العشوائية تحكم التعليم العتيق.. حين تُهدر “تعليمات الوزير” في دهاليز المندوبيات‎ (وثيقة)

23 أكتوبر 2025 17:52

العشوائية تحكم التعليم العتيق حين تُهدر تعليمات الوزير في دهاليز المندوبيات

هوية بريس – هشام حزيقة

تفاعل السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية مشكورا مع حالة الغضب والامتعاض التي عمّت أوساط العاملين في مؤسسات التعليم العتيق، بعد سلسلة التأخيرات المتكررة في صرف أجورهم، فأصدر كتابا عاما يأمر فيه بتسريع وتيرة أداء مكافآت العاملين، وعمّم تعليماته على جميع المندوبيات الجهوية للمملكة.

لكن الواقع، كما يظهر في بعض الجهات، يؤكد أن القرارات في الوزارة لا تجد دائمًا طريقها إلى التنفيذ.

ففي الدار البيضاء سطات على وجه الخصوص، ما زال الوضع على حاله؛ إذ لم تُصرف مكافآت شهري غشت لمؤسستي الجديدة وسيدي بنور إلا في بحر هذا الشهر، رغم أن تعليمات الوزارة تنص بوضوح على ضرورة صرفها قبل الخامس من كل شهر. ونحن اليوم على أبواب شهر نونبر، ولا أثر لهذه المكافآت بعد.

وهنا يتبادر السؤال إلى الأذهان:

هل الموظفون المكلفون بالشق المالي في المندوبية الجهوية فوق المساءلة؟

وهل الوزير فعلا صاحب القرار، أم أن هناك من يملك سلطة موازية داخل الجهاز الإداري، تجعله يضرب تعليمات الوزير عرض الحائط دون حرج ولا خوف من المحاسبة؟

المؤسف أن ما نراه اليوم يُشير إلى أن العشوائية هي التي تحكم وتقرر، وأن الانضباط الإداري لم يعد سوى شعار يُرفع في الخطب الرسمية. لقد شاخت الوزارة حتى صار صغارها يتحاذقون على وزيرها، غير آبهين بمكانته ولا بتعليماته.

ومع أن مديرية التعليم العتيق مطالبة بالسهر على حسن تنفيذ قرارات الوزارة، إلا أن أداءها يكشف عن انفصال تام عن الميدان. فبدل أن تبادر إلى معالجة هذا العبث، وتخفف الحرج عن السيد الوزير، أبدعت “عبقريتها الإدارية” في خطوة غريبة تمثلت في تعيين مفتشين إداريين لتفتيش مؤسسات أصحابها يعملون بنظام السخرة، ولم يتوصلوا إلى اليوم بمكافآتهم الهزيلة أصلا.

والأغرب أن الهدف من هذه الزيارات لم يكن الإصلاح أو الإنصاف، بل إسكات الأصوات المحتجة التي عبرت عن امتعاضها بطريقة سلمية ومشروعة، فصار من يحتج على الظلم موضوعا للتفتيش بدل أن يُنصف.

إن ما يجري في التعليم العتيق اليوم لا يُسيء فقط إلى العاملين فيه، بل يُضعف صورة وزارة الأوقاف نفسها، ويُظهرها كجهازٍ تائه بين القرارات المركزية واللامبالاة الجهوية. فالمكافآت التي لا تحتاج إلا إلى “ضغطة زر” لصرفها، أصبحت رهينة مزاج إداري غامض لا يخضع لأي منطق أو مساءلة.

لقد آن الأوان أن تتحرك الوزارة بجدية لوضع حد لهذا التسيب، وأن تُعيد الاعتبار للعاملين في التعليم العتيق الذين يواصلون أداء رسالتهم بتفانٍ رغم الإهمال، لأن السكوت عن العبث هو مشاركة فيه، ولأن احترام تعليمات الوزير هو أول دليل على احترام الدولة نفسها.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
8°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة