرفضون أن يضاف علم النفس إلى الإسلام فيقال: علم النفس الإسلامي، فما تعليقكم؟

عندما نقرأ كتب تاريخ علم النفس، فإننا نجد فيها مصطلحات مثل: «علم النفس الأمريكي»، «علم النفس الإنجليزي»، و«علم النفس السوفيتي»،… وعلى هذا النحو أيضا نقول كذلك «فلسفة يونانية وفلسفة إسلامية». وهذا رد جامع لمن يرفض مفهوم علم النفس الإسلامي، ويعتبر أن العلم هو خارج المرجعيات الدينية والعقائدية، ولكن الواقع يقول عكس هذا، لأنه كما ذكر الدكتور النجاتي أن هناك مرجعيات ظاهرة يقول بها المختصون، ويحق لهم ذلك ولكن يرفض هذا الحق عندما نتكلم عن علم النفس الإسلامي.

وأقول في نفس السياق بأننا نتكلم وبدون أي تكلف ولا حرج علمي عن الهندسة الهندية والصينية بل وعن الهندسة الإسلامية، ونحن هنا نتكلم عن ميادين تتعلق بالعلوم الدقيقة فكيف إذا تكلمنا عن العلوم الإنسانية.

فالإنسان يتفرد باختلاف مشاربه واهتماماته ومرجعيته، وهذا الاختلاف يدفع إلى تفرد مدارس علم النفس واختلاف تفاسيرهم وطرق علاجهم، وإن كان هذا الاختلاف يعود إلى مرجعية الباحث والطبيب فهو يعود أيضا إلى احترام خصوصية المريض.

إن علم النفس تخصص طبي اتفق العالم على توحيد مصطلحاته التشخيصية على وجه الخصوص؛ واختلفوا حول أساليب وفنيات العلاج النفسين ولم يكن هذا الاختلاف حاصلا لولا اختلاف منطلقاته.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

* الدكتور لطفي الحضري: مؤسس علم النفس الفطري ومتخصص في علم النفس المرضي وعلم النفس التواصلي.

1- كتاب: مدخل إلى علم النفس الإسلامي.

2- وقد عبر عالم الأحياء الأمريكي جي. دبليو. هاربر G. W. Harperعن رأيه حول هذا الموضوع قائلا: “كثيرا ما يدعي البعض أن الداروينية محورية بالنسبة لعلم الأحياء الحديث. ولكن على العكس، إذا اختفت فجأة كل الإحالات إلى الداروينية، سيظل علم الأحياء دون أي تغيير يذكر…”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M