كيف وصل رجال الدين الشيعة للسلطة المطلقة في إيران؟

08 أكتوبر 2015 14:03
كراهية المذهب الشيعي الإمامي للعرب

كيف وصل رجال الدين الشيعة للسلطة المطلقة في إيران؟

هوية بريس – متابعة

الخميس 08 أكتوبر 2015

قام موقع “جنوبية” اللبناني الشيعي، والمعارض لسياسات حزب الله، بنشر تقريرا مطولا عن كيفية وصول رجال الدين الشيعة إلى السلطة في إيران، ومن ثم تحويلهم هذه السلطة إلى سلطة مطلقة.

وقال الموقع، في التقرير الذي أعدته الكاتبة منى فياض، إن “التشيع بدأ مشروعا سياسيا لمواجهة العثمانيين، والسلطة الدينية تتقوى سياسيا بفضل استقلالها المالي وامتيازاتها الاجتماعية، إذ يشكل “ثالوث الدين والمال والسياسة سلاح رجال الدين في إيران للسيطرة على البلاد ووأد أي محاولة تغيير تستهدف السلطة الدينية الحاكمة، التي لم تكن لتصل إلى مثل هذا النفوذ لولا الاستياء العام أولا من قبل الإنكليز ثم من سياسة القاجاريين الذين ساعدوا رجال الدين على الانقلاب عليهم وإحلال آل بهلوي محلهم، لكن سرعان ما انقلبوا أيضا على الشاه، وقادوا الثورة الإسلامية مستغلين سلطتهم الدينية ونفوذهم الاجتماعي والمالي وتأثيرهم السياسي”، على حد قوله.

أما تاريخيا، بحسب التقرير،  يتمتع رجال الدين في إيران، منذ أواخر القرن الثامن عشر، بمكانة هامة تجلّت بالأساس في أدوارهم المؤثّرة على المسرح السياسي، وتوصلوا لأن يتمتعوا باستقلالية إزاء الدولة والمجتمع معا، وصار بإمكان آيات الله أن يفتوا في سائر الأمور، وهذا يعني، في مجتمع إسلامي، أولويّتهم بالنسبة إلى السلطة السياسية، بحسب تعبير فياض.

وأضافت بتقريرها أن هذا ما جعل البعض مثل بيار جان لويزار يذهب في كتابه “التاريخ السياسي للإكليروس الشيعي” إلى اعتبار رجال الدين الشيعة “إكليروسا” لاستقلاليتهم عن الدولة وأجهزتها وللتنظيم والتراتبية التي يخضعون لها.

أما كيف توصلوا إلى لعب هذا الدور، فربما يعود ذلك في جزء منه إلى السياسة التي اتبعتها الدولة العثمانية التي لم تعترف بالشيعة كطائفة؛ ما سمح لرجال الدين بالقيام بتدبير أمور تابعي المذهب الشيعي بشكل مستقل عن هذه الدولة في الولايات الخاضعة لها بسبب إهمالها لهم وعدم الاعتراف بهم، لكن الجزء الآخر الأهم يعود إلى خصوصية نشأة الدولة الصفوية وتطورها.

وأشارت الكاتبة إلى أن جزءا من النخب كان قد تلقى دروسه في الجامعات الألمانية، حيث خالط اليسار الماركسي، ما أدى ببعض المثقفين إلى الاندماج المفاجئ بين التيارين الشيعي والثوري الماركسي، موضحة أن أشهر مثال على ذلك هو علي شريعتي، الذي دعا للعودة إلى الجذور الشيعية، ليظهر كم أن هذا التيار يشكل قوة ثورية قادرة على التأثير، بانتظار عودة الإمام الغائب.

واعتبرت فياض أن هذه “الأطروحة المبتكرة لقيت اهتماما بالغا في أوساط المثقفين الإيرانيين. حتى لو بقيت الثورة على مسافة من علي شريعتي الذي توفي قبل انتصارها، فإن التلاقي الضمني بين هذين التيارين راح يعبئ القسم الأكثر تطورا من الرأي العام الإيراني”.

كان شريعتي يميز بين شيعيتين: شيعة الدولة الصفوية -مع رجال دين فاسدين وغير نافعين- وشيعة علي صهر النبي، التي تجسد في جوهرها الصراع من أجل العدالة والحقيقة، ففي قلب القرن العشرين، الذي يتلقى الأفكار التقدمية والعالمثالثية، تبدو الشيعية كأنها قوة استلهام وتغيير وثورة ورفض للنظام القائم. وللأسف هذا ما جيّره رجال الدين لمصلحتهم، بحسب تعبير الموقع.

وعلى الصعيد السياسي، أوضحت الكاتبة أن السنوات التي سبقت 1979 تميزت بالاضطرابات الأكثر أهمية، فكان رجال الدين لا يشاركون فيها في الاعتراض السياسي فحسب، بل كانوا مصممين على أن يكونوا رأس حربة بسبب قدرتهم على التعبئة التي تفوق قدرة سواهم في الأحزاب، ولم تبق الشيعية الإيرانية مجرد سلطة مضادة ظهرت في القرن التاسع عشر، بل صارت في قمة السلطة، وسرعان ما أصبحت السلطة المطلقة.

واعتبرت فياض أنه “للمرة الأولى في التاريخ أصبحت الشيعية في إيران دين دولة، ورجال الدين الشيعة، الواثقون من سلطتهم وأهمية رسالتهم، سيستولون على دولة مهمة ويحكمون مجتمعا أكثريته شيعة، وهذا لم يحصل أبدا في الماضي”، مشيرة إلى أن ذلك جعلهم “يحلمون باستعادة الأمجاد الغابرة للامبراطورية الفارسية، عبر استغلال بعض الشيعة العرب وعسكرتهم من أجل اختراق النسيج العربي والهوية العربية عبرهم وخوضها الحروب ضد الدول العربية بالواسطة وتحت مظلة مناصرة المظلومين ومقاومة إسرائيل”.

واستدركت الكاتبة أنه “كما سبق لشريعتي أن ميز بين شيعتين واحدة فاسدة وأخرى خيرة، كذلك يفعل المفكر الإيراني عبدالكريم سروش الذي يجد أن الدين أسوأ أداة للشخص السيئ لأنه يصبح قادرا على ارتكاب أسوأ الأمور باسم الدين، فيكون بوسعه أن يقتل، وأن يعذّب، وأن يمارس الإرهاب، وكله باسم الله”، ذلك أنه مع الدين، بحسب سروش، يمكن لإنسان طيب أن يصبح أفضل في حين أن الشخص السيئ يصبح أسوأ، مشبها إياه بالخمر “الذي يعرّي الإنسان، ويدل وجود خمر في الجنة أن الخمر الموجود في مكانه المناسب يمكنه أن ينجز أعمالا بنّاءة”، بحسب قوله.

واختتمت فياض تقريبها بالقول: “لكن إيران لم تنتبه إلى أن الاحتقان العربي الذي تسببت فيه سينفجر بوجهها حروبا مكشوفة ولن تؤدي أفعالها إلا إلى المزيد من العنف قبل أن تنكفئ إلى حدودها الطبيعية”، وفقا للمفكرة.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M