الشيخ عمر القزابري: هَلُمُّوا إلى رَسُولِ الله صلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمْ…!

19 نوفمبر 2018 21:17
الشيخ عمر القزابري يكتب: لاَ تَنْسَوْا يَوْمَ القِيَامَة...!

هوية بريس – الشيخ عمر القزابري

بسم الله الرحمان الرحيم.. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله وعلى آله وصحبه أجمعين.. أحبابي الكرام:
تأتي هذه الأيام.. أيام ربيع الأوّل لتُنعِش الوصلَ الذي يجبُ أن يظلَّ حيًّا في قلوبِ المُحبين.. وهو الوصلُ بسيدنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.. هذا الوصلُ الذي خَفَتَ بريقُهُ في القلوبِ أو كادْ.. بعد أن عاشت به الأمَّة في أعْصرِها الزاهرة.. بل كان سببَ عِزتها ومَنَعَتِها وريادتها.. كانت تستمِدُّ منه القوةَ على مواجهتِها لتقلباتِ الأيام.. لأنَّ الانسانَ بفطرته وجِبِلَّتِه مُحتاجٌ على الدَّوام إلى قدوةٍ كاملة.. يرى فيها ألوانَ الكمال.. ويستمِدُّ منها ما يُعطيه القوة لِمواجهةِ جَحافِلِ الأعداء.. ابتداء بعدوِّه الداخلي المُلازِم له.. وهو نفسه التي بين جَنبيه.. وانتِهاء بعدوِّه الخارجي مِن شياطين الإنس والجن.. ولن يجدَ العبد قدوة تنتشِلُه وتحتضِنه وتدلُّه على مواقِع القَطرِ أعظمَ من سيدنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.. ولذلكم قال ربُّنا في مقامِ الدَّلالةِ على القدوة الكاملة التي يُحقِّق الاقتداءُ بها الوصولَ إلى شاطئ الأمان في الدنيا.. ثباتا ويقينا ورسوخَ قدم..وفي الآخرة إلى الأمانِ المطلق..أخذا للكتاب باليمين.. وجواز الصراط..ودخول جناتٍ عرضُها السماوات والأرض.. إلى أن يصل إلى منتهى النعيم.. وسماء الإتحاف التي ليست فوقها سماء.. وهي النظرُ إلى وجه الله الكريم..

يقول ربنا: (لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) هذه إشادةٌ من الله بنبيه صلى الله عليه وسلم.. وإِخبارٌ منه سبحانه وتعالى أنَّه القدوة المَرضيَّة التي نصبها الله لدلالة العبادِ عليه.. فياليتَ قومي يعلمون بأنَّ النهوضَ والتقدم والطُّهر.. وخِفَّة الروح في السيرِ إلى الله.. والانتصار على الذات والشبهات.. ليتهم يعلمون أن ذلك لا يتحقق إلا مِن خلال الدخول من بوَّابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. من خلالِ معرفةِ شمائله وفضائله وكمالاته.. وسنيِّ صِفاته.. وأحواله في كل أحواله.. وصبره ورحمته.. وشدته في الحق.. وعفوِه وصفحه.. ومَدِّه اليدَ الحانيةَ للشاردِ بغايةِ الرفق حتى يعُودَ إلى الرحاب.. وغير ذلك من الكمالات التي يَعجزُ البليغ مهما أوتي من أدواتِ الفصاحة والبلاغة عن أن يحصرها أو يَعُدها..
ليتَنا نعرف رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.. لنخرجَ من هذه الظلمات المتراكمة.. والتي أدخلتنا في صحراء الارتجالية.. والغوغائية.. وفوضى الأخلاق.. والأذواق.. وهبوطِ الغايات.. حتى هَويْنا في أوديةٍ سحيقةٍ من التَّقوُّل على النَّاس.. وإِطلاق التُّهم جزافا.. والتَّهيبِ مِن الآخر.. والتَّحرزِ منه.. وحملِه على أسوءِ المحامِل.. حينما تخلت الأمة عن الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.. دبَّت إليها أدواء.. ونخرَت جسدها عِللٌ وأمراض.. وأُصيبتْ أخلاقها.. وإذا الأخلاق ضاعت فلا أمان ولا صلاح.. وصدق شوقي يوم قال:
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه***فَقوِّمِ النفسَ بالأخلاقِ تَستقم
أحبابي: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ليس مجردَ كلماتٍ تُساقُ في حفلِ تكريم.. أو وقوفا على الأقدام عند ذكر اسمه الشريف في سياق نشيد..
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم منهاجُ حياة.. سبيلُ نجاة… طريقٌ موصلةٌ إلى الله إن هي سُلِكتْ بعلم وفهم وسُنَّة.. لا بشطحات من به جِنَّة.. إننا نسيء إلى الجناب الشريف عندما نحصرُ علاقتنا به في ليلةٍ فقط.. مع العلم أنه صلى الله عليه وسلم حياة.. نحيا معه وبه.. في أيامنا وليالينا..
ما أجمل الاحتفال.. إذا كان باعثا على إصلاح الحال.. وترك الخلاف والجدال.. وتكوينِ الشخصية التي لا تلين لها قناة أو نِصال.. والتخلي عن الاسفاف والاخلال.. والارتجال والاختلال.. فلا خروجَ لنا من هذه الفلاة التي تُهْنَا فيها إلا بِرسول الله صلى الله عليه وسلم وسنَّته وشِرعته.. أو لم يَكفِنا قول ربنا: (وإن تطيعوه تهتدوا) ومِن لطيف الموافقات أن هذه الآية جاءت في سورة النور.. وطاعتُه صلى الله عليه وسلم نور.. وخِلاف النور ظُلمة.. ولذلكم جاء في آخر السورة نفسها قول ربنا محذرا: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة) والفتنة ظُلمة..

وهل هناك فتنة أشد من الخوض في الأعراض.. واتهام الناس بالباطل.. ونشر الأباطيل.. والتخلي عن الأدب في الخطاب.. وارتداء لباس سوء الظن بالكل… فَعوْدًا أيها الأحباب إلى رِحاب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فقد ضجَّت دُنيانا بالظُّلم والظلمَة.. وفي استطاعتنا أن نلِج عالم النور إن نحنُ أخلصنا وتطهرنا وصدقت نيتنا وهمَّتُنا.. قال تعالى: (قد جاءكم من الله نور) وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. فَهلمَّ إلى الرياض.. رياض السكينة وصفاء الحال.. وكفانا من قيل وقال.. وعلى الله التُّكلان.. وهو حسبنا والمستعان…
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري.

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M