متى يصف الفقيهُ العلمانيَ الحداثيَ بالجاهل؟ 

31 مارس 2018 13:20

هوية بريس – رشيد بنكيران

الجهل نوعان، بسيط ومركب، وكلا النوعين اجتمعا في العلماني الحداثي، ذلك:
أنه عندما يخوض العلماني الحداثي في مسألة فقهية كالإرث مثلا، ويريد أن يخطئ الفقهاء، بمفاهيم غير فقهية وقواعد غير شرعية، ويطلب من أهل العلم والفقه أن يتقبلوا نتائجه قسرا وإلا وصفهم بأقبح النعوت؛ رجعي، ماضوي… خارج التاريخ، فقهاء الأموات، وما شابه… فبماذا يمكن أن نصفه، وليس من الفقهاء وحدهم بل من عموم العقلاء!!؟
العاقل الذي يحترم نفسه وغيره لا يصدر منه هذا الحمق أو الغباء، فمن أراد تخطئة الفقهاء -وهم ليسوا معصومين طبعا- فعليه أن يبين لهم خطأهم -إن وجد- بالقواعد التي يتحاكمون إليها، وبالمنطق الذي أسسوا عليه علمهم وفهمهم إن كان موضوعيا ويحترم نفسه وغيره، خذ مثالا أو مثالين:
أبو حامد الغزالي رحمه الله (ت505هـ): حينما رد على الفلاسفة في كتابه تهافت الفلاسفة، لم يحاكم نتائجهم بأدلة نقلية من القرآن والسنة، وإنما اعتمد على العقل أو الأدلة العقلية في محاورة الفلاسفة؛ لأنهم بنوا المقدمات على تلك القواعد، فكان لابد ليُسمح لأبي حامد الغزالي أن يناقش نتائج الفلسفة هو أن يحاكمهم إلى قواعدهم. والمنهج نفسه سلكه ابن تيمية (ت728هـ) حينما رد على المناطقة. وهذا سلوك مقرر عند حكماء العالم.
فكان يجب على هذا العلماني الحداثي -إن أراد محاورة الفقهاء- أن يتسلح بالأصول الشرعية والقواعد الفقهية، ثم يرد ويعقب ويخطئ بناء عليها وحسب قانونها كما شاء، ولكن أن يأتي إلى مسألة مبناها على كلام الله وسنة نبيه والإجماع وقواعد شرعية، ورغم ذلك يحاكم الفقهاء بمرجعية غير مرجعيتهم، ثم يقول فيها بعقله كما يحلو له، وأي عقل؟؟ عقل لم يبرح بعدُ جغرافية الجسد في جزئه السفلي، أظن أن وصف الجهل أقل ما يمكن أن يطلق على أمثال هؤلاء.

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M