بيعة الشناقطة لسلاطين المغرب في المراسلات السلطانية

09 أكتوبر 2022 07:16

هوية بريس – محمد الأمين ولد آقه

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.

هناك الكثير ممن يشككون في بيعة أهل شنقيط قديما لسلاطين المغرب، وحجتهم الوحيدة في ذلك أن هذه البلاد لم يكن يدعى فيها لسلاطين المغرب في خطب الجمعة ..

وهذا الاحتجاج ظاهر الضعف،لأن الدعاء على المنبر قد يكون دليلا على وجود البيعة،لكنه ليس شرطا لصحتها،فلا تنعدم البيعة بانعدامه..

ومبايعة سلاطين المغرب في مناطق وراء شنقيط مثل تمبكتو وما جاورها، دليل على حتمية مبايعة أهل شنقيط لهم .

يذكر أن هذه هي أقوى الحجج التي كان يقولها الرئيس الأول لموريتانيا المختار ولد داده في معارضته لانضمام موريتانيا للمغرب..

فهل كان أول رئيس لموريتانيا يجهل تاريخ بلده السياسي..أم كان يتجاهله عمدا؟

ومع الضعف الظاهر في هذه الحجة فقد وجد في أرشيف مراسلات سلاطين المغرب ما يدل على وجود هذه البيعة والإقرار بالتبعية، وهذا بيان لبعض تلك الرسائل،وقد جعلت خطا تحت الفقرات الهامة في كل رسالة :

 أولا : رسالة القائد محمد بن احمد بن الكوري

توصل السلطان ملاي الحسن الاول برسالة من القائد محمد بن احمد بن الكوري في 12صفر عام 1303 الموافق ليوم الجمعة 20 موفمبر 1885.

يخبر فيها عن ولاء الشناقطة للسلطان وترحيبهم بزيارته للبلاد .

ورد في الرسالة :

(وليكن في كريم علم سيدنا أيضا ان جميع قبائل الصحراء وأعيانهم

كابن أحمد عيده وقبائلهم وابن سويدحمد وقبائلهم وكمثل أهل الزوايا

آل الشيخ المختار وآل الشيخ سيدي وأهل الحاج المختار واهل بارك الله

وأهل اتفغ  الخطاط وتندغ جميعا وجميع لبراكنه وغيرهم من قبائل

 الصحراء قد فرحوا بقدوم سيدنا لهذه البلاد؛ والحاصل انهم يحبون سيدنا نصره الله وايده ؛ وينصرون كلمته) الشيخ ماء العينين فكر وجهاد،ص: 76.

 ثانيا : رسالة صادرة عن السلطان المولى الحسن الاول

وفي هذه الرسالة يصرح السلطان بأن عماله في هذه المنطقة يمتد نفوذهم إلى نهر السنغال،وهو ما يعني خضوع بلاد شنقيط لحكمه.

نص الرسالة:

(نأمر من يقف عليه من عمالنا الى نهر السنغال يستوصي خيرا بماسكيه الطالب عبد الله بن العبد بن الحرطاني واخوانه؛ ويوقرهم ويحترمهم ويكف اليد العادية عنهم؛ ويأخذ بايديهم فيما يعرض لهم؛ في أمور تجارتهم رعيا لانحياشهم للدين والصلاح وسلوك سبل النجاح والله ولي التوفيق والهادي الى سواء الطريق والسلام

صدر بأمرنا المعتز بالله في الثاني من شعبان المبارك لعام عان ثلاث وثلاثمائة وألف.) مظاهر يقظة المغرب الحديث(ج1/ص: 37)

ثالثا: رسالة أهل شنقيط إلى السلطان العزيز يطلبون منه العون في مقاومة الاحتلال الفرنسي:

وفي هذه الرسالة يصرحون بأن جميع الشناقطة كانوا مبايعين للحكم العلوي خلفا عن سلف.

ويذكرون بأن الأمير سيدحمد ولد عيده تابع لسلطان المغرب

ونائب عنه على آدرار..

ويطلبون من السلطان تعيين نائب على البلاد كلها.

نص الرسالة :

الحمد لله الذي رفع ظلم أهل الظلم والطغيان، بعدل أهل العدل والإحسان، والصلاة والسلام على خير الأمم، سيد العرب والعجم.

وبعد فإلى ظل الله في الأرض، طولها والعرض، كهف المسلمين، وملاذ المؤمنين، وعماد الدين، وخليفة سيد المرسلين، ومحط رحال الخائفين،

 وغوث الراهبين، وغيث الراغبين، ومراعي مصالح المسلمين أجمعين، أمير المؤمنين: مولانا عبد العزيز بن مولاي الحسن، أيدك الله ونصرك وأعزك:

السلام الأسنى، والتحيات المباركات الحسنى، ممن هم في بيعتكم سلفا عن خلف أجمعون: قبائل الشناجطة المتبوءون بلادا لم يكن  للنصارى سبيل

عليها من قبل، وهذه البلاد فيها كثير من أهل الإيمان الحقيقيين.

فمنها آدرار بلد واسع، قيم أمره خديمك سيدي أحمد بن عيد الذي عنده طابعك، وهو في كثير من الرجال الأبطال أهل الحرب.

ومنها بلاد تكانت، وقيم أمرها عثمان بن بكار بن سويد أحمد، ومعه من الرجال أهل النضال ما لا يحصى كثرة.

ومنها الحوض، وفيه من قبائل الإسلام ولله الحمد ما لا تسع الأوراق إحصاءه، من أوفر ما فيه قبيلة يقال لها مشظوف، وقيم أمرها إسمه محمد المختار بن محمد محمود بن لمحيميد، وفيه قبيلة وافرة أيضا يقال لها أهل سيدي محمود، وقيم أمرها سيدي المختار بن محمد محمود بن عبد الله بن سيدي محمود، وفيه قبيلة وافرة أيضا يقال لها الأغلال. ومنها بلاد يقال لها القبلة، فيها قبيلة وافرة أيضا يقل لها الترارز، وقيم أمرها ابن محمد الحبيب بن بكار.

وهذا الذي سمى من القبائل إنما هو بعض ممن يحمل المكاحل من أهل تلك البلاد، وأما قبائل يقال لها الزوايا وما لم يذكر من أهل المكاحل: فالجميع لا يحصى كثرة، ولله الحمد، والله يؤكد بكم الإسلام.

وأهل هذه البلاد قرب النصارى من دخول أراضيهم، بل أخذوا القليل

 منها وبنوا فيه بناءات متفرقة عددها ثمانية مواضع: أحدها مال، وميت، وأنبود، وأخروف، الخامس سهوت الماء السادس أنواكشوط،

 السابع بتلميت، الثامن نودق، وأذلوا أهل هذه المواضع ذلا يختارون عنه خراب المرابع، والكثير من هذه البلاد سالم من البناء، وسلامته في آخر رمق وذماء. والآن استغاثوا بك واستنصروك، واستنجدوك واستعدوك. والأهم عندهم مسألتان: العدة الوروارية، وواحد منكم يكون هو النائب عنكم. ليدفعوا به هؤلاء النصارى عن أراضيهم، وليس عندهم من الحيلة في دفعهم إلا هذا المثل: (نبه لها عمرا ثم نم) والسلام.(انظر: الجأش الربيط،ص: 20)

رابعا: رسائل الشيخ ماء العينين

وهي رسائل أرسلها الشيخ ماء العينين الي السلطة في

 المغرب يبين

فيها حال بلاد أهل شنقيط وما تحتاجه من دعم .

وهذه الرسائل أوردها صاحب “الجأش الربيط”.

الرسالة الأولى:

رسالة الشيخ ماء العينين إلى السلطان العزيز

 يشعره باستعداد فرنسا  لغزو أدرار..

وفي هذه الرسالة يقول بأن أهل شنقيط يقرون بأن بلادهم تابعة لحكم العلويين.

نص الرسالة:

الحمد لله، وصلى الله على سيدنا محمد وآله،

أمير المؤمنين، ظل الله على الأرضين، خليفة جده سيد المرسلين: مولانا عبد العزيز، نصركم الله وأعزكم، وسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، مادام الكون وحركاته وسكناته.

ثم ليكن في كريم علمكم أن نصارى أندر بلغنا عنهم بخبر التواتر أنهم مشتغلون في النهوض لأدرار، فلتنظروا حفظكم الله فيما يصلح للمسلمين. لأنهم لعنهم الله مشتغلون في ذلك بشراء الجمال والقرب وغيرهما مما يصلح لأسفار الصحاري، حفظكم الله وأيدكم في كل أمر جاري.

والكثير من الناس لا يقول إلا: هذه البلاد لمولاي الحسن رحمه الله، وابنه مولاي عبد العزيز نصره الله، وما أرسل لنا بعد مولاي عبد العزيز نفعله، وما لا فلا.

والله المرجو لنصركم بالتمام، وعلى المحبة والسلام. في 1 من المحرم عام .1318

عبيد ربه ماء العينين بن شيخه الشيخ محمد فاضل بن مامين، غفر الله لهم وللمسلمين، آمين.

الرسالة الثانية:

رسالة الشيخ ماء العينين إلى الوزير أحماد يخبره بشروع فرنسا في التحضيرلغزو آدرار.

وفيها تصريح بأن أهل شنقيط مبايعون للسلطان ملاي الحسن.

نص الرسالة:

الحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ابننا الأبر، قرة عيننا ثمرة أفئدتنا الأشهر: الوزير أب أحمد، حفظك الله في كل بلد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مادام الكون وحركاته وسكناته.

وبعد: فليكن في كريم علمكم أنا طرأ علينا من الخبر ما لم يتبين لنا إلا وجوب إنهائه إليكم، وهو أن النصارى أهل أندر لعنهم الله: ثبت عندنا بالتواتر أنهم مشتغلون بشراء الجمال والقرب، ومريدون بذلك النهوض لأدرار، وبقى من في البلاد متحيرا فيما يدخل معهم، فالبعض يقول نحن في بيعة مولاي الحسن وابنه مولاي عبد العزيز، ولا نقدر على فعل شيء حتى يخلف لنا مولاي عبد العزيز، والبعض يقول: إن خرجوا إلينا وقدرنا على قتالهم قاتلناهم، وإلا فإنا نهاجر عنهم.

والآن اعلموا أنه ليس لأهل هذه البلاد في الحقيقة من الرأي والتدبير إلا ما صدر من جانبكم في الأمر، وليسرع بما هو مفعول قبل خروج النصارى إلى البلاد، فإن اقتضى النظر المولوي أن ترسلوا للنصارى من هنالك

في المراسي أن البلاد بلادكم، ومن فيها في بيعتكم، ويكون ذلك كفا لهم عن البلاد ومن فيها: فبها ونعمت، وإن اقتضى النظر أن يرسل لمن هنا من أهل الشوكة والسلاح أنهم يتعرضون لهم ويقاتلونهم: فبها ونعمت أيضا، وإن اقتضى النظر غير ذلك فنظركم أوسع.

وأعلم أن النصارى كثيرا ما تأتيني رسلهم طلبا للعهد معي، وأنا أمتنع لهم من ذلك أي امتناع، إلا إذا كان ذلك على يد السلطان نصره الله تعالى، وأقول لهم: إن الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}، ونحن أولو أمرنا أمير المؤمنين نصره الله تعالى، فلا يكون بيننا معكم كلام إلا بواسطته.

والآن ما هو النظر عندكم، أحب أن أكون عارفا به لأقوله لهم إن أرسلوا لي، وإلا فلا كلام بيني معهم إلا بشيء صادر لي من جهتكم.

حفظكم الله وأيدكم، ورزقنا وإياكم التوفيق لما يحبه بالتمام، وعلى المحبة والسلام، في سابع المحرم عام .1318

ماء العينين بن شيخه محمد فاضل بن مامين، غفر الله لهم وللمسلمين آمين. 

الرسالة الثالثة:

رسالة الشيخ ماء العينين إلى السلطان العزيز، يطلعه فيها على أحوال أهل شنقيط ويرفع إليه مطالبهم من أجل مقاومة المحتل، ويحثه على تولية قائد عليهم ينوب عنه..

وفيها تصريح بأن الشناقطة بايعوا السلطان ملاي اسماعيل،وجددوا البيعة للسلطان ملاي إلحسن،وأن أمير آدرار لديه توقيع من السلطان ملاي الحسن، والسلطان العزيز.

نص الرسالة:

الحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حمدا لمن جعل للمؤمنين مأوى يأوون إليه، هو من سلالة نبيه المختار ممن لديه.

وبعد: فإلى ظل الله في البلاد، ومن هو للمسلمين الذين يستندون

إليه من أقوى عماد، أيده الله ونصره وأعزه في جميع العباد، ذلك

 الأمير الذي نحن قائلون عليه: الحمد لله بلا تعداد، هذا وإنه سلام الله ورحمته وبركاته، مادام الكون وحركاته وسكناته، إلى أمير المؤمنين مولانا عبد العزيز.

وبعد: فمن موجبه أنا منذ زمن يبلغنا شيء من الخبر عن هذه النواحي الموالية لنا، ونتحير هل ننهيه لعلمكم الشريف أم لا؟ إن تذكرنا ما في براوة عندنا لمن نرجو في الله تنوير ضريحه، والدكم مولانا الحسن: أنا لا يبلغنا شيء من الخبر إلا وأنهيناه للعلم الشريف: قلنا ننهيه، وإن نظرنا في عدم التحقيق سكتنا، حتى أتانا من الخبر ماهو مكتوب لكم، وستجدونه إن شاء الله مع هذا، وجاءنا معه من التحقيق، ما لا ينبغي معه إلا التصديق، فلذلك أنهيناه لكم.

ولما فتشنا عن حقيقة الأمر: إذا حاصله أن هذه البلاد التي هي بلاد الشناجطة فيها من المسلمين الحاملين للسلاح وغيرهم ما لا يحصيه إلا الله، فتبارك الله أحسن الخالقين، وقد قال لي مولاي عبد الرحمان جدكم نور الله ضريحه: إنا متوسمون أن الإيمان الحقيقي اليوم ليس إلا في تلك البلاد.

ولم يكن لهم فيما مضى من الزمن خبر بالنصارى، ولا أنهم يريدون بلدا بالملك، بل إنما يظنونهم تجارا يبيعون اللباس، ويريدون المعاملة مع الناس، ولم يعلموا بشيء إلا وإذا هم طالبون ملك البلاد، والاستيلاء على العباد، فأراد البعض منهم أن يتلقى لهم بالحرب، فإذا هو لم يتيسر له ذلك من جهتين: إحداهما: عدم وجود أمير تنقاد له القبائل كلا، والثانية: عدم السلاح الذي أتاهم به النصارى: وهو العدة المسماة بالوروار.

فلما نظروا في ذلك اجتمع رأيهم على أنهم لا حيلة لهم إلا رفع الأمر لكم، مع أنهم أولا قالوا لهم إنهم في بيعتكم منذ عهد مولاي إسماعيل، وإنهم جددوها لمولاي الحسن، فقال لهم النصارى: إن كان ذلك حقا فأرونا طابعا واحدا لهم عندكم، وإذ ذاك أظهر رئيس أدرار طابع مولاي الحسن نور الله ضريحه الذي عنده، مع طابعكم.

والحاصل أن النصارى أخذوا من بلاد المسلمين مواضع ثمانية،

وهي نزر ولله الحمد بالنسبة لغيرها، وأرسلوا لك بما ترون،

فإن اقتضى النظر الشريف أن يساعدوا بما أرادوا فإني لا أظنه إلا فضلا ساقه الله لكم، وأرجو الله أن يكون من أوائل إجابة دعائي: فإني أرجو الله أن يعطيكم ملكا لم يكن لغيركم.

والأمر سهل ولله الحمد إن أخذتم أحدا من خدمتكم سواء من قربائكم وسواء من غيركم يكون نائبا عنكم، وشيئا من العدة التي طلبوا.

والله المرجو أن ينيلكم من فضله ما لا تكيفه العقول، ولا تحصره النقول، وغير ذلك لا نرجوه، كما أنا لا نرجو أن يخيب رجاء من رجاءكم لنصر دينه، بل نرجوه أن ينصركم وينصر بكم، ويبلغ لكم ولمن رجاكم بالخير ما تحبونه بالتمام، وعلى المحبة والسلام.

في 13 رمضان عام .1322

والخلاصة : أن هذه الرسائل تدل دلالة صريحة على أن أهل شنقيط كانوا مبايعين لسلاطين المغرب.

والحمد لله رب العالمين

 

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M