في اجتماع القمم العربية والإسلامية.. نقطة نظام لا بد منها!

16 نوفمبر 2023 13:14

هوية بريس- محمد زاوي

كلما اجتمعت قمة من القمم العربية أو الإسلامية، خاصة في أزمنة التوترات والأزمات، إلا وبرزت وجهة نظر تقول: “لا فائدة من اجتماع هذه القمم، وإنها لم تخرج بقرار أو موقف ذي تأثير فعلي في الميدان”.. يتكرر هذا الموقف دائما ليعبر عن فئتين: فئة شعبوية يعوزها التحليل السديد، وأخرى غايتها تسفيه الموقف العربي الرسمي لا غير.

فهل لا فائدة من هذه القمم أم أن أصحاب هذا الموقف يتكلمون في قضايا لا يتصورونها كما يجب؟ وهل من الهين الحديث في القضايا الدبلوماسية وشؤون العلاقات الدولية وهي أكثر تعقيدا مما نتصور؟ ألم يأت على المناضل العربي حين من الدهر يتصور فيه السياسة كما هي في “واقعها الملموس” لا كما هي في شعوره؟!

فلنعد إلى موضوع القمم العربية والإسلامية فنقول:

-أولا؛ يجب الانتباه إلى أهمية الشكل، فللشكل مضمون، وللاجتماع معنى وإن لم يخرج بنتيجة عملية.. يبقي الاجتماع على الهيكل التنظيمي قائما إلى حين، يبقي عليه وإن كان ضعيفا حتى يتغير ميزان القوى الدولي لمصلحته.. نفس الأمر يقال عن منظمة الأمم المتحدة، فسيطرة الأحادية القطبية عليها طيلة ثلاثة عقود لا تنفي الحاجة إلى حفظ مؤسساتها وبنائها التنظيمي إلى أجل، حيث ينعكس نظام دولي جديد في نظام مؤسسي قديم. إن اجتماع دول ترى أن لها عامل وحدة هو العروبة أو الإسلام، من أجل قضية جامعة هي قضية فلسطين؛ ليس هذا بغير معنى، بل يمثل “صمودا وسط إعصار” التفكيك والتجزئة والإجهاز على ما تبقى من الوطن العربي والأمة الإسلامية..

-من جهة ثانية؛ نتائج القمم من هذا النوع لا تقَيم بقراراتها فحسب، أي لا تقيم بالجيوش والميزانيات والقرارات الحاسمة التي توضع رهن إشارة قضية من القضايا العربية أو الإسلامية.. وإنما تعكس هذه القمم توجهات جيوسياسية في المنطقة، تعبر عنها خطابات قادة الدول المجتمعة.. فترسل إنذارات وتحذيرات وتحدد موقعها في أي تسوية ممكنة، حتى لا تتم تلك التسوية على حساب مصلحتها أو مصلحة “الحلف” الذي تنتمي إليها.. وإذا كان بعض المناضلين العرب لا يحملون هذه التصريحات والكلمات على محمل الجد، فإن الدول الكبرى قد خصصت لها أجهزة استخباراتها الخارجية لرصدها وتحليلها وتقدير الموقف بناء عليها.. الذين يهوّنون من شأن هذه القمم ربما يفهمون أكثر من الصين وأمريكا وروسيا!!

-ثالثا؛ يشارك المغرب في هذه القمم بكلمات ورسائل رسمية تعبر عن موقف رئيس الدولة.. الحديث عنها إذن، يتطلب نوعا من الحكمة السياسية، لأن سياسات الدول منزهة عن العبث مهما كان موقعها في ميزان القوى الدولي.. القضايا الخارجية بما هي مختبر الموقف السيادي لكل دولة، ليست موضوعا للنقاش اللامسؤول.. ولما كانت القمم الإقليمية والدولية من هذه القضايا، فهي تحتاج تحليلا لسياقها وحاضريها ومضمون كلماتهم وبيانها الختامي والظروف التي أملته.. أما التقييم بالرغبات الفردية فلا يفي بالغرض، وأما إخضاع مخرجات القمم للموقف الإيديولوجي فلا يحل مشاكل الوطن العربي..

نختم فنقول: إن التداعي على الموقف الرسمي العربي يعكس نوعا من الشعبوية في الخطاب، وهذه تعكس في عمقها اضطرابا أو زيفا في الوعي السياسي.. لا يقف الأمر عند هذا الحد، بل تشكل هذه الأعطاب النظرية والسياسية قابليات لاصطناع التناقضات بين الموقفين الرسمي والشعبي.. فوجب الحذر!

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M