التصوف ومعيار الشريعة.. حتى لا يُنْقَض الفقه في “حضْرة السلوك”!

15 مايو 2023 17:13

هوية بريس- محمد زاوي

اعتاد طلبة العلم دراسة علوم الغاية على ثلاثة أبواب: العقيدة والفقه والسلوك؛ في هذا الباب الأخير تدرَس الأخلاق ومختلف الهيئات النفسية للفضائل والرذائل وطرق السلوك إلى الله مقيَّدة بقيود معيار الشريعة؛ في هذا الباب أيضا برز فقهاء كثر، أمثال محمد بن المبارك والفضيل بن عياض والإمام النووي وابن قيم الجوزية والراغب الأصفهاني ومتولي الشعراوي وسعيد رمضان البوطي وفريد الأنصاري، الخ.

القاسم المشترك بين الأسماء المذكورة أنها سلكت الطريق مقيدة بقيود الشريعة، عرفت الحقيقة من باب الشريعة، فحافظت على الوجدان ومعه على إرث السلف، على السلوك ومعه على الفقه، على المطلق ومعه على قيوده في عالم الأعيان، على الباطن ومعه على حدود الظاهر..

إذا خرج السلوك عن معيار الفقه صار هوى، وجه سهامه ضد غايته، دعا إلى تمرد الفرد على مصلحة الجماعة، فكك الدولة بمطالب الأفراد. لا حدود للوجدان لأنه مرتبط بالأزل، بالخالق وهو الأول؛ إلا أن الله تعالى شاء، ومشيئته هي العليا، أن يتجلى الوجدان في إمكان الشريعة بمعيار الفقه، فكان الإسلام حقيقة لا تنفلت من ضابط شريعة، وشريعة تبحث عن حقيقة.

ما يقال عن بعض دعاة “الحداثوية” أولئك الذين ينقضون معيار الدين ككل، يمكن أن أن يقال عن بعض المتصوفة ينقضون بعض أو كل معيار الفقه في الدين؛ وعندما نتكلم عن المعيار فلا نتكلم عن جملة قواعد تفصيلية بها يُعبد الله تعالى فحسب، بل هي قواعد لشعب، وهذا أهم العناصر المادية للدولة.

أليس للمتصوف حقا في التأمل؟ في النظر الفاحص في ذاته؟ في تخليتها وتحليتها بالغوص في باطنها؟ تلك عملية خاصة، تؤتى لكل حسب استعداده، فإذا نظمتها الشريعة (الفقه والعقيدة) أصاب المتصوف ميزان “الحقيقة والشريعة” معا؛ وإذا أغفلها، فإما تدين “الماكينات”، وإما تدين “الهباء”؛ الأول إضاعة للوجدان، والثاني استهداف للمعيار.

الزوايا والطرق والأقطاب؛ جميعا لا يجوز أن تكون على هامش الدولة، وقد تحرجها فيما بعد؛ بل تحت سقف الدولة، تلتزم غرز مذهبها وعقيدتها وطريقها، وإلا أصبحت فوضى جديدة كالتي تنتجها “الحداثوية”.

 

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M