الهدم والبناء بين علماء الدين والمشككين فيه

03 أغسطس 2023 19:08
مسجد السنة الرباط

هوية بريس – عمر زيادي (فاس)

إن الهدم اسهل بكثير من البناء..فما قد تبنيه في سنوات او عقود ،قد تسقطه و تدمره في ثواني فقط. و لو وضعنا في مكان واحد شخصين احدهما يبني و الاخر يدمر، فسينتصر الذي يفسد و يدمر .و الافكار مثل البناء. فكم من السهل ان تطل على الناس من قناتك في اليوتيوب و تشكك و تكذب و تنفي و تستهزئ و تبتسم بخبث و احتقار، كم من السهل مثلا ان نخاطب الناس : “انا لا اؤمن بكون الارض دائرية بل هي مسطحة ” او ان تقول ببساطة : ”  لم بصعد اي انسان الى القمر ،انهم يكذبون عليكم و هذه خزعبلات ، حکموا عقولكم. كفى من الاستعباد الفكري و التضليل”

فالامر لن يستغرق منك اكثر من بضع دقائق لتشكك في اشياء احتاجت لمجلدات و كتب و ابحاث دامت سنوات و قرون. و حتى الرد عل مثل هذا الشخص و محاولة دحض اكاذيبه سيصطدم بالفشل – او على الاقل صعوبات- لعدة اسباب منها على الخصوص أنه هو يدمر و انت ستحاول البناء. و ايضا ردك سيكون في مصلحته لا محالة لانك اعطيته فرصة للتحدي وسط حقل من الالغام وضعها هو و كان ينتظر تورطك فيها كأنه يقول لك واثقا من النصر  و مستهزءا: ” هيا ابن (من البناء) ما دمرت انا ان استطعت.

فالرسول صلى الله عليه و سلم ظل 25 سنة في الدعوة الى الله حتى استتب الدين و اكتمل و جاءت الردة بعد وفاته ثم ثبت الدين في عهد الخلفاء الراشدين و تمت الفتوحات و انتشر الاسلام و معه العلوم بمختلف اصنافها و تشعباتها. و كانت بلاد الاسلام منبع الانوار و مقصد كل الاجناس و قدوة لهم ( كما هي الدول الفربية الان) فساهمت الامة الاسلامية في تقدم الانسانية و بلورة افكار جديدة في البحث و الاستكشاف استمرارا و استكمالا لما بدأته و لما كانت عليه الحضارات السابقة.

لقد دخل في الاسلام على مر التاريخ عرب و امازيغ ، علماء و فلاسفة، رياضيون و فزيائيون ، أدباء و شعراء ، اوربيون و افارقة، هنود و مجوس، امريكيون و اتراك ، افريقيون و يونانيون،  وثنيون و كتابيون، زنادقة و ملحدون، متكبر ون و متواضعون، اطفال و شيوخ و نساء ،

و كان منهم المتفوقون و الاذكياء  و النوابغ …ولكن كلهم أحبوا محمدا صلى الله عليه و سلم و أحبوا افعاله و اقواله و نصائحه ، لأنه هو من عرفهم بالله و قرأ عليهم قرٱنه و يسر لهم فهمه و تفسيره في سلوكاته و حياته كل يوم. فكان قدوة و مثالا يتبع بلا مزايدات ولا تكبر و لا انتقاء ، بل احبوا كل صغيرة و كبيرة في سلوكاته و تبنوا كامل افكاره و فلسفته صلى الله عليه و سلم.

فما معنى أن تؤمن بالقرٱن و تنكر كلام النبي و تصرفاته و حياته (سنته) ؟ كيف كنت ستعرف القرآن و الدين اصلا من دون رسول الله ؟؟ إنه الجهل و الكفر بعينه. لابد ان نفهم ان هؤلاء الذين يطلون علينا كل يوم من خلال اليوتيوب ينتقدون الاحاديث النبوية و يزعمون تشبثهم بالقرٱن الكريم  انما هم في الحقيقة يكفرون بالقرٱن ذاته. و مما لا شك فيه ان الرد عليهم بالشكل الذي نراه الان ، يزيدهم شهرة و نشوة و غرورا. و قد يكون من الاجدر الرد عليهم  بالتجاهل أو  عدم ذكر اسمائهم و لا بث مقتطفات من منشوراتهم عند الرد عليهم ، والرد يكون بطريقة غير مباشرة ، يكون بالتذكير بقوة الاسلام و الحضارة الاسلامية و تنويع العرض التربوي في الدين الاسلامي كما يفعل السيد العمري ياسين  و اخرون حفظهم الله، و يكون بالتخدث بلغة الشباب التي يفهمونها و التي تقرب منهم بسهولة.

فليست اول مرة يرتد فيها اشخاص ما عن فطرتهم السليمة و لا اول مرة يخرج أناس من العدم ليتربعوا الساحة و الشهرة لمجرد فقط انهم تحدثوا في الدين و ابتعدوا عن اختصاصاتهم. و هذا لا يزيد الدين الا صلابة و قوة و لا يزيدنا الا ثقة و تشبثا برسولنا الكريم و باقواله و افعاله لانه صلى الله عليه و سلم قد تنبأ بهؤلاء و بشر بهذا الزمان.

 

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M