انتفاضة فلسطينية ثالثة.. ماذا يعني ذلك؟

12 أكتوبر 2015 19:01
انتفاضة فلسطينية ثالثة.. ماذا يعني ذلك؟

انتفاضة فلسطينية ثالثة.. ماذا يعني ذلك؟

هوية بريس – أحمد عمرو*

الإثنين 12 أكتوبر 2015

كانت الانتهاكات “الإسرائيلية” ضد المقدسات الإسلامية والأقصى الشريف تثير الحمية ليس فقط عند الشعب الفلسطيني بل كافة الشعوب الإسلامية فكانت المظاهرات تجوب شوارع مصر وسوريا وتونس والجزائر بل وباكستان وغيرها من الدول الإسلامية دفاعًا عن الأقصى، وتضامنًا مع إخوتهم الفلسطينيين.

ظن “الإسرائيليون” أن الأزمات التي تمر بها المنطقة فرصة مواتية تسمح لهم بتنفيذ مخططاتهم الخبيثة تجاه مدينة القدس والمسجد الأقصى الشريف، فالحالة السياسية في كثير من العواصم العربية تجعل شعوبها في شُغل عما يحدث في الساحة الفلسطينية، والأنظمة العربية هي الأخرى في أزمة صراع، والمنطقة العربية بجملتها على برميل وقود الصراعات العسكرية هكذا الحال في سوريا وليبيا واليمن والعراق وإضافة إلى الاتفاقية النووية النفوذ إيران يشتد.

كل تلك التداعيات في المنطقة أسالت لعاب النظام الإسرائيلي، في تحقيق طموحاته تجاه القدس الشريف، فجاءت محاولات الاعتداء على المسجد الأقصى بمثابة عملية جس نبض للشارع الفلسطيني، لم يكن يتوقع “الإسرائليون” أن تكون ردة فعل الفلسطنيين بهذه السرعة وهذه القوة.

ما معنى انتفاضة السكاكين:

الانتفاضة هي هبة شعبية عفوية، ومعنى ذلك أن لا أحد يتوقع مسارها ولا قوتها ولا يمكن بحال إيقافها بسهولة.

وإن أضفنا السكاكين لتلك الانتفاضة أصبح الأمر أشبه بكابوس للإسرائليين، فإذا كانت الانتفاضة الأولى والتي أقضت مضاجع اليهود في فلسطين قد سميت بانتفاضة الحجارة، فما بالنا إذا استخدم الفلسطنيون هذه المرة السكاكين بدلا من الحجارة، مع الأخذ في الاعتبار أننا نتعامل مع قوم وصفهم الله (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون).

ولنعلم كيف هي حالة الرعب التي أصابت اليهود في فلسطين فقد تلقت غرفة العمليات الإسرائيلية أكثر من 24 ألف بلاغ عن شخص أو حقيبة اشتباه، هذا في يوم واحد فقط، إضافة إلى آلاف البلاغات التي تطالب بإرسال حماية شرطية لهم لتمكينهم من مزاولة أعمالهم وفتح محالهم. وهذا يؤشر إلى أي مدى بلغت حالة الرعب في الشارع “الإسرئيلي”.

وكان نتنياهو قد أصدر قرارًا يمنع وزراء حكومته وأعضاء الكنيست الإسرائيلي اليهود والعرب من  دخول الحرم القدسي وباحات المسجد الأقصى لمنع التصعيد والتوتر ولتهدئة الأوضاع الحالية، وأجبر  كذلك على تعطيل بناء مبنى حكومي بجانب حائط البراق خشية اشتعال الموقف.

إن الانتفاضة الأولى انطلقت في 1987 واتسمت بقيام شباب فلسطينيين برمي القوات الإسرائيلية بالحجارة، ورد الإسرائيليون بالرصاص. توقفت وتلاشت في أعقاب اتفاقات أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإنشاء السلطة الفلسطينية وانسحاب إسرائيل من الضفة الغربية، لكن الظروف سرعان ما أصبحت مواتية لانطلاق الانتفاضة الثانية في 2000. الانتفاضة الثانية عرفت باسم انتفاضة الأقصى، وانطلقت في أعقاب انتهاك رئيس الوزراء “الإسرائيلي” الأسبق أرييل شارون حرمة المسجد الأقصى من خلال زيارته مع عدد كبير من الجنود.

أما تلك الانتفاضة  “حسب ما أرى فإن الانتفاضة الثالثة قد انطلقت، ما يجري للأقصى هو ما يجري لمقدساتنا ومسرى نبينا، وما يجري لنساء الأقصى هو ما يجري لأمهاتنا وأخواتنا، فلا أظن أنّا شعب يرضى بالذل، الشعب سينتفض، بل ينتفض”.

هذا ما كتبه الفتى الفلسطيني  مهند حلبي البالغ عمره 19 عامًا على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك قبل يوم واحد من تنفيذه عملية طعن لأربعة مستوطنين في البلدة القديمة بالقدس، ، والتي خلفت اثنين منهم قتلى بينهما حاخام في الجيش الإسرائيلي فيما أصيب آخريّن،  ليستشهد الفتى بعد قيام القوات الخاصة التابعة لحرس الحدود “الإسرائيلي” بإطلاق الرصاص عليه. وهذا بالضبط عكس مقصود اتفاقية الفلسطيني الجديد أو ما اصطلح على تسميتها اتفاقية أوسلو.

الفلسطيني الجديد:

لقد كان الهدف من اتفاقية أوسلو التي أعقبت الانتفاضة الأولى هو التحسب لمثل هذه الانتفاضات ليس بالمواجهات العسكرية والأمنية وحدها بل بخلخلة البنى القيمية والاجتماعية والسياسية للفلسطيني خاصة في الضفة الغربية، ليكون الهدف هو الفلسطيني الذي يسعى فقط من أجل تأمين لقمة العيش لأطفاله وعائلته وهو يسعى للعيش في أمان أيا كانت الظروف، وهو لا يبالي كثيرا بانتهاكات الحرمات، أو محاولات الاستيلاء على القدس الشريف.

 يقول دايتون في خطابه الذي ألقاه في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط عام 2009. وهو يستعرض مهمته في صناعة جيل أمني فلسطيني جديد، لا يمكن أن يكون مبعث تهديد “لإسرائيل”، ما فعلناه هو بناء رجال جدد”، مقتبسا في خطابه الشهير ذاك كلمات ضابط فلسطيني كبير خاطب أفراد الأجهزة في حفل تخريج أمني: “لستم هنا لتتعلموا كيف تقاتلون إسرائيل”. وهو ما عقّب عليه ديتون في حينه بالقول: “جعل هذا التغيّر ضباطاً في الجيش الإسرائيلي يسألونني: كم من هؤلاء الرجال الجدد تستطيع أن تصنع؟”.

يكمل دايتون.. يا للروعة. حدثت تظاهرات كبيرة ضد غزو غزة بالطبع، لكنها في معظمها كانت سلمية. ولم تخرج عن نطاق  السيطرة، وطبق رجال الشرطة والدرك ما تدربوا عليه في الأردن، وبخلاف الأحداث الماضية لم يقتل أي فلسطيني في الضفة الغربية خلال الأسابيع الثلاثة من الوجود الإسرائيلي على أرض غزة. هذا أمر جيد جداً1.

هذا هو الفلسطيني الجديد الذي يسعى دايتون إلى تشجيعه وزرعه داخل المجتمع الفلسطيني ويحاول رصده داخل المجتمع ويبشر به المجتمع الدولي.

يعني ذلك:

إن الأمة لا تموت وأن كل محاولات طمس الهوية مآلها للفشل في النهاية.

إن اليهود وإن طال بهم المقام في أرضنا فهم في قرارة أنفسهم يعلمون أن مقامهم لن يطول فمع كل هبة فلسطينية تتسارع معدلات سفر اليهود خارج فلسطين.

الشباب هم أمل الأمة فجل من قام بالعمليات الأخيرة ضد اليهود وجل من استشهد لا تتجاوز أعمارهم العقد الثاني.

إن قدر لتلك الانتفاضة من الاستمرار وعدم الانطفاء سريعا فسيكون لها تداعياتها ليس على المستوى الفسلطيني فقط بل على مجمل الوضع الإقليمي برمته.

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مدير وحدة الحركات الإسلامية بالمركز العربي للدراسات الإنسانية.

1- لمراجعة خطاب دايتون كاملا وهو خطاب مهم لفهم محاولات الغرب في طمس الهوية الفلسطينية، على موقع وكالة فلسطين اليوم، اضغط هنا.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M