الدعوة بإضحاك الناس، رضوان بن عبد السلام نموذجا
حامد الإدريسي
إنلك لتستغرب من اهتمام بعض المشايخ ببعض القضايا وإهمالهم لما هو أكبر منها، بل بعضهم لا يعرف له مشاركات دعوية ثم فجأة يكلف نفسه كتابة مقال ليبين خطر الدعوة بالضحك.
حين تجد القرآن الكريم قد صور لنا مواقف ضحك فيها أنبياء تدرك أن الضحك في حد ذاته لا يعتبر منقصة حتى في حق نبي، ولقد كان القرآن في غنى أن يذكر لنا ضحك نبي الله سليمان حين استمع إلى كلام النملة، بل ذهب إلى أكثر من ذلك حين وصف القرآن هذه الضحكة من مبتداها إلى منتهاها فقال ((فتبسم ضاحكا)) أي ابتدأ متبسما وانتهى ضاحكا، وكانت هذه الضحكة من مناقب نبي الله سليمان أن يضحك فرحا بالنعمة ضحكا سجله الوحي ونقرأه في الصلاة.
وضحكة أخرى سجلها القرآن عند موقف من مواقف النعمة والإفضال حين بشرت سارة بإسحاق ((فضحكت فبشرناها بإسحاق)) وأعد طرح التساؤل هنا: لماذا يذكر لنا القرآن ضحك امرأة إن لم يكن هذا الشعور مما يفرح به الله عز وجل ويثني عليه.
بل الله عز وجل يضحك، وقد أثبت ابن القيم في نونية مواضع ضحك في الله عز وجل فقال:
وزعمت أن الله يضحك عندما … يتقابل الصفان يقتتلان
من عبده يأتي فيبدي نحره … لعدوه طلبا لنيل جنان
وكذاك يضحك عندما يثب الفتى … من فرشه لتلاوة القرآن
وكذاك يضحك من قنوط عباده … إذ أجدبوا والغيث منهم دان
وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الضحك في أكثر من موقف، جمعها أحدهم في كتاب حتى بلغ 100 موضع ضحك فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن ذلك ما جاء في صحيح مسلم: قال رسول الله عليه الصلاة و السلام إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار وآخر أهل الجنة دخولا إلى الجنة يؤتى برجل فيقول نحوا عنه كبار ذنوبه وسلوه عن صغارها قال فيقال له عملت يوم كذا كذا وكذا وعملت يوم كذا كذا وكذا فيقول نعم لا يستطيع أن ينكر من ذلك شيئا فيقال فإن لك بكل سيئة حسنة فيقول يا رب عملت أشياء لا أراها ها هنا قال فضحك رسول الله عليه الصلاة و السلام حتى بدت نواجذه .
وهكذا ثبت عن كثير من الصحابة مواقف هزل وضحك وانبساط، وكان نعيمان بن عمرو الأنصاري لا يكف عن إضحاك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
إذن الضحك في حد ذاته ليس هو المشكلة، وليس فيه أي محذور شرعي، بحيث لو أضيف إلى الدعوة لأفسدها ذلك المحظور، كمن يريد مثلا استخدام الموسيقى في الدعوة، فننكر عليه استخدامه أمرا محذورا في الشرع، هذا غير وارد هنا، المشكلة في ضحك السخرية والاستهزاء من الحق، أما الاستهزاء بالباطل وأهله فهو من سنن القرآن في تعامله مع الباطل، وذلك يحتاج إلى شرح مفصل يكفيك منه قوله تعالى (( سخر الله منهم ولهم عذاب أليم)).
وقد سار على هذا النهج كثير من علماءنا في المغرب، فكانت مجالسهم لا تخلوا من الطرفة والنادرة حتى في دروسهم في المساجد.
فالإنكار على أخينا رضوان أسلوبه ليس بوجيه، خصوصا أنه لا يتكلف ذلك ولا يتطلبه، فهي عادته وشخصيته ، وقد عرفته منذ سنوات على طبعه هذا خفيف المجلس لذيذ الكلام حاضر البديهة شهي المفاكهة، وكان مع ذلك حريصا على الدعوة يوزع منشورات طبعها على حسابه ويلصق أوراقا في المقاهي والمحلات، وكنت أستغرب حرصه في الدعوة وبذله فيها البذل الكثير على قلة ذات يده وكثرة انشغاله وفقه الله، وقد سار على هذا النهج قبله الداعية الفاضل با العلوي وأوصل رسالته بأسلوبه الشيق ونفع الله بها آلافا من الناس، ولم ينكر عليه أحد.
وإني لأشتم رائحة الحسد في كلام كثير ممن حملوا عليه كأنه أتى منكرا من القول وزورا، وكان الأحرى بهم أن يدعو لأخيهم أو يعبروا عن وجهة نظرهم في رسائل خاصة، فإن قبل فذاك، وإلا ففي الأمر سعة، نسأل الله أن يوفقه ويفتح عليه.
مقال جيد من حيث التدليل والتعقب وتفنيد أكتذيب وألاعيب أهل الحسد،وأصحاب النيات المريضة،وأشكر للكاتب دفاعه عن الداعية رضوان والأصل أن نسانده وندعه لا أن نحجم دعوته ونقلل من جهوده ،ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول ” بلغوا عني ولو آية ” على رسلكم يا أهل النقد والتبخيس .
أبو الحسن قوام صلاح .
مشكورين على المقال. والمرجو إصلاح بعض الأخطاء الاملائية المطبعية.