الودغيري يرد على العثماني.. ما قلته مجانب للصواب

21 نوفمبر 2022 15:25

هوية بريس- متابعة

قال الأكاديمي المغربي الباحث في اللسانيات، عبد العلي الودغيري، إنه “من المغالطات التي جاءت على لسان الدكتور سعد الدين العثماني رئيس الحكومة السابق في الحلقة الثالثة من الحوار الذي أجرته معه قناة(العربي) برنامج (رواية أخرى) وبثّ خلال الأيام الماضية، ما صرَّح به مدافعًا عن القانون الإطار للتعليم المثير للجدل، فقال: «لأول مرة ينص القانون على ضرورة تدريس مواد في التعليم الجامعي باللغة العربية»، معتبرًا ذلك من الإنجازات الكبرى غير المسبوقة التي جاء بها هذا القانون لفائدة اللغة العربية”.

ورد الودغيري، على حسابه ب”فيسبوك”، بقوله إن “ما قاله الدكتور العثماني مجانب للصواب، لسببين على الأٌقل: الأول: أن استعمال العربية في التدريس الجامعي موجود بالفعل منذ فتح أول جامعة عصرية بالمغرب (جامعة محمد الخامس)، ولم يكن موضوعًا للنقاش أو الجدال لأنه أمر مفروغ منه. فالعربية تدرَّس بها، منذ عقود طويلة، كثير من التخصّصات وخاصة العلوم الدينية بمختلف تخصصاتها، والأدبية والإنسانية (فلسفة، تاريخ، جغرافيا، علم اجتماع، علوم التربية، علم النفس، المواد القانونية…الخ)، بل لقد تم استعمالها في تدريس المواد العلمية من كيمياء وفيزياء وبيولوجيا ورياضيات وغيرها بالمدرسة العليا للأساتذة، خلال حقبة قصيرة، واستمرت التجربة إلى سنة 1973 ثم أوقفت. وأعرف شخصيا عددًا من المتخرجين من هذا السلك المعرّب الذين استطاعوا بعد ذلك متابعة دراساتهم العليا بالفرنسية وغيرها من اللغات بالمغرب وخارجه. كما وقع تعريب المعهد العالي للإحصاء بالرباط على عهد مديره السابق المرحوم مصطفى بن يخلف، ثم سرعان ما تراجعوا عن هذه الخطة بعد استبداله بمدير آخر، وكان الأستاذ بنيخلف قد وضع عدة مؤلفات بالعربية في تخصصه منها معجم مصطلحات الإحصاء والاحتمالات، وهو الرجل الذي دخل مجال تعريب العلوم الدقيقة من نقطة الصفر بحكم الدراسة التي تلقاها كلها بالفرنسية والإنجليزية”.

وزاد: “موضوع النقاش اليوم يتركَّز أساسًا حول المطلب الحيوي الذي تنادي به النخبة الوطنية الواعية من أجل تحقيق الاستقلال اللغوي والثقافي، وهو استعمال العربية في تدريس المواد العلمية والتقنية في الابتدائي والثانوي وكليات الطب والصيدلة والعلوم والمدارس العليا للهندسة والتدبير والتسيير والاقتصاد والتجارة والفلاحة على اختلاف تخصصاتها، وليس استعمال العربية في تدريس التخصصات والتكوينات الأدبية والدينية والقانونية والإنسانية والاجتماعية وغير ذلك مما هو موجود بالفعل وتتم ممارسته بالعربية منذ أكثر من ستين عاماً”.

وتابع: “فالقانون لم يحدد ذلك بتاتًا واختار عبارات التفافية فضفاضة عن قصد وعمد. فالمادة الوحيدة التي تتحدث عن ذلك، وهي المادة 32 ، تتضمن فقرتين صيغتا على النحو الآتي:
1 ـ نص الفقرة الأولى: « تنويع الخيارات اللغوية في المسالك والتخصصات والتكوينات والبحث على صعيد التعليم العالي، وفتح مسارات لمتابعة الدراسة باللغة العربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية»,
2 ـ نص الفقرة الثانية: « إدراج وحدة دراسية تلقن باللغة العربية في المسالك المدرَّسة باللغات الأجنبية في التعليم العالي»”.

وأردف ذات المتحدث قائلا: “ومن طريقة صياغة الفقرتين الذكية والمراوغة، يتبين بكل وضوح أن القانون الإطار تجنّب الحديث بصراحة ودقة عن استعمال العربية في تدريس المواد العلمية والتقنية بالذات، ودخل في التعميم واقتصر على الحديث عن استعمال العربية في تدريس بعض الوحدات والمواد الدراسية، التي قد يكون المقصود بها المواد الأدبية والقانونية والدينية ونحوها من العلوم الإنسانية والاجتماعية، وغير ذلك، وليس المواد العلمية على وجه الحصر والتحديد، وهي موضوع النقاش”.

وبخصوص السبب الثاني، يقول الودغيري إنه “أمر غريب حقا، أن القانون الإطار ليس أول نص يتحدث عن استعمال العربية في تدريس بعض المواد والتخصصات بالتعليم الجامعي، كما قال الدكتور مفتخِرًا ومعتزَاً، بل لقد سبق إلى ذلك الميثاق الوطني للتربية والتكوين الصادر في أكتوبر 1999م، الذي نص بالحرف في الدعامة التاسعة منه ( المادة 114) على ما يلي: « يتم تدريجيا خلال العشرية الوطنية للتربية والتكوين فتح شعب اختيارية للتعليم العلمي والتقني والبيداغوجي على مستوى الجامعات باللغة العربية، موازاة مع توافر المرجعيات البيداغوجية الجيدة والمكوّنين الكفاة»”.

وأوضح: “وبهذا نرى بوضوح تام أن ما جاء به الميثاق الوطني كان أكثر تقدما وتطورًا وأكثر دقة وصراحة ووضوحًا من القانون الإطار في هذه النقطة التي نتحدث عنها، وهي استعمال العربية في تدريس المواد العلمية بالجامعات. ولاسيما أن هذا الميثاق جاء في الوقت نفسه بمادة أخرى (المادة 113) تحدث فيها عن إحداث أكاديمية محمد السادس للغة العربية خلال السنة الجامعية 2000 ــ 2001، من أجل العمل على مواكبة استعمال العربية في التعليم العلمي والتقني بكافة أسلاك التعليم وإعداد المصطلحات والإشراف والتخطيط لذلك وتنفيذه. فجاء القانون الإطار وحذف الإشارة إلى هذه الأكاديمية نهائيا وكأن لم يكن لها وجود في تاريخ التشريع التعليمي بالمغرب، مع أن قانونًا خاصّا قد صدر في الجريدة الرسمية منذ سنة 2003 يقضي بإحداث هذه المؤسسة التي يعتبر مجردُ إقبارها والسكوت عنها لحد اليوم دليلاً على ما يخطَّط في الخفاء من تدابير مقصودة ومتعمَّدة ضد وجود العربية في هذه البلاد”.

وتساءل الودغيري: “فلماذا يقول السيد العثماني إن القانون الإطار كان سبَّاقا للحديث عن استعمال العربية في التعليم العالي وفي تدريس العلوم بالذات، وقد ردَّد مثل هذا الكلام أشخاص آخرون في حوارات وتصريحات سابقة، رددنا عليها في حينها؟”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M