إنها الحاجة إلى الفرح     

30 نوفمبر 2022 09:10
كأس العالم قطر

هوية بريس – ابراهيم أقنسوس

مثير للإنتباه هذا الخروج الكثيف، لجموع من المواطنات والمواطنين، إلى الشوارع والساحات العمومية، لبلادنا، مباشرة بعد إعلان الحكم عن انتهاء مباراة المغرب ضد بلجيكا، وتأكيد فوز فريقنا الوطني؛ ولنا أن نسجل ثلاثة ملاحظات سريعة ودالة، حول هذا الشكل من التفاعل، مع هذا الحدث الرياضي:

الملاحظة الأولى، وتتعلق بكثافة الجماهير التي هبت إلى الخارج، بأعداد كبيرة، لم تشهدها بلادنا، إلا في لحظات قليلة وفارقة، لها ارتباط بأحداث سياسية وازنة، وشمت مسارنا التاريخي، وما زلنا نعيش على تداعياتها وآثارها، سلبا وإيجابا؛ فهل نستطيع أن نفهم، أن الرياضة هنا، وكرة القدم تحديدا، أصبحت تنوب عن السياسة، وعن الثقافة أيضا عندنا، في القدرة على تحريك الجماهير، وتمكينها من صناعة فرحتها التي تريد، بغض النظر عن قيمة هذه الفرحة، وحقيقتها ؟؟، وأن الكثير من المواطنين والمواطنات، يستعيضون بالإنتصارات السريعة والآنية، في المنافسات الرياضية، عن كل الخيبات والإخفاقات في المجالات الأخرى ؟؟.

الملاحظة الثانية، وتتعلق بنوعية المواطنات والمواطنين الذين هبوا للخروج مباشرة بعد انتهاء المباراة؛ إذ يلاحظ أن غالبيتهم تنتمي إلى فئة الشباب، ومن الجنسين معا، ما يعني أن الشباب المغربي، ليس عازفا عن الإنخراط، وليس رافضا للمشاركة والإندماج، كما يقال، حين يتعلق الأمر بشأن يحظى باهتمامه، ويستطيع أن يقنعه بجدواه وقيمته، حتى لو كان مجرد مقابلة في كرة القدم؛ ما يعني في النهاية أن الشباب بجنسيه، خزان هائل من الطاقات، التي تحتاج إلى من ينصت إليها، ويصغي إلى مطالبها وحاجياتها؛  والمؤكد طبعا، أن شبابنا ينقصه الكثير، ويفتقر إلى الكثير، من الأشياء الأساسية، التي تصنع الفرحة الحقيقة والمستدامة.

الملاحظة الثالثة، وتتعلق بنوعية الأساليب التي عبر بها الكثير من هؤلاء الشباب، عن فرحتهم، أو ما يمكن تسميته كذلك، إذ لوحظ أن بعض هذه الأساليب، لم تخل من حدة وعنف، ماديا ورمزيا، تجلى ذلك من خلال التعبير، برفع الأصوات، وترديد بعض العبارات الإحتفالية، بنفس غاضب، حتى لا أقول ثوري، أو في بعض ردود الفعل التخريبية، التي كانت بعض المقاهي والشوارع مسرحا لها؛ نعم، يمكن أن يبدو هذا الأمر مفهوما، بالنظر إلى الفئة العمرية التي يصدر عنها، على أن لا ننسى الدور التأجيجي، وغير المسؤول،  الذي تقوم به بعض وسائل الإعلام، التي تتناول مواضيع المنافسات الرياضية، بقواميس الحروب، ولغة أم المعارك، وساحات الوغى؛ ويبقى على الباحثين ومن يهمهم الأمر، أن يستفيدوا من مجمل هذه الردود، وهذه الألوان من التعبيرات والإنفعالات، وينظروا في أسبابها ودواعيها، وعلاقتها ببحث الشباب عن فرحة حقيقية ومستحقة، تطول كل حياتهم، وتستجيب لحاجياتهم الأساس.

تأسيسا على ما تقدم، يمكن أن نسجل خلاصة دالة، مفادها؛ حاجة المواطنات والمواطنين الماسة، والشباب منهم بخاصة، إلى فرحة دائمة ومستحقة، تنسيهم كل آلامهم وخيباتهم وخساراتهم، التي طال أمدها، والتي تخص حاجياتهم الأساس، والتي لا ينجح محترفوا السياسة في احتضانها ومعالجتها، ولا يبدون الرغبة الأكيدة في ذلك.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M