هذه سياقات “الوثيقة السياسية” لجماعة “العدل والإحسان”

07 فبراير 2024 20:02

هوية بريس- محمد زاوي

قدّمت جماعة العدل والإحسان “وثيقتها السياسية” (6/ 2/ 2024) في سياق خاص دوليا ووطنيا، وداخل الجماعة نفسِها. لا حدث يقع بالصدفة في السياسة، والممارس فيها بالصدفة بعيد كل البعد عن الممارسة السياسية بما هي “تدبير للمصالح”. لا بد من وجود شروط بعينها أنضجت “الوثيقة” داخل الجماعة، ولا بد أنها تخاطب قابلياتٍ ما في الداخل والخارج.

-على المستوى الدولي: نتحدث عن شرطين بارزين:

*الأول عام هو الضربات التي يتلقاها النظام الدولي القديم، وما يفرضه ذلك من إفراز متدرج لنظام دولي جديد لا تتم تبيئته على المستوى الدولي فحسب، وإنما في كل قُطر على حدة، وحسب الشروط الخاصة بكل دولة. هذه التبيئة تأبى الفراغ، وتستمد نجاعتها من نجاعة قابليتها الاجتماعية في هذه الدولة أو تلك.

*الثاني ذو علاقة بحركات الإسلام السياسي، والعدل والإحسان جزء منها. عرفت هذه الحركات انتعاشا إيديولوجيا وسياسيا جديدا تزامنا مع “حرب غزة”، حتى أن بعض المحللين تحدثوا عن تحركات شبيهة بتلك التي عرفتها أحداث 2011. من المفترض إذن أن تستثمر “العدل والإحسان” هذا الشرط للدفع بمبادرتها كما انخرطت أخرى سابقة في شرط “2011”.

-على المستوى الوطني: يمكننا الحديث عن شرطين أيضا:

*الأول يتجلى في الضعف الذي يعرفه الفاعل السياسي المشارك، من أحزاب ونقابات وجمعيات. لا يعني هذا أن الفاعل القديم قد استنفد أغراضه، ولكنه ربما في حاجة إلى “ملتحق جديد” يمنح “الفضاء العمومي” دعما مطلوبا، ليس من موقع “مقاطعة خارج المؤسسات”، بل من موقع “مشاركة مؤسساتية”، أو على الأقل من موقع “مقاطعة تكتيكية” (بتعبير محمد طلابي) تقبل “المشاركة كاستراتيجية” في أفق تفعيلها على المدى المتوسط.

*الثاني له علاقة بالمحاكمات والتحقيقات التي يباشرها القضاء المغربي على خلفية ملفات فساد أصبحت اليوم مثار نقاش لدى الرأي العام. ومعلوم أن ملفات من هذا القبيل تعزز الخطاب السياسي المعارض وتمنح مَطالبَ “مواجهة الفساد” نوعا من الشرعية السياسية. بغض النظر عن مدى واقعية ما تقدمه “العدل والإحسان” في هذا الإطار، إلا أنه قد يجد قابلية لدى الرأي العام في السياق الحالي.

-على المستوى التنظيمي (داخل الجماعة):

لم تعد “العدل والإحسان” تقوى على الانتظار؛ هذا ربما هو الشرط التنظيمي الأكثر اعتبارا لدى قيادة الجماعة ودائرتها السياسية. ربما لا تعلم كيف سيتم تصريف هذا الانتظار، ولكنها تفكر في الخروج منه بأقل الخسائر. التحدي الذي تواجهه الجماعة اليوم، هو التوفيق بين التقدم خطوة إلى الأمام دون التخلي عن رصيد سياسي وإيديولوجي مرجعي. دون ذلك قد تتلاشى الجماعة في شروط قادمة لا تبشر الإسلاميبن بخير على المستوى العالمي، فتحرم هي نفسَها تجربة المشاركة، في زمن قد تكون مشاركتها في مصلحة الوطن!

من جهة أخرى، فقد بنت “العدل والإحسان” خطابها طيلة عشر سنوات الأخيرة، وربما قبل ذلك، على معارضة تجربة إسلامية أخرى هي تجربة حركة “التوحيد والإصلاح”. السؤال المطروح على الجماعة اليوم هو: بأي مبرر ستشارك غير مبرر “التوحيد والإصلاح”؟! بأي مرجعية ستخوض غمار المشاركة السياسية والحزبية غير مرجعية حزب العدالة والتنمية؟!

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M