هل نصلي التراويح خلف إمام عن بعد عبر النقل المباشر بالوسائل الحديثة كالتلفاز؟

19 أبريل 2020 22:57
مصلى التراويح بحي الانبعاث بمدينة سلا.. فضاء إيماني لإحياء ليالي رمضان بالقرآن

هوية بريس – د.رشيد بنكيران

تناقلت وسائل الإعلام المختلفة فتاوى لبعض علماء المغرب أجابوا فيها عن السؤال أعلاه، فكان منهم من أجاز وكان منهم من منع. والمجيزون والمانعون هم مالكية؛ أي يتبعون المذهب المالكي.

وهذا يدل على أن الاختلاف الحاصل بين هؤلاء العلماء ليس في الأدلة الشرعية ومراتبها، وإنما في تخريج الصورة التي هي محل السؤال على ما ورد فيها في المذهب المالكي. يشهد لهذا الأمر:

أن المجيزين قالوا إن هذه الصورة تدخل فيما تناوله علماء المالكية قديما، وعلى رأسهم الإمام مالك رحمه الله، بينما قال المانعون إن هذه الصورة لم يتحدث عنها علماء المالكية ولم يشملها تأصيلهم.

ليس غرضي من هذا المقال أن أصوب قولا وأخطئ آخر، وهذا يقتضي أنني لن أبسط وجهة نظر كلا المختلفين ومستندهما ثم أناقشهما، فأرجح ما يظهر لي ترجيحه، ولكن غرضي من المقال أن أبين بعض الجوانب المتعلقة بالمسألة التي هي مثار اختلاف بين العلماء بلدنا، لكي أساعد المسلم العادي غير المختص في العلوم الشرعية في أخذ موقف سليم وعملي حينما تتضارب الأقوال لديه، ولا شك أن هذا العمل في حد ذاته مقصد شريف، يهتم بالجانب العلمي للمسألة التي يحتاجها عموم الناس، ويقدم لهم منهجية تبعدهم عن تجاذب الآراء المختلفة:

1 ـ المسألة المختلف فيها هي مسألة تدخل في باب العبادات؛ (اقتداء مأموم بإمام في الصلاة)، والتي الأصل فيها التوقيف لا الاجتهاد، واتباع ما نُقل لا إحداث صورة وهيئة جديدة . ولهذا كان كلما أدى المسلم هذه العبادة على الصورة التي وردت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته رضوان الله عليهم أجمعين كان ذلك هو الأولى اختياره وتقديمه على غيره.

2 ـ حينما يكون الاختلاف في مسألة ما بين من يلحقها بالمذهب المالكي مثلا وبمن ينفيها عنه، فالمنطق أو الأصل أن يقف المسلم مع جهة النفي؛ لأنها هي الأسلم له حتى يتفق العلماء عليها. فالصورة المختلف فيها: من صلى مقتديا بإمام عن بعد عبر النقل المباشر بالوسائل الحديثة كالتلفاز ، بينه وبين إمامه مسافة بعيدة جدا ، عدة كيلومترات، هل تشبه ما تحدث عنه علماء المالكية قديما بأن يصلي الرجل في بيته مقتديا بإمام مجاور له يسمع تكبيراته أو لا تشبهها؟ فالأسلم للمسلم أن يقف مع جهة النفي حتى يتفق العلماء على قول فيها.

3 ـ حينما يكون الاختلاف في عبادة ما بين من يقول بمشروعيتها وصحتها وبمن يقول بعدم مشروعيتها وبعدم صحتها، فالموقف السليم هو اختيار عدم المشروعية، لأنه لا تثبت مشروعية عبادة ما إلا بيقين.

4 ـ حينما يكون البديل عن صلاة التراويح في المسجد موجودا ومتيقنا من صحته وسلامته ؛ وهو صلاة المرء في بيته نافلة إماما لنفسه وبأهله، والبديل الآخر ـ وهو أن يصلي وراء إمام عن بعد عبر التلفاز أو ما شابه ـ مختلف فيه ومشكوك في سلامته وصحته، فالمسلم العاقل لا يترك عملا متيقنا به لعمل آخر مشكوك فيه، فلأن يصلي المسلم ركعتين متفق على صحتهما أفضل له من أن يصلي عشر ركعات مشكوك فيها، فلا يترك متيقن به لمشكوك فيه.

الله أعلم

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M