تعقيب على تفريق فضيلة الشيخ صالح المغامسي بين موسيقى الأخبار وموسيقى الأغاني

30 مايو 2016 23:34

هوية بريس – متابعة

الإثنين 30 ماي 2016

“تعليقاً على ما ذكره الشيخ صالح المغامسي -وفقه الله وحفظه من كل سوء- في التفريق بين موسيقى الأخبار والسلام الملكي ونحوهما، وبين موسيقى الأغاني:

أولاً/ كان الشيخ منصفاً حين نسب القول إلى رأيه الشخصي، وأنه لم يظهر له القول بالتحريم في هذا النوع من موسيقى الأخبار والسلام الملكي ونحوها.

ومتى أبان الرجل عن منتهى علمه وما بلغه فقد ترك الباب مفتوحاً لغيره ممن ظهر له ما خفي عليه.

ثانياً/ العموم في “المعازف” المنهي عنها في حديث البخاري لا يساعد على التخصيص الذي قال به الشيخ، ولم يورد دليلاً صالحاً لتخصيصه هذا،

فالأصل بقاء العموم على عمومه ليشمل كل أنواع المعازف دون تفريق.

ثالثاً/ استند الشيخ على التخصيص بالعلة، وهي أن علة تحريم المعازف هي تحريك الموسيقى للغرائز وإثارتها للشهوة، فلما كانت هذه العلة معدومة في هذا النوع من الموسيقى رأى عدم تحريمها.

ومع أن التخصيص بالعلة محل خلاف بين الأصوليين، فإن ما أورده الشيخ إنما هو حكمة التحريم، وليس علته، والتعليل بالحكمة ضعيف لدى الأصوليين،

لأن الحكمة وصف غير منضبط، فلا يصلح تعليق الحكم بها، بمعنى أن إثارة الشهوة وتحريك الغرائز متفاوت لدى الناس، غير منضبط ولا مطرد، ومثل هذا لا يصلح تعليل الأحكام به،

كما يقال في علة قصر الصلاة للمسافر إنها: السفر، وأما المشقة فهي حكمة القصر لا علته، ولذلك لا يصلح التعليل بها، لأنها وصف غير منضبط.

فإذا ثبت أن الوصف الذي ذكره الشيخ حكمة الحكم وليست علته، فالتخصيص به -حتى على القول بجواز التخصيص بالعلة- غير متجه.

رابعاً/ لو سلمنا بتحريم الموسيقى المصاحبة للغناء الذي يحرك الشهوة ويثير الغرائز، فهذا يستلزم إباحة الموسيقى المفردة الهادئة والصاخبة، إذ هي وحدها لا يتحقق فيها ذلك الوصف،

وكذلك موسيقى أناشيد الأطفال، والبرامج التعليمية والوثائقية ونحوها، ووراءها باب لا منتهى له.

خامساً/ ثبت إنكار السلف على يسير من المعازف -كالضرب بعود من الخشب ونحوه- الذي كان يستعمله بعض المتصوفة مع الأوراد والأذكار،

وهذا قطعاً لا يثير شهوة ولا يحرك غريزة، بل هو مصاحب للذكر، ومع ذلك لم يروا جوازه، وأجروا العموم على عمومه.

سادساً/ المعازف لهو، على اختلاف أنواعها، يطرب لها السمع والقلب، وهذا متحقق في كل الموسيقى،

وهو مرض القلب الذي يصده عن الانتفاع بالقرآن والذكر،

ويسيره يجرّ كثيره، ومتى ألفته الأذن واعتاده القلب لم يستنكر صاحبه بعد ذلك سواها من المعازف المثيرة للشهوة، بل سيراها فناً يهذب النفوس ويرقى بالذوق والأحاسيس، ويلطف المشاعر والوجدان، كما صرح بذلك بعضهم، حتى وصف القائلين بالتحريم بوحشية القلوب وقسوتها وغلظة الطباع… الخ!

سابعاً/ يبقى للشيخ -سدده الله- مكانته وفضله ونفعه، وأثره المشهود له بين الناس بوعظهم وتذكيرهم بالله، وترقيق قلوبهم وتقريبهم من ربهم،

ولا يصح أبداً انتقاصه أو اتهامه.

كتب الله أجره وأجزل مثوبته.

والله تعالى أعلم.

د. حسن بن عبد الحميد بخاري – عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى”.

آخر اﻷخبار
2 تعليقان

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M