المعتصم: تحقيق الأمن الغذائي يتطلب التركيز على زراعة ما يأكله المغاربة

05 مارس 2023 20:46

هوية بريس – محمد زاوي

كيف تفسرون الموجة الأخيرة لارتفاع الأسعار؟

النظام العالمي النيوليبرالي نظام تتحكم في دواليب اقتصاده أوليغارشيا دولية ومحلية جشعة وفاسدة هذه الأوليغارشيا أقلية مترفة تسعى إلى تحقيق أرباح هائلة على حساب الأغلبية ساحقة تحيا شظف العيش. هؤلاء الجشعين استغلوا ظروف جائحة الكوفيد ومن بعد ذلك الحرب الدائرة في أوكرانيا ليوجدوا حالة من الندرة والخصاص في جل المواد بحكم أنهم يتحكمون في الإنتاج وفي التوزيع. ومتى حدث الخصاص ترتفع الأثمان خصوصا إذا كان هناك طلب متزايد.

النيوليبراليون هم بالمناسبة أيضا نيو-مالتيسيون néo-malthusiens أي يعتقدون أن الثروات الطبيعية محدودة لا تناسب الانفجار الديمقراطي الذي تعرفه الأرض والذي قد يشكل خطرا على ترفهم وبذخهم لهذا أصبح همهم خفض معدل الخصوبة بشتى الوسائل منها تشجيع المثلية أو اغراق المجتمعات في الفقر عبر رفع الأسعار مما يجعل الحياة صعبة ويحد من تكوين الأسر.

 

هل لارتفاع الأسعار علاقة بالسياسات الفلاحية المتبعة في السنوات الأخيرة؟

إذا كنت تعني ارتفاع أسعار المواد الفلاحية، نعم، فالسياسات الفلاحية التي انتهجها المغرب منذ أن بدأ في تنفيذ المشروع التنموي الفاشل، منذ أكثر من عقد ونصف، في ما اصطلح عليه بالمخطط الأخضر لم تتغيا أبدا تحقيق الأمن الغذائي للمغرب.

إذ بناء على وصفات مسمومة للبنك الدولي توافقت مع هوى الأوليغارشيا المستثمرة في المجال الفلاحي اتجه المغرب نحو الزراعة التسويقية التي تنتج الخضر والفواكه بهدف التسويق بالدرجة الأولى وصرنا نزرع ما لا نأكل ونأكل ما لا نزرع. هذه الزراعات بذرت المياه وهددت بالتالي أمننا المائي وأضعفت خصوبة الأرض.

وحينما أتيحت الفرصة نتيجة الارتفاع الطلب العالمي على المنتوجات الفلاحية بسبب الظروف المناخية والحرب في أوكرانيا اتجه المستثمرون الجشعون في المجال الفلاحي ببلادنا إلى الرفع من وثيرة التصدير غير عابئين بحاجيات السوق الداخلية مما أوجد حالة من الخصاص فاتجهت الأسعار نحو الارتفاع.

 

هناك من يرجع ارتفاع الأسعار إلى الاحتكار والمضاربة، ما رأيكم؟

الاحتكار والمضاربة وخلق الندرة والخصاص عناوين رئيسية للاقتصاد النيوليبرالي المفترس بالتأكيد. وهي ممارسات لا تتردد الأوليغارشيا المحلية في استعمالها بفجاجة غير عابئة بالمواطنين من الطبقة الوسطى والفقيرة.

 

ما الذي على الحكومة فعله لتجاوز هذه المرحلة؟

كلما اشتكى المواطنون من غلاء أسعار المواد الاستهلاكية تلجأ الحكومة إلى تشكيل لجن لمراقبة الأسعار والضرب على يد بعض المحتكرين والمضاربين الصغار. هذه الاجراءات مطلوبة لكن لا يجب أن تكون مناسباتية بل مستمرة في الزمان.

لكن، في تقديري المسألة أكبر من هذين الإجرائين، الأمر يتطلب القيام بمراجعة السياسات الفلاحية والمائية في بلادنا. فتحقيق الأمن الغذائي ليس مطلبا طوباويا ولا شعارا ديماغوجيا، إنه مطلب حيوي أبانت السنوات العجاف مناخيا والأزمات الدولية والحروب عن أولويته وضرورته لاستقرار البلاد وأمنها.

تحقيق الأمن الغذائي يتطلب التركيز على زراعة ما يأكله المغاربة أولا وثانيا وثالثا وبعد سد حاجيات السوق المحلية يمكن التفكير في انتاج الزراعات التسويقية شرط أن لا تكون هذه الزراعات تستهلك الكثير من المياه باعتبار الوضع المائي الهش الذي تعرفه بلادنا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*المصطفى المعتصم: باحث ومحلل سياسي.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M