قصة الغار بين السنة والشيعة

18 ديسمبر 2014 14:12
قصة الغار بين السنة والشيعة

قصة الغار بين السنة والشيعة

إبراهيم الصغير

هوية بريس – الخميس 18 دجنبر 2014

قال تعالى: {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (التوبة:40). قالت عائشة، وأبو سعيد، وابن عباس، رضي الله عنهم: «وكان أبو بكر مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار».

قال الطبري: «وإنما عنى جل ثناؤه بقوله «ثاني اثنين»، رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه، لأنهما كانا اللذين خرجَا هاربين من قريش إذ همُّوا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم واختفيا في الغار».

قال الحافظ ابن حجر: «فإن المراد بصاحبه هنا أبو بكر بلا منازع، والأحاديث في كونه كان معه في الغار كثيرة وشهيرة، ولم يشركه في المنقبة غيره» (“الإصابة في تمييز الصحابة”، 4/148).

…لما اشتد أذى أهل مكة، وكبُر مكرهم، وفكروا في قتل سيد البشر، أمره الله سبحانه تعالى بالخروج والهجرة. فما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا امتثال هذا الأمر الإلهي مباشرة، فذهب إلى بيت الصديق رضي الله عنه وأرضاه، ورتَّب لهذه الرحلة الفاصلة في تاريخ الإسلام والمسلمين.

فكان من ترتيباته صلى الله عليه وسلم أن وزع الأدوار، فأمر عليا رضي الله عنه وأرضاه بالمبيت في مكانه، للتمويه ورد الودائع والأمانات لأهلها، واختار أبا بكر رضي الله عنه للصحبة. فكان خير صاحب لأفضل نبي، إذا تذكر الرصد مشى أمامه، وإذا تذكر الطلب مشى خلفه، ووهب نفسه لخدمته، متألما لراحته، لا يكل ولا يمل طيلة الليالي الثلاث التي قضياها في الغار.

وكتب السنة التي اهتمت بالتاريخ والسير كلها ذكرت قصة الهجرة النبوية، بتفاصيلها ووقائعها وأحداثها، ودروسها وعبرها، وكلها متفقة على أن الصاحب أبا بكر الصديق، وأن صحبته هاته منقبة من مناقبه وفضيلة من فضائله الخاصة به، والتي لا يشاركه فيها غيره.  

وبقيت هذه الحقائق ساطعة صافية لا يكدرها ريب ولا تشوبها شبهة حتى ظهرت نحلة التشيع المقيت ذات الأصول اليهودية، لتبدأ حملات التشكيك ونعرات الرفض التي تقذف بالشبه على عواهنها علها تجد آذانا صاغية أو قلوبا متآمرة تجعل منها دينا على حساب الحقيقة الساطعة.

وهنا يقف المسلم أمام طريقين: طريق الحق والحقيقة التي تنطلق من كلام الحق سبحانه المحكم، ومن أحاديث نبيه المصطفى الصحيحة، مما سطره علماء السنة الفحول في كتبهم.

وطريق الافتراء والدجل المنطلقة من وضع الوضاعين وصناعة المعممين، مما أوحاه إليهم إبليس من تلبيساته الشيطانية. الناقصة من نقصان مصدرها البشري، المتسمة بالتناقض والاختلاف.

فراح الشيعة يرددون أمانيهم الواهنة المتناقضة، فمرة ينفون أن أبا بكر هو من كان مع النبي في الغار، ومرة يؤكدون، وليس المؤكدون بأفضل حال من النافين، فهؤلاء قالوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أخذه معه لكيلا يدل الكفار عليه، وتجدهم يلوون ألسنتهم بسفاسف الكلام الخادع، والكذب الماكر، نافين عن الصديق أية فضيلة انتصارا لمضغة الحقد الدفينة في قلوبهم من صانع عقيدة الرفض اليهودي ابن السوداء.

وهذا بيان قصة الغار في دين الشيعة:

1- أبوبكر ليس ثاني اثنين:

لقد اجتهد بعض المعاصرين من معممي الرافضة كثيرا في محاولة لإنكار وجود أبي بكر الصديق في الغار مع النبي صلى الله عليه وسلم، حسدا من عند أنفسهم، معتمدين على ما أنتجته عقولهم المخبولة من قواعد فاسدة يحاكمون بها آيات القرآن الصريحة والأحاديث الصحيحة،  ليستخرجوا منها ما لا تدل عليه من عدم وجود أبي بكر الصديق في الغار، ولكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل وكان مصيرها النبذ والخذلان.

– وقد ألف الرافضي نجاح الطائي كتابا أسماه «صاحب الغار أبو بكر أم رجل آخر؟؟؟».

سود صفحاته بمحاولته اليائسة واستنتاجاته البائسة لينتصر لفكرة نفي وجود الصديق في الغار، مؤكدا وجود رجل آخر يشبهه واسمه ابن بكر. متناولا النصوص بطريقة عجيبة غريبة، مخضعا إياها لقواعد وآليات لا يعرفها إلا هو وزمرته الرافضية. ضاربا بها أروع الأمثلة في الكذب والتدليس.

وقد تبنى هذا الرأي أيضا الرافضي الكوراني، وكمال الحيدري، من معممي الرافضة المعاصرين، حيث نجدهم جميعا متفقين على نفس الفكرة منتصرين لها بشتى الوسائل الماكرة.

لكن هذا الاتجاه يصطدم بالروايات الشيعية الكثيرة المؤكدة لوجود الصديق في الغار.

– يقول الشيعي الطباطبائي في كتابه: «الميزان في تفسير القرآن» (المجلد التاسع، ص:279): «والمراد بصاحبه هو أبو بكر للنقل القطعي».

– ويقول الشيعي المفيد مجيبا: «أما خروج أبي بكر مع النبي صلى الله عليه وآله فغير مدفوع، وكونه في الغار معه غير مجحود، واستحقاق اسم الصحبة معروف» (“الإفصاح في الإمامة”، ص:185).

– وهذا شيخ الطائفة، أبو جعفر الطوسي في كتابه: «التبيان في تفسير القرآن» يقول: «ثاني اثنين» وهو نصب على الحال أي هو ومعه آخر، وهو أبو بكر في وقت كونهما في الغار.. » (ج5/ص221).

– وفي تفسير «مجمع البيان» للطبرسي (ج5/ص:57): «{إذ يقول لصاحبه} أي إذ يقول الرسول لأبي بكر {لا تحزن} أي لا تخف {إن الله معنا} يريد أنه مطّلع علينا عالم بحالنا فهو يحفظنا وينصرنا».

 وهذ إن دل على شيء فإنما يدل على فلسفة التناقض وضرب الآراء بعضها ببعض، حتى يسري مفعول التقية، في دين الشيعة، وتبقى الأقوال مزدوجة بازدواجية مدارس المعممين ذوي الوجوه المتعددة، الذين يستأثرون بالحقيقة، يطلعون عليها من أرادوا، ويخفونها عن كثير.

2- هذه الصحبة لا فضيلة لأبي بكر فيها!

ومن هؤلاء المعممين ممن لم تسعفه التقية، ولم تطاوعه النصوص، ولم يقتنع بفلسفة الإنكار، فاستسلم للحقيقة وقال بوجود الصديق في الغار، وانتقل إلى الفصل الشيطاني الثاني، والخطوة التالية من خطوات إبليس اللعين التي  تنتصر إلى نفي أية فضيلة عن الصديق في هذه الصحبة، وتصيير هذه الأخيرة مذلة للطعن فيه على حد قول هؤلاء الأنجاس. 

وعلى هذه النقطة إجماع جميع المعممين قديما وحديثا:

فقد اجتمعوا على التعسف في تفسير الآيات تعسفا مريبا، وتأويلها تأويلا غريبا، ولووا ألسنتهم بها ليا عجيبا، محملين إياها أي شيء إلا الدلالة على فضيلة لأبي بكر.

– يقول الشيعي المفيد بعدما أكد وجود أبي بكر في الغار استنادا إلى الآية السالفة الذكر: «…إلا أنه ليس في واحدة منها ولا في جميعها ما يظنون له من الفضل، فلا تثبت له منقبة في حجة سمع ولا عقل، بل قد شهدت الآية التي تلوتموها في ذلك بزلل الرجل، ودلت على نقصه وأنبأت عن سوء أفعاله بما نحن موضحون عن وجهه… » (“الإفصاح في الإمامة”، ص:186).

وبدأ في سرد الأدلة العقلية التي تتنصر لرأيه وتتماشى وهواه، والتي خلطها بالكذب والتدليس، وناقشها كما يريد، مستخرجا منها المخازي والرذائل من قلب المناقب والفضائل.

– وقد عقد المخبول نعمة الله الجزائري في أنواره (1/68) فصلا على غرار كلام المفيد السابق. هذى فيه هذيانا غير مسبوق إليه، ضاربا بعض الكلام ببعض، خابطا خبط عشواء بالنقل والعقل، لينتزع منه نفي أية فضيلة للصديق من هذه الصحبة، وبالتالي إلحاق الخزي به رضي الله عنه وأرضاه، على حد تقرير هذا المعتوه.

– قال التستري -من علماء الشيعة-: «صحبة أبي بكر للنبي في الغار توجب له العار والشنار».

وأضاف المجنون: «فلأنه شاهد عليه بالنقص والعار، واستحقاقه لسخط الملك الجبار، لا الفضيلة والاعتبار..».

– وقال الشيعي الحلي: «لا فضيلة له في الغار لجواز أن يستصحبه حذراً منه لئلا يظهر أمره».

قال أبو الصلاح الحلبي: «لا فضيلة في قصة الغار، بل هي دالة على النقص».

… أبو بكر لم يكن مع النبي في الغار، كان ولا فضيلة له في تلك الصحبة، هذه الأخيرة منقصة توجب له العار والشنار، كلها تأويلات شيطانية تمثلت في دين الشيعة، انتصارا لجرعة الحقد اليهودية التي حُقنت في قلوب الرافضة، والتي دفعتهم لمحاربة الإسلام والمسلمين، والطعن في سنة خير المرسلين، عن طريق قطع حلقة وصل في مسلسل التبليغ النبوي، الصحابة الكرام. 

قال الإمام مالك رحمه الله عن هؤلاء الذين يسبون الصحابة: {إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في أصحابه، حتى يقال رجل سوء ولوكان رجلا صالحا لكان أصحابه صالحون} (“رسالة في سب الصحابة”، عن “الصارم المسلول”، ص:580).

وتبقى كل تلك الخرافات شاهدة على تدني العقلية الشيعية، وضعفها ووهنها، في كل محاولاتها للنيل من هؤلاء الجبال، الذين ترضى الحق عنهم من فوق سبع سماوات، وتوفي الرسول الكريم عنهم راضيا، وشهد بفضلهم القاصي والداني.

ويبقى الصديق رضي الله عنه أفضل الأمة بعد نبيها، وثاني اثنين في الغار مع نبي الله صلى الله عليه وسلم، وأول الخلفاء الراشدين، وأحب الرجال إلى نبينا، ذو المناقب الكثيرة والفضائل الغزيرة.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M