جدل حول «فيلم محمد صلى الله عليه وسلم»

16 فبراير 2015 10:25
جدل حول «فيلم محمد صلى الله عليه وسلم»

جدل حول «فيلم محمد صلى الله عليه وسلم»

مسرور المراكشي

هوية بريس – الإثنين 16 فبراير 2015

الفن مجددا يلهب الجدل بين معارض ومساند، فبعد عاصفة الصور “الكاريكاتورية” لصحيفة “شارلي إيبدو” المسيئة للرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، لم تكد تنطفئ نار هذه الصور وما رافقها من أحداث مأساوية، حتى ظهر في المشهد “فيلم” إيراني لمخرجه محمد مجيدي حول شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

وحسب المخرج الإيراني فإن أكثر شيء يثير حفيظة المسلمين هو إظهار الوجه، وأكد أن هناك تسرع في إصدار الأحكام قبل المشاهدة، كما أكد في استجواب لفضائية “الميادين” أنه ليست له النية بإظهار وجه النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، مهما كانت الظروف احتراما لمشاعر المسلمين الطيبة وقدسية الوجه المبارك  لسيد الكونين، وذكر مجيدي: “..بدأنا العمل بمشروع إنتاج الفيلم منذ سبع سنوات..” وهذا الفيلم هو ثاني أكبر إنتاج سينمائي إيراني حتى الآن.

وبحسب صحيفة “الغارديان” البريطانية فإن ميزانية الفيلم وصلت إلى 35 مليون دولار، وقد تصل إلى 50 مليون دولار بعد أن وافق عدد من كبار صناع السينما العالميين المشاركة في الفيلم. فحسب هذه الأموال التي أنفقت فلا شك أنه إنتاج ضخم، لقد طالب المخرج السوري الشهيد العقاد بمبلغ 12 مليون دولار فقط قصد إنتاج فيلم عن الحكم الإسلامي في الأندلس، بهدف إبراز تسامح المسلمين ومحو الصورة النمطية التي تنعتهم بالتزمت، فلم تستجب الدول المسلمة الغنية لطلبه، وكانت الصدمة في تبرع خليجي بمبلغ كبير لصالح حديقة الحيوانات بلندن التي أعلنت إفلاسها، وبغض النظر عن المال الذي تم صرفه من أجل إنتاج الفيلم الإيراني المثير للجدل، فالمشكل يكمن في رد الفعل المعارض من بعض علماء السنة وانخراط الأزهر في الحملة المعارضة وذلك بـ”تحريم” عرض الفيلم، كما أن هناك من شجع وبارك إنتاج هذا الفيلم، واعتبره خير رد على الصور “الكاريكاتورية” المسيئة للرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، إذن فهل هناك حل وسط يجمع بين الطرفين المعارض والمساند؟ أليس هذا داخلا في حرية التعبير كما يزعمون؟ وهل هناك ضوابط لتصوير الفيلم دون الوقوع في المحذور؟

بداية فأنا لا أناقش رأي بعض العلماء في هذا الفيلم، وخاصة الذين يحرمون التصوير جملة وتفصيلا، حتى لو تعلق الأمر بصور بطائق التعريف أو للوثائق الإدارية، لكن هناك علماء معتدلين شيعة وسنة لهم تصور يواكب العصر. في اعتقادي أن التوافق ممكن إذا فهم الإشكال، فإظهار وجه النبي مرفوض من كل الأطراف، وهذا ما أكده المخرج الإيراني محمد مجيدي إن صدق فأنا شخصيا لم أشاهد الفيلم بعد، كما طالب هذا الأخير من العلماء مشاهدة الفيلم أولا ثم الحكم عليه  بعد ذلك وهذا أمر منطقي.

لقد عارضه إظهار صورة النبي الكريم يوسف عليه السلام، في فيلم إيراني سابق وحذرت من تجسيد الأنبياء كل الأنبياء، فنحن المسلمين لا نفرق بينهم بأمر من رب العزة، لكن مر الفيلم وانطلت الخدعة على الكثير من المشاهدين، فبغض النظر عن رأي الدين الإسلامي في تقنيات الصناعة السينمائية، فالذوق السليم يمنع من الاعتداء على تصور الملايين من المسلمين لوجه هذا النبي الكريم، فكل واحد يتصور جمال يوسف عليه السلام بشكل مغاير للآخر، وهذا من حقه الطبيعي أن يتصور الأشياء والأشخاص كما يريد فهذا قد يدخل في حرية “التخيل”، لكن المخرج حطم هذا الخيال الجميل وجعل الصورة واحدة بشكل استبدادي.

فهل الذي ظهر في هذا الفيلم يمكن “لجماله” أن يجعل النسوة يقطعن أيديهن من فرط جماله؟ فهذا الشخص الذي مثل دور يوسف عليه السلام لن يثير انتباه النسوة ولو كن يمضغن علكة “الشوينكوم”.
ففي الأسطورة الشعبية المغربية رجل اسمه “احديدان”، فالمغاربة كل واحد منهم يتخيله على شكل معين، لكن المخرجة جعلته بشكل مغاير لما هو في مخيلة المغاربة، واليوم عندما ينطق اسم “احديدان” يتبادر إلى الذهن صورة “فلان”، وعندما يمر في الشارع يقال: “ها هو احديدان”، فما بالك بالأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه، فتنبيه للمخرجين كيلا يخرجوا عن إجماع الأمة فهي لا تجتمع على ضلال، وننبه إلى أن معارضة الفيلم بشكل مسبق دون تروي، ربما سيسقطنا في تسييس الاعتراض و”أدلجته”، فهناك صراع بين إيران الشيعية ودولة كبرى سنية في الخليج، حول الزعامة في المنطقة والدفاع عن مقدسات الإسلام.

لقد عادت بي الذاكرة إلى أيام الطفولة، وخاصة أثناء العطلة الصيفية عندما أسافر إلى أحواز مراكش، ففي البادية هناك مجموعة من الصور للأنبياء، تجدها تقريبا في كل بيت وتباع في أسواق القرى، وقد يقوم أحد الأقارب بشرح تلك الصور، فيقول هذا سيدنا إبراهيم عليه السلام وهذا ابنه سيدنا إسماعيل وها هي الملائكة تحمل الخروف، وينتقل بك إلى شرح صورة آدم عليه السلام وأمنا حواء وهم بدون لباس، ثم سيدنا يوسف وسليمان عليهم السلام، طبعا هذا الشرح ممزوج بشيء من الأساطير والخرافة. إذن فهناك صور سبقت “شارلي..”، في تصوير الأنبياء بالبادية المغربية ولم تثر الانتباه، ربما لغياب وسائل التواصل الحديثة في ذاك الزمان.

بالمعطي أش ظهر ليك فتصوير النبي صلى الله عليه وسلم؟ أعوذ بالله أولدي إيوا ما بقاليهم غير سيدي ربي الله يدينا أولدي فالضو..

[email protected]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M