«حزب المؤخرات» الحداثي في المعارضة

31 مايو 2015 13:56
«حزب المؤخرات الحداثي» في المعارضة

«حزب المؤخرات الحداثي» في المعارضة

أحمد الشقيري الديني

هوية بريس – الأحد 31 ماي 2015

بعد أن فشلت المعارضة في محاولاتها إرباك الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، حتى بعد لجوئها أكثر من مرة للإيقاع بينها وبين القصر، ومطالبتها رئيس الحكومة بالاستقالة، لا لشيء إلا لخوفها من نتائج الانتخابات التي اقترب موعدها، في حين ليس لدى أحزاب المعارضة أي استعداد لمنازلة حزب قوي، لم يؤثر التدبير الحكومي في شعبيته رغم القرارات الصعبة التي اتخذها لتقليص نفقات المقاصة أو معالجة اختلالات فاتورة الماء والكهرباء التي أثقلت كاهل الميزانية، أو عزمه معالجة صناديق التقاعد التي تملصت من مسؤوليتها الحكومات السابقة حتى أشرفت على الإفلاس.

بعد فشلها هذا، لجأت الأيادي الخفية إلى وسيلة أكثر قذارة لزعزعة ثقة المواطنين في هذه الحكومة، وذلك من خلال استهداف هوية وقيم المغاربة بصورة مباشرة وغير مسبوقة، وإظهار الحكومة على أنها عاجزة عن الدفاع عن القيم الأصيلة التي تتشبث بها الغالبية المسلمة، فلجأت إلى أسهل الطرق من أجل تحقيق ذلك: الفن الهابط القائم على الإيحاءات الجنسية الصادمة للوعي الجمعي في ظرف قياسي، من خلال المحطات التالية:

أولا: أغنية “اعطيني صاكي بغيت نماكي” لزينة الداودية:

أغنية تحرض على الفاحشة والتحرش الجنسي، بألفاظ بذيئة وذات إيحاءات جنسية واضحة، يتم استدعاء صاحبتها إلى القنوات العمومية، يتابعها الصغار والكبار.

ثانيا: الإعلان عن حفلات “الستريبتيز”غير المسبوقة (نوع من الرقص الجنسي) واستقدام راقصات من إسبانيا ومن دول غربية أخرى، يقدمون هذه الوصلات الجنسية في إحدى العلب الليلية بالدار البيضاء، تشرف عليها إحدى أكبر العلب الليلية المعروفة في إسبانيا، تتضمن خلع الملابس بشكل كامل والعبث بالأعضاء التناسلية أمام الحاضرين.

ثالثا: فلم “الزين اللي فيك” للمخرج نبيل عيوش:

تبين من خلال المقاطع المسرّبة منه وكذا دفاع الممثلة “أبيضار” عن كشف مؤخرتها في الفيلم، أن لغته سوقية منحطة يعرفها الجميع، ويستحيي الجميع من تداولها في الفضاء العام، فلم أحدث ضجة غير مسبوقة واحتجاجا شعبيا كبيرا، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال الوقفات الاحتجاجية، ورفض عدد من الفنانين المغاربة لغته الساقطة.

هم يزعمون أنهم يعرون واقعا مسكوتا عنه، وهو الدعارة، وهذا كذب لأن الدعارة بالمغرب تتحدث عنها الصحف يوميا، ويعرف الناس جميعا ماذا تفعل العاهرة مع من يقدم لها مقابلا ماديا، ولا يحتاجون لمن ينشر بينهم ذلك العهر باسم الحداثة.

 ولما تمّ منع عرض الفلم في صالات السينما المغربية من طرف وزارة الإعلام، قامت قائمة الأقلية الحداثية عندنا، ووقعت عرائض تدافع عن “حرية العهر” تحت مسمى حرية التعبير.

بالرغم من أننا إزاء أعمال يغلظ الشرع عقوبتها، كما في قوله تعالى: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة، والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، ويجرمها أيضا القانون الجنائي المغربي، وفق المادة 483: “من ارتكب إخلالا علنيا بالحياء، وذلك بالعري المتعمد أو بالبذاءة في الإشارات أو الأفعال، يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين، وبغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم؛ ويعتبر الإخلال علنيا متى كان الفعل الذي كونه قد ارتكب بمحضر شخص أو أكثر شاهدوا ذلك عفوا أو بمحضر قاصر دون الثامنة عشرة من عمره، أو في مكان قد تتطلع إليه أنظار العموم”.

 رابعا: نقل حفل افتتاح مهرجان “موازين” على القناة الثانية، للمغنية الأمريكية “جنيفير لوبيز”، بالرغم من كونها معروفة بنشاطها الجنسي على المنصة أثناء أدائها لعروضها الفنية، بل قد اشترطت على منظمي المهرجان استقدام صديقها للمشاركة في تلك العروض الساقطة التي تعتبر شيئا عاديا في الغرب، بينما عرضها على الملأ في مجتمعنا المحافظ يخالف الذوق والأعراف والدين والقانون (مغنية عارية يضع عاهر عضوه التناسلي على مؤخرتها..) أمام مراهقين وأطفال صحبة أسرهم.

وقد تمّ توجيه النقد والاتهام للناطق الرسمي باسم الحكومة ووزير الاتصال السيد مصطفى الخلفي، باعتباره مسؤولا عن الإعلام الذي كان القناة التي من خلالها تمّ تمرير هذه الوصلات الإبداعية في فن العهر والتي تستهدف قيم وهوية المجتمع المغربي..

لقد كان الهدف من تكثيف هذه الأنشطة البورنوغرافية أمام المشاهد المغربي، في ظرف شهرين فقط، إرباك الحكومة التي يقودها حزب ذو مرجعية إسلامية،أو إضعافها قبل الدخول للاستحقاقات الانتخابية التي أظلنا شهرها.

هذا من حيث القراءة السياسية للأحداث، أما من حيث المضمون، فإن ما يجري يعكس العنف الحداثوي الذي يمارسه الغرب عبر وكلائه في المنطقة، والاعتداء على هوية الشعوب الضعيفة، والذي يؤدي بدوره إلى الاصطدام بالمجتمع العميق، فيتحول إلى غضب شعبي أو أعمال انتقامية كما جرى مؤخرا في استهداف أحد ممثلي فلم عيوش بضربة سكين..

هكذا تتم صناعة التطرف والتكفير والتفجير..

إنها الحداثة تكتسح قيمنا وتفرغ مكبوتاتها على منصات وقنوات من بقايا الاستعمار، لا نملك شيئا من إدارتها حتى وإن رفعت لافتة “الرعاية السامية”..

هي حداثة لا ترحم، سجنت الأنثى في جسد يتلوى ويترنح طلبا للقمة العيش، على أعتاب السادة حيث تذبح الكرامة وتنتهك أبسط حقوق المرأة باسم الحرية والتحرر..

حداثة تمتد في فراغنا، لا تقيم وزنا لمقدساتنا ولا لقيمنا ولا لرمضاننا ولا لامتحانات أبنائنا..

حداثة أصابتنا ريحها النتنة وضراط مؤخراتها وهي تجهد من أجل صنع “ثمانية” من أنثى هجرت قاعة الدرس وكرسي الجامعة، جامعة لا تفتح تلك الآفاق التي يسمح بها سحر “الثمانية” التي تنافست “أبيضار” المغربية وصويحباتها من جهة و”لوبيز” الأمريكية ورفيقاتها من جهة ثانية على تقديمه للمشاهد، فاختلطت عنده نشوة الفرجة بصدمة الوقاحة والفجور..

نحن في النهاية مسلمون، ولن تستطيع “الحداثة” أن تقتحم تلك القلاع التي بناها في نفوسنا قرآن يملك سحر الخطاب، وجمالية البيان، وقوة الحجة والبرهان، ودليل الصدق والإيمان، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه..

لن تستطيع الحداثة اقتحام تلك الحصون، ولو ركبت كل المؤخرات النتنة التي يتحلق حولها الذباب، أو تسترت وراء مؤسسات مأجورة يتحلق حولها “مؤمنون بلا حدود” باعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل..

فقط تستطيع أن تصنع إرهابا وتطرفا وتكفيرا وتفجيرا..لكنه غالبا ما ينفجر في وجهها وتلفح ناره مصالحها..

فيا لها من حداثة غبية..

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M